شهد العام 2019 أحداثًا اقتصادية مختلفة التأثير على قطاعات كبيرة،قد يكون أبرز ما شهده هذا العام الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية للنفط، والحرب التجارية بين أمريكا والصين، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وطلاق أغنى رجل في العالم جيف بيزوس واستحواذ زوجته على جزء من ثروته البالغة 157 مليار دولار، والعقوبات الأمريكية على عملاق الهواتف الصيني هاواوي. يستعرض هذا المقال قليلًا من هذه الأحداث بالتفصيل.
الطرح العام الأولي لشركة أرامكو
أعلنت شركة أرامكو السعودية طرحًا عامًّا أوليًّا لأسهمها للأفراد بنطاق سعري 30-32 ريال سعودي (8-8.5 دولار) مع إعطاء أولوية للمستثمر السعودي.
قالت أرامكو في بيان إن سعر الطرح العام الأولي هو ذروة نطاقه الاسترشادي الذي يتراوح بين 30 و32 ريالًا للسهم، ما يعني أن حجم الصفقة سيبلغ 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار تقريبًا) بافتراض عدم اتخاذ خيار التخصيص الإضافي، وستصل القيمة الإجمالية للاكتتاب في الطرح العام الأولي لأرامكو إلى 110.4 مليار ريال سعودي (نحو 29.4 مليار دولار) بافتراض اتخاذ خيار التخصيص الإضافي.
عند ذلك المستوى، تبلغ القيمة السوقية لأرامكو 1.7 تريليون دولار، ما يجعلها تتخطي أبل بفارق مريح؛ فتصبح أكبر شركة مدرجة في العالم من ناحية القيمة، إذ بلغ الطلب من المستثمرين من المؤسسات -بما في ذلك صناديق سعودية وشركات- 106 مليار دولار، بينما بلغت قيمة طلب استثمارات الأفراد 12.6 مليار دولار، واشترى ما يقارب 4.9 مليون من المستثمرين السعوديين الأفراد أسهمًا في الشركة، بينهم 2.3 مليون في الفئة العمرية بين 31 و45 عامًا.
الحرب التجارية بين أمريكا والصين
أدى النزاع، الذي استمر مدة 18 شهرًا بين الولايات المتحدة والصين، إلى فرض كل طرف على بضائع بقيمة مليارات الدولارات للآخر تعريفةً جمركية معينة.
اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصين مرارًا وتكرارًا بالممارسة التجارية غير النزيهة وسرقة الملكية الفكرية، بينما في الصين ثمة تصور أن الولايات المتحدة تحاول كبح الصين من الظهور بصفتها قوة اقتصادية عالمية.
ما تزال المفاوضات بين الجانبين مستمرة، لكنها أثبتت صعوبة التوصل إلى اتفاق شامل. في ديسمبر، أعلن الجانبان التوصل إلى اتفاق مبدئي لكن الكثير من القضايا الشائكة ما تزال دون حل.
فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -حتى الآن- تعريفات جمركية على بضائع صينية تُقدر بنحو 360 مليار دولار، ومن ناحية أخرى ردّت الصين بفرض تعريفات جمركية على بضائع أمريكية بقيمة 110 مليار دولار.
أدت -ما يُطلق عليها- «المرحلة الأولى» المُتفق عليها في ديسمبر إلى تخفيض التعريفات الجمركية الأمريكية مقابل شراء الصين المزيد من المنتجات الأمريكية، وحماية أفضل للملكية الفكرية.
على أي حال، لم يُوقَّع على الصفقة بعد، وما تزال التعريفة الجمركية البالغة 25% على البضائع الصينية سارية المفعول. ومع ذلك، ستخفض الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على بضائع صينية بقيمة 120 مليار دولار إلى قيمة تبلغ 7.5%. إضافةً إلى ذلك، أوقفت الولايات المتحدة جولةً من التعريفات الجمركية كانت ستضرب قطاعات الهواتف والألبسة والألعاب الصينية بشدة.
البريكسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)
يشير قرار المملكة المتحدة الصادر في حزيران 2016 القاضي بمغادرة الاتحاد الأوروبي –بريكسيت– إلى كلمتي British وExit، ما يؤثر سلبيًّا على اقتصادها. إذ يبين أحد الأبحاث الصادرة عن مركز الإصلاحات الأوروبي أن التصويت على قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي سيكلف التمويل العام للمملكة المتحدة خسارة 17 مليار جنيه إسترليني سنويًّا أو 320 مليون جنيه إسترليني أسبوعيًّا بحلول أيلول 2018.
وصرح نائب مدير المركز جون سبرينغفورد بهذا الخصوص: «إن القرار البريطاني القاضي بمغادرة الاتحاد الأوروبي سيدمّر النمو؛ ويعود هذا لارتفاع التضخم وانخفاض الاستثمار في مجال الأعمال،فقد سجلت المملكة المتحدة انخفاضًا ملحوظًا فيما يتعلق بالنمو بين نظيراتها من الاقتصاديات المتقدمة لعام 2017 وبداية 2018، إذ إن كلفة القرار حتى الآن كبيرة إن لم نقل إنها كارثية».
توقع صندوق النقد الدولي سنة 2018 نموًّا بنسبة 1.50% للاقتصاد البريطاني لعامي 2018 و2019 أي أدنى من نسبة النمو المسجلة لعامي 2016 و2017 البالغة 1.75%. ولاحظ صندوق النقد الدولي أن العامل المسبب لهذا التباطؤ هو تأثيرات تتعلق بالبريكزيت، وأضعفت هذه التأثيرات أيضًا -وفق ما لاحظه مكتب مسؤولية الموازنة- الاستثمار ونمو الدخل والاستهلاك.
دعا رئيس الوزراء المكلف بوريس جونسون إلى انتخابات برلمانية مبكرة لتحديد الكتلة الأكبر في البرلمان (القادرة على تشكيل حكومة)، ففازت كتلة حزب المحافظين -المؤيدة لبريكسيت- على منافستها كتلة حزب العمال -المعارضة للبريكسيت-؛ ما جعل البريكزيت حتميًّا؛ وبهذا ستخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
العقوبات الأمريكية على شركة هاواوي الصينية
تصارع شركة هاواوي الصينية لاستبدال تطبيقات نظيرتها جوجل على هواتفها المحمولة بعد تعرضها لحزمة عقوبات أمريكية، إذ أقر مسؤولو الشركة بصعوبة المهمة معترفين أن الشركة ستحتاج سنوات قبل تطوير بدائل خاصة بها.
صرّح مسؤولون تنفيذيون في الشركة لصحيفة فاينانشال تايمز أن الشركة تضررت جرّاء إقرار الولايات المتحدة حظر استيراد هواتفها في خضم الحرب التجارية الشاملة بين بكين وواشنطن، وقال مسؤول تنفيذي كبير في فرع الشركة في الولايات المتحدة إن الشركة تمكنت من إيجاد بدائل لأغلب التجهيزات المستخدمة التي تشتريها من الولايات المتحدة، ولكن الأمر لا ينطبق على الخدمات الحاسوبية التي تشتريها من جوجل.
رغم العقوبات فقد نمت مبيعات هاواوي، إذ أعلنت الشركة أن مبيعاتها تخطت 27% من مبيعات السنة الماضية.
يمكن لمستخدمي هواتف هاواوي الحاليين الوصول إلى الخدمات التي توفرها جوجل بما في ذلك جوجل بلاي ستور وجوجل مابس وغيرها من التطبيقات؛ وذلك بسبب استثناء مؤقت من العقوبات حتى يتمكن الموردون الأمريكيون من الاستمرار بتقديم الخدمات للأجهزة الحالية.
طلاق جيف بيزوس وخسارته جزءًا من ثروته
يُعَد جيف بيزوس المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أمازون العملاقة، وهو أغنى رجل في العالم بصافي ثروة يُقدر بنحو 157 مليار دولار، ولكن هذا الرقم انخفض بشكل واضح بعد طلاقه من زوجته مكانزي بيزوس التي نالت ما يُقارب 38 مليار دولار بسبب شرط موجود في عقد الزواج يتيح لها الحصول على ذلك المبلغ إذا انتهى المطاف بهما إلى الطلاق.
وقع قاضٍ في مقاطعة كينغ في العاصمة واشنطن على قرار يُضفي الطابع الرسمي على طلاق الزوجين بعد 25 عامًا من الزواج. ينتقل بموجب هذا القرار ما يُقدر بنحو 19.7 مليون سهم من أسهم شركة أمازون إلى اسم مكانزي.
تُقدر قيمة هذه الحصة المنتقلة إلى اسم مكانزي بنحو 38.3 مليار دولار، ما يضعها في المرتبة الثانية والعشرين على مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات من بين 500 أغنى شخص في العالم. ما يزال جيف بيزوس محافظًا على 12% من أسهم أمازون البالغة قيمتها 114.8 مليار دولار، وما يزال الرجل الأغنى في العالم.
من جهتها قالت مكانزي في تغريدة لها على موقع تويتر إنها تخلت عن كامل حصتها في صحيفة واشنطن بوست وشركة استكشاف الفضاء بلو أوريجين لزوجها جيف بيزوس، ووقعت مكانزي على تعهد للتبرع -في شهر مايو- بنصف ثروتها للأعمال الخيرية.
اقرأ أيضًا:
رأس المال البشري: كيف ينظر أصحاب العمل إلى ما يمتلكه الموظفون من خبرات؟
مجموعة السبع G-7: ما المقصود بها؟ وما دورها في الاقتصاد العالمي؟
تدقيق: عون حداد
مراجعة: تسنيم الطيبي