اكتشف علماء الفلك نظامًا ثنائيًا مؤلفًا من قزمين أبيضين يدوران حول بعضهما كل 1201 ثانية، أي 20 دقيقة وثانية، ويملك هذا النظام الثنائي المعروف باسم (J2322+0509) ثالث أقصر فترة معروفة لجميع الأنظمة الثنائية المنفصلة، ويُعَد هدفًا مهمًا لرصد موجات الجاذبية في المستقبل، ما يجعله اكتشافًا مهمًا بحق.
قال المؤلف الرئيس د. وارن براون من مركز هارفارد وسميثسونيان لعلم الفلك: «تتوقع نظريات مختلفة وجود العديد من الأنظمة الثنائية المؤلفة من قزمين أبيضين، يملكان قلبًا مكونًا من الهيليوم، ويُعَد هذا الاكتشاف حجر الأساس لتلك النماذج أو النظريات، وكذلك لإجراء تجارب مستقبلية للعثور على المزيد من هذه النجوم، والتوصل إلى أعدادها الحقيقية».
تصور فني لأول مصدر مؤكد لموجات الجاذبية، يظهر قزمان أبيضان مع قلب من الهيليوم، ويُعَد هذا النظام الثنائي حديث الاكتشاف، وسيتحقق منه هوائي الفضاء ذو مقياس التداخل بالليزر في مهمته القادمة
ستُطلق وكالة الفضاء الأوروبية سنة 2034 هوائي الفضاء ذو مقياس التداخل بالليزر (LISA)، وهو كاشف عملاق لموجات الجاذبية، سيكون في مدار خاص في الفضاء. الغرض من هذا الهوائي هو كشف أحداث مختلفة عمَّا اعتادت المراصد الأرضية الحالية كشفه، ويُتوقع أن يكتشف الكثير من الأقزام البيضاء المدارية.
لهذا السبب يُعَد اكتشاف (J2322+0509) خطوةً مهمة قبل إطلاق هوائي الفضاء ذو مقياس التداخل بالليزر، وأيضًا تُعَد معرفة مواقع الاكتشافات المُتوقعة وخصائصها أمرًا مهمًا جدًا للعمل المستقبلي.
أضاف المؤلف المشارك د. موكرمين كيليك من جامعة أوكلاهوما: «تُعَد الأنظمة ثنائية التحقق مهمة، لأننا نعلم أن هوائي الفضاء ذو مقياس التداخل بالليزر سيرصدهم في غضون أسابيع قليلة من تشغيل التلسكوب. ولا يوجد سوى عدد قليل من مصادر هذا النوع من التلسكوبات اليوم، ويُعَد اكتشاف نموذج لفئة جديدة من الأنظمة ثنائية التحقق تقدمًا مهمًا كما هو متوقع».
عُثر على النظام بفضل عمليات الرصد الخاصة بمرصد غايا التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، الذي يُستخدم لتجميع الخارطة الأشمل للنجوم في درب التبانة. على عكس العديد من الأنظمة الثنائية الأخرى المُكتشفة، لا تمر الأقزام البيضاء أمام بعضها.
قال براون: «يتبين لنا أن الأنظمة الثنائية التي يصعب جدًا اكتشافها قد تكون في الواقع أقوى مصدر لموجات الجاذبية. لقد كان من الصعب اكتشاف هذا النظام الثنائي، لأنه موجَّه لنا وجهًا لوجه بدلًا من أن تكون الحافة موجهة نحونا. في هذا الوضع تصبح موجات الجاذبية الصادرة من هذا النظام الثنائي أقوى بمقدار 2.5 ضعف مما لو كانت حافته موجهة نحونا، مثل الكسوف الثنائي».
ستؤدي موجات الجاذبية المنبعثة من هذه الأجسام إلى زوال النظام في نهاية المطاف، إذ يفقد القزمان الأبيضان قدرًا من الطاقة مع كل انبعاث، وهما يتقاربان في دورانهما. وبعد نحو 6 أو 7 ملايين سنة، سيكون الثنائي قد فقد الكثير من الطاقة، وسيتصادمان ويندمجان ليشكّلا قزمًا أبيض أكبر.
اقرأ أيضًا:
علماء الفلك يكتشفون أول دليل مباشر لتصلب النجوم القزمة البيضاء بشكل كريستال
موجات الجاذبية – بماذا أفادنا اكتشاف أمواج الجاذبية ؟
ترجمة: رولان جعفر
تدقيق: أنس شيخ
مراجعة: أكرم محيي الدين
