ما حجم النجوم النيوترونية ؟ هذه النجوم المنهارة فائقة الكثافة صغيرة نسبيًا مقارنةً بالأجرام النجمية. ورغم أن كتلتها تماثل كتلة نجم، يماثل حجمها حجم مدينة متوسطة أو كبيرة.
لسنوات، ذهب علماء الفلك إلى أن نصف قطر النجوم النيوترونية يتراوح بين 19 و27 كيلومتر، وهذا تقدير دقيق نظرًا إلى بُعد النجوم النيوترونية وخصائصها، لكن العلماء ما زالوا يحاولون جعل قياساتهم أدق.
استخدم فريق من الباحثين بيانات العديد من التلسكوبات والمراصد، وعمل أعضاء معهد ماكس بلانك لفيزياء الجاذبية ومعهد أينشتاين (AEI) للحصول على المزيد من الدقة لتقديرات أحجام النجوم النيوترونية.
قال بدري كريشنان قائد فريق البحث: «وجدنا أن النجم النيوتروني النموذجي البالغ كتلته 1.4 مثل كتلة شمسنا، يبلغ نصف قطره نحو 11 كيلومتر. تُقدر نتائجنا نصف القطر بين 10.4 و11.9 كيلومتر».
إنه موضوع شيق للدراسة، خاصةً بعد رصد موجات الجاذبية الناتجة من اندماج النجم النيوتروني الثنائي (GW170817) سنة 2017، باستخدام مرصد موجات الجاذبية التداخلي بالليزر (LIGO) ومرصد فيرجو.
دُرس هذا الجرم مرارًا بواسطة عدة تلسكوبات، بما في ذلك القمر الصناعي (فيرمي) وتلسكوب هابل الفضائي وسواهما، ما أمد فريق (ماكس بلانك) بثروة من البيانات للعمل عليها.
قال كولين كابانو المؤلف الرئيس للورقة البحثية: «تمثل اندماجات النجوم النيوترونية الثنائية كنزًا من المعلومات. تحتوي النجوم النيوترونية المادة الأكثف في الكون المرئي، وبدراسة خصائص هذه الأجرام، نتعلم عن الفيزياء الأساسية التي تتحكم في المادة على المستوى دون الذري».
تتشكل النجوم النيوترونية عندما ينفد وقود النجم، فتنهار نواته ساحقةً البروتونات والإلكترونات إلى نيوترونات، وإذا كانت كتلة نواة النجم المنهار 1-3 مثل كتلة شمسنا، توقف النيوترونات الناتجة الانهيار، مخلفةً نجمًا نيوترونيًا.
أما النجوم الأكبر فتواصل الانهيار متحولةً إلى ثقوب سوداء ذات كتل نجمية. يخلق الانهيار في حالة النجم النيوتروني أكثف الأجسام المعروفة، إذ ينسحق نجم بحجم الشمس إلى جرم بحجم مدينة. لدرجة أن مكعب سكر من مادة النجم النيوتروني يزن نحو مليار طن، أي مثل كتلة جبل إفرست.
لكن نظرًا إلى تنوع أحجام النجوم، فهل تتنوع أحجام النجوم النيوترونية أيضًا؟ إن نصف القطر المذكور في الدراسة هو لنجم نيوتروني كتلته تعادل 1.4 مثل كتلة شمسنا. يقول كابانو: «تُستخدم هذه الكتلة المعيارية عادةً في الدراسات، لأن أكثر النجوم النيوترونية التي رُصدت في أنظمة ثنائية لها كتلة قريبة. يُستخدم النجم (GW170817) في تقدير حجم النجم النيوتروني بـ1.4 كتلة شمسية، لأننا نتوقع أن تتكون أكثر النجوم النيوترونية من نفس المواد».
يوضح كابانو أنه في حالة النجوم العادية، تعتمد العلاقة بين كتلتها وحجمها على عدة عوامل، منها العنصر المندمج في نواة النجم. أما النجوم النيوترونية فهي هائلة الكثافة إلى درجة عدم وجود ذرات منفصلة، إذ يتكون النجم النيوتروني أساسًا من نواة ذرية واحدة عملاقة تتكون من نيوترونات متراصة بإحكام.
لهذا لا يمكن اعتبار أن النجوم النيوترونية تتكون من عناصر مختلفة محتملة. في الواقع لا وجود لأي عناصر في مثل هذه الكثافة الهائلة، إذ يرتبط مفهوم العنصر بعدد البروتونات الموجودة في ذراته.
يشير كابانو إلى أن جميع النيوترونات تتكون من نفس الأشياء (الكواركات، التي تربطها الغلونات)، ما دفع علماء الفلك إلى التفكير في إمكانية إيجاد علاقة بين الكتلة والحجم تنطبق على جميع النجوم النيوترونية. لذلك عندما نقدر الحجم المحتمل لنجم نيوتروني بـ1.4 كتلة شمسية، فإننا نحدد القوانين الفيزيائية المحتملة الخاصة بالعالم دون الذري.
يوضح الفريق في ورقته البحثية إمكانية تطبيق النتائج في دراسة أجرام فلكية أخرى، مثل النجوم النابضة والمغناطيسية، وعلى طريقة انبعاث موجات الجاذبية لفهم تفاصيل تكونها.
وقالت ستيفاني براون المؤلفة المشاركة في البحث: «هذه النتائج مثيرة للاهتمام، لا لأنها تمكننا من زيادة دقة تقدير أحجام النجوم النيوترونية فحسب، بل لأنها تعطينا لمحة على المصير النهائي للنجوم النيوترونية عند الاندماج أيضًا».
اقرأ أيضًا:
موجات الجاذبية – بماذا أفادنا اكتشاف أمواج الجاذبية ؟
ترجمة: أسامة خليفي
تدقيق: أنس شيخ
مراجعة: أكرم محيي الدين