يتضمن رأس المال البشري كل ما هو غير ملموس من أصول وقيم لا تُضاف إلى قائمة ميزان المدفوعات بالشركة، ويمكن تصنيفها بأنها القيمة الاقتصادية لخبرة الموظفين ومهاراتهم، وتشمل هذه الأصول التعليم والتدريب والذكاء والمهارات والصحة والقيم الأخرى التي يقدرها أصحاب العمل مثل ولاء الموظفين وانضباطهم.
يوضح مبدأ رأس المال البشريّ اختلاف مستوى العمالة إذ يستطيع أصحاب العمل تحسين مستوى رأس المال من خلال الاستثمار في الموظفين وتحسين تعليمهم وتنمية خبراتهم وقدراتهم، ولكل ذلك أثر في القيمة الاقتصادية من وجهة نظر أصحاب العمل والشركة بأكملها.
يعد رأس المال البشريّ مهمًا لأنه ينعكس بشكل ملموس على إنتاجية الشركة وقابليتها للربح، وكلما استثمرت الشركة بموظفيها زادت قدرتها على رفع إنتاجيتها وقابليتها للربح.
مفهوم رأس المال البشري
يُقدر نجاح المؤسسات بمدى كفاءة العاملين فيها، فالمديرون والموظفون والقادة الذين يشكلون رأس المال البشريّ للمؤسسة هم العوامل الحاسمة لنجاحها.
يدير قسم الموارد البشرية كل ما يخص رأس المال البشريّ داخل المؤسسة، ويشرف على استقطاب القوى العاملة وإدارتها وتحقيق أقصى استفادة منها. وتتمثل توجيهات القسم الأخرى في أساليب التخطيط الاستراتيجي وتعيين الموظفين وتدريبهم وتنمية قدراتهم ثم إعداد التقارير والتحليلات.
يميل رأس المال البشري إلى الهجرة ولهذا السبب هناك انتقال من المناطق النامية والأرياف إلى المناطق الأكثر تطورًا ومدنية، وأطلق بعض الاقتصاديين على هذه الظاهرة -التي تزيد فقر الأماكن الفقيرة وغنى الأماكن الغنية- اسم هجرة العقول.
حساب رأس المال البشري
يسهل حساب رأس المال البشريّ لأنه يعتمد على الاستثمار في تنمية مهارات الموظفين ومعرفتهم من خلال التعليم، ويمكن لمديري قسم الموارد البشرية حساب إجمالي الأرباح قبل وبعد إجراء أيٍّ من هذه الاستثمارات.
بشكل عام، يمكن حساب العائد من الاستثمار في رأس المال البشريّ عن طريق قسمة إجمالي أرباح الشركة على إجمالي استثماراتها في رأس المال البشريّ .
مثلًا، إذا استثمرت شركة ما مليوني دولار في رأس المال البشريّ وكان إجمالي أرباحها 15 مليون دولار، يمكن للمدراء مقارنة العائد من الاستثمار في رأس المال البشريّ في سنة معينة بالسنوات السابقة لمعرفة كيفية تحسن الربح وفيما إذا كان له علاقة بالاستثمار في رأس المال البشري أو لا.
اعتبارات خاصة
العلاقة بين رأس المال البشري والنمو الاقتصادي
توجد علاقة قوية بين الاستثمار في رأس المال البشريّ والنمو الاقتصادي، لأن للموظفين مهارات ومعارف متنوعة، وهذا ما يدفع الشركة إلى الأمام حتمًا، ويمكن قياس قوة هذه العلاقة بكمية الاستثمارات التي تدعم تعليم الموظفين.
تؤمن بعض الحكومات بأهمية هذه العلاقة التي تعود بالنفع على الاقتصاد، لذلك توفر التعليم المجاني أو بتكلفة قليلة، فكلما ارتفع مستوى تعليم الموظف ازداد راتبه وبالتالي قدرته على الإنفاق.
هل يوجد اهتلاك لرأس المال البشري؟
لا يُستثنى رأس المال البشري من الاهتلاك، شأنه شأن أي أصل آخر، ويُقاس ذلك بالرواتب التي يأخذها الموظفون وإمكانية بقائهم في عملهم. ومن أكثر الطرق شيوعًا لاهتلاك رأس المال البشريّ: البطالة أو الإصابات أو تراجع القدرات الذهنية وعدم القدرة على مواكبة كل ما هو جديد.
على سبيل المثال، إذا كان الموظف يمتلك مهارة معينة ولكنه قضى وقتًا طويلًا دون عمل، فلن يستطيع غالبًا أن يحافظ على مستواه بهذه المهارة، ويمكن ألا تكون مطلوبة عندما يحاول دخول سوق العمل.
بنفس الطريقة، يكون رأس المال البشري موضع اهتلاك إذا لم يستطع أو لم يرغب الموظف بالتأقلم مع التقنيات الحديثة.
تاريخ مختصر لرأس المال البشري
تعود فكرة رأس المال البشري إلى القرن الثامن عشر إذ أشار له آدم سميث في كتابه «بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم»، وفيه وضح مفاهيم مثل الثروة والمعرفة والتدريب والمواهب والخبرات بالنسبة للأمم، ورأى أن تحسين رأس المال البشريّ ودعمه بالتدريب والتعليم يخلق مؤسسة أكثر ربحيةً، ويعود ذلك بالأرباح على المجتمع، وبذلك تعم الفائدة على الجميع.
في الآونة الأخيرة، استُخدم مصطلح رأس المال البشريّ لوصف العمالة المطلوبة لإنتاج السلع المصنعة يدويًا، ولكن استخدمه العديد من علماء الاقتصاد مثل جاري بيكر وثيودر شولتز في ستينيات القرن العشرين للتعبير عن قيمة القدرات البشرية.
يرى شولتز أن رأس المال البشري مهم كباقي أشكال رأس المال في تحسين مستوى الإنتاج وجودته، لذلك يتطلب الاستثمار في تعليم الموظفين وتدريبهم لزيادة الاستفادة من قدراتهم ومهاراتهم.
لكن لم يتفق جميع علماء الاقتصاد على ذلك، فوفقًا لريتشارد فريمان -الخبير الاقتصادي بجامعة هارفارد- يشير رأس المال البشري إلى الموهبة والقدرة، ويجب على مديري الشركات تحفيز الموظفين وتدريبهم تمامًا مثل الاستثمار في الآلات والمعدات لتحقق أعلى إنتاجية، واستنتج أن رأس المال البشريّ لا يمثل عاملًا للإنتاج.
نقد نظريات رأس المال البشري
تعرضت هذه النظرية للكثير من الانتقادات من الذين يعملون في مجال التعليم والتدريب، ولاقت هجومًا في ستينيات القرن العشرين لأنها شرعت الفردية البرجوازية معبرة بذلك عن الأنانية والاستغلالية، وشملت الطبقة البرجوازية الطبقة الوسطى من الشعب والتي تُعرف باستغلالها للطبقة العاملة. يُعتقد أن نظرية رأس المال البشري تلوم الناس على أي خلل يحدث في النظام وأنها تجعل من العاملين رأسماليين.
اقرأ أيضًا:
المؤشر الاقتصادي والتنبؤ باقتصاديات السوق
ترجمة: شولميث أبانوب
تدقيق: محمد حسان عجك