التخليق النووي النجمي هو عملية تكوين العناصر ضمن النجوم من خلال الدمج بين البروتونات و النيوترونات من نوى العناصر الأخف. تألفت في البداية كل الذرات في الكون من الهيدروجين ، وحَول الاندماج داخل النجوم الهيدروجين إلى الهيليوم وحرارة وإشعاع، وتكوِن العناصر الأثقل أنواعًا مختلفةً من النجوم عند خمود تلك النجوم أو انفجارها.
تاريخ النظرية
اقتُرحت فكرة دمج النجوم لذرات العناصر الخفيفة لأول مرة في العشرينيات من القرن الماضي، من قبل (آرثر إدينجتون – Arthur Eddington) والذي دعم آينشتاين بشدة. ومع ذلك، فإن الفضل الحقيقي لتطوير تلك الفكرة إلى نظرية مترابطة منطقيًا يرجع لـِ(فرد هويل – Fred Hoyle) خلال أعقاب الحرب العالمية الثانية.
تضمنت نظرية هويل بعض الاختلافات المهمة مقارنةً بالنظرية الحالية، وأبرزها عدم إيمان هويل بنظرية الانفجار العظيم، بل عوضًا عن ذلك اعتقد أن الهيدروجين أُنتج باستمرار ضمن كوننا. وسميت هذه النظرية البديلة بـِ(نظرية الحالة الثابتة – steady state theory) ولكنها فقدت دعمها وقبولها عند اكتشاف إشعاع الخلفية الميكروية الكونية.
النجوم الأوائل
أبسط أنواع الذرات في الكون هي ذرة الهيدروجين، نظرًا لاحتوائها على بروتون واحد ضمن النواة (ربما مع بعض النيوترونات أيضًا)، مع إلكترونات تدور حول تلك النواة. يُعتقد الآن أن هذه البروتونات قد تشكلت عندما فقدت (بلازما كوارك-غلوون – quark-gluon plasma) هائلة الطاقة، الطاقة الكافية لكي تبدأ الكواركات في الترابط لتشكيل بروتونات -وغيرها من الهادرونات مثل النيوترونات- في الكون المبكر للغاية.
تشكل الهيدروجين فوريًا إلى حد كبير، وحتى الهيليوم (مع نواة تحتوي على بروتونين) تشكل في وقت قصير نسبيًا، وذلك جزء من عملية يشار إليها باسم (التخليق النووي للانفجار العظيم – Big Bang nucleosynthesis).
عندما بدأ تكوين الهيدروجين والهيليوم في الكون المبكر وُجدَت بعض المناطق والتي كان فيها العنصران أكثر كثافةً من بقية المناطق، عندها سادت الجاذبية، وفي نهاية المطاف جُمعت تلك الذرات سويًا ضمن سحب غازية ضخمة في الفضاء مترام الأطراف. وبمجرد أن أصبحت هذه السحب كبيرةً بما يكفي، جُمعت سويًا بواسطة قوة كافية من الجاذبية لتدمج النوى الذرية؛ في عملية تدعى بالاندماج النووي.
إن نتيجة عملية الاندماج هذه هي تشكيل ذرتين من نوع أحادية – البروتون ذرةً واحدةً ثنائية – البروتون. بكلمات أخرى، شكلت ذرتان من الهيدروجين ذرة هيليوم واحدة. الطاقة المنبعثة خلال هذه العملية هي التي تسبب اتقاد الشمس، (أو أي نجم آخر).
يتطلب الأمر 10 ملايين سنة تقريبًا لاحتراق الهيدروجين حتى النهاية، وبعد ذلك ستزداد الحرارة ويبدأ الهيليوم بالاندماج. يستمر التخليق النووي النجمي بتخليق العناصر الأثقل والأثقل حتى يؤول الأمر إلى الحديد.
تخليق العناصر الثقيلة
بعد ذلك يستمر احتراق الهيليوم لإنتاج عناصر أثقل لما يقارب مليون سنة، عمومًا يُدمج الهيليوم ليصبح كربونًا بواسطة (عملية ألفا الثلاثية – triple-alpha process) والتي تُحوَل فيها ثلاث نوى هيليوم – 4(جسيمات ألفا). ثم تجمع عملية ألفا الهيليوم مع الكربون لتكوين عناصر أثقل، ولكن فقط تلك التي تمتلك عددًا زوجيًا من البروتونات.
تُرتَب عمليات الجمع كالآتي:
1. الكربون مع الهيليوم ينتج الأكسجين
2. الأكسجين مع الهيليوم ينتج النيون
3. النيون مع الهيليوم ينتج المغنيسيوم
4. المغنيسيوم مع الهيليوم ينتج السيليكون
5. السيليكون مع الهيليوم ينتج الكبريت
6. الكبريت مع الهيليوم ينتج الآرغون
7. الآرغون مع الهيليوم ينتج الكالسيوم
8. الكالسيوم مع الهيليوم ينتج التيتانيوم
9. التيتانيوم مع الهيليوم ينتج الكروم
10. الكروم مع الهيليوم ينتج الحديد
مسارات الاندماج الأخرى تخلق العناصر ذات الأعداد الفردية من البروتونات، ويحتوي الحديد على نواة مرتبطة بإحكام، لعدم حصول اندماجًا آخر بمجرد الوصول إلى هذه النقطة، فبدون حرارة الاندماج سينهار النجم وينفجر بموجة اصطدام عنيفة.
يشير الفيزيائي (لورانس كراوس – Lawrence Krauss) إلى أن احتراق الكربون إلى أكسجين يستغرق 100,000 عام، وأن احتراق الأكسجين إلى السيليكون يستغرق 10,000 عام، ولكن يومًا واحدًا يُعد كافيًا لكي يحترق السيليكون إلى الحديد، ويعلن عن انهيار النجم.
ونوه عالم الفلك (كارل ساجان – Carl Sagan) في المسلسل التلفزيوني (Cosmos) بقوله: «نحن مصنوعون من موادٍ نجمية». أيد كراوس ذلك، قائلًا: «إن كل ذرة في جسدك كانت يومًا ما موجودةً داخل نجم انفجر… ربما يكون مصدر الذرات في يدك اليسرى نجمًا مختلفًا عن مصدر الذرات في يدك اليمنى؛ وذلك لأن 200 مليون نجم قد انفجر لتكوين الذرات في جسدك».
اقرأ أيضًا:
ترجمة: رولان جعفر
تدقيق: رند عصام