تشير دراسة جديدة إلى أنَّ كبار السِّن الذين يمارسون ألعاب حاسوب معينة، تختبر سرعة استجابتهم للمؤثرات البصرية، ينخفض لديهم خطر الإصابة بمرض الخرف بنسبة 29%.
ويَعُدُّ الباحثون هذه النتائج مشجِّعةً مع الحاجة إلى المزيد من الدراسات لتأكيدها.
على ماذا ارتكزت هذه الدراسة؟
ارتكزت التجربة السريرية المُعشَّاة (randomized clinical trial)، التي أُجريت من قِبَل المعاهد الوطنية الأميركية للصحة (US National Institutes of Health) على أكثر من 2800 شخصًا، على تدريبٍ مختصٍّ للدماغ يُسمَّى «القرار المزدوج» (Double decision) وهو برنامج مُسجَّل ببراءة اختراع لصالح شركة «بوزيت ساينس» (Posit Science).
كما أنه متوفر كذلك على الموقع الإلكتروني: BrainHQ.com.
ما الذي اختبرته هذه التمارين؟
اختبرت هذه التمارين قدرة الشخص على النظر إلى جسمٍ ما وسط الشاشة (شاحنة مثلاً) ثمَّ النقر على الجسم الذي يظهر في طرف الشاشة (سيارة مثلاً).
وكلَّما تقدَّمت قدرة المستخدم (الخاضع للاختبار)، أصبح التمرين أسرع وأصعب.
الفكرة الأساسية لهذه التمارين أو الألعاب هي قياس قدرة الدماغ على التغيير – التي تُعرف باسم المرونة (plasticity) – وكذلك اختبار مهارات الإدراك، واتخاذ القرار، والتفكير، والتذكُّر.
ويعلن الباحثون أنَّ هذه العملية تشبه تعلُّم ركوب الدراجة؛ فهي مهارة لا تستوجب وقتًا طويلًا لتعلُّمها، ولكنَّها تقود إلى تغيير طويل الأمد في الدماغ.
لعبة «القرار المزدوج» (Double decision)
ماذا كانت شروط هذه الدراسة؟
• بلغ متوسط عمر المشاركين في الدراسة المعروفة باسم «التدريب المعرفي المتقدم للمسنين المستقلين والمفعمين بالحيوية» (Advanced Cognitive Training for Independent and Vital Elderly) – عند التحاقهم بها 74 عامًا.
وقد نُشرت العشرات من الدراسات العلمية السابقة باستخدام بيانات هذه الدراسة (ACTIVE) التي أكملت الآن عشر سنوات من المتابعة والدراسة.
• قُسِّم المشاركون في الدراسة إلى أربع مجموعات: المجموعة الأولى مارست تمارين الحاسوب، المجموعة الثانية تابعت سلسة من تمارين الذاكرة التقليدية، المجموعة الثالثة مارست تمارين الاستدلال المنطقي، والمجموعة الأخيرة، الفئة الشاهدة (control group)، لم تمارس أيَّ نوعٍ من التمارين.
• مارست المجموعة الأولى الألعاب الإلكترونية لمدة عشر ساعات على الأقل طوال الأسابيع الخمسة الأولى من هذا البرنامج، وواصل بعضهم التدريب لمدة ثلاث سنوات لاحقة بما يصل مجموعه إلى ثماني عشرة ساعة من التعامل مع الحاسوب.
ماذا كانت نتائج الدراسة؟
نُشرت هذه النتائج في مجلة Alzheimer’s & Dementia: Translational Research & Clinical Interventions (TRCI)، وهي مجلة تُعنى بمرض الزهايمر والخرف.
وقد قال الكاتب الرئيس والباحث في جامعة جنوب فلوريدا (University of South Florida)، جيري إدواردز (Jerri Edwards): «إن تدريب سرعة المعالجة قد أدى إلى انخفاض خطر الإصابة بالخرف خلال فترة سنوات الدراسة العشرة بنسبة 29% في المتوسط لدى المجموعة التي مارست ألعاب الحاسوب مقارنةً بالفئة الشاهدة (المجموعة الرابعة)»، في الوقت الذي لم تظهر فيه النتائج أي فارقٍ ذي دلالة معنوية (significant difference) لدى المجموعتين الثانية والثالثة.
هل يمكن تُعَدُّ هذه النتائج نهائيةً ومؤكدة؟
نبَّه بعض الخبراء إلى ضرورة وضع النتائج التي توصَّلت إليها هذه الدراسة موضع التشكيك، وحثُّوا على عدم اعتبار ألعاب الحاسوب دواءً سحريًّا ضد الخرف؛ فقد بيَّنت دراسات سابقة أن فائدة ألعاب الحاسوب الشعبية الموجودة على شبكة الإنترنت قليلة جدًّا أو منعدمة.
وقال «روب هاورد» (Rob Howard)، أستاذ الطب النفسي للشيخوخة في كلية لندن الجامعية: «إنَّ النتائج التي أظهرت انخفاض خطر الإصابة بداء الخرف بمعدل 29% بعد عشر سنوات من التدريب المعرفي (cognitive training) بمعدَّل ساعات قليلة هي نتائج مفاجئة وينبغي التعامل معها بحذر»، وأضاف: «أجد أنَّه من غير المعقول أن يكون لذلك التدخُّل الموجز (brief intervention) هذا التأثير»، ولكنَّه جعل استنتاجاته حول الخرف مستندة إلى تقارير ذاتية مقدَّمة من المرضى أو من عائلاتهم لا إلى التشخيصات السريريَّة للحالة.
وفي المقابل، يرى مدير البحث في جمعية الزهايمر (Alzheimer’s Society)، «دوغ براون» (Dog Brown)، أنَّ هذه الدراسة إيجابية؛ نظرًا إلى أنَّها قد امتدَّت لعقدٍ من الزمان وقارنت عدَّة أنواع من تدريب الدماغ، فيقول: «تشير هذه الدراسة إلى أنَّ نوعًا معيَّنًا من تدريب الدماغ قد يساعد الناس على تلافي مرض الخرف، ولكنَّنا لا نستطيع التوصل إلى هذه النتيجة بثقة؛ نظرًا لمحدوديَّة البحث».
لهذا، يوكِّد الخبراء على ضرورة إجراء المزيد من الدراسات؛ لمعرفة ما إذا كان يمكن تكرار النتائج وشرحها بطريقة أفضل.
- ترجمة: هنادي هاني نصرالله
- تدقيق: سهل العدواني
- المصدر
- مواضيع ذات صلة:
– هل يمكن معالجة الخرف عن طريق نقل دم الشباب؟
– ما بين مياه الشرب ومرض الخرف ليثيوم
– فحص عيني للكشف عن الخرف قبل سنوات من ظهوره
– هل تسبب الصودا والمحليات الاصطناعية الخرف؟
– هل تحمي مضادات الاكسدة من الخرف ؟
– القليل من الرياضة قد يساعد على درء خطر الخرف
– أول لقاح للخرف سيكون قابلًا للتجربة البشرية خلال السنوات المقبلة
– الغناء مفيد للذاكرة وللمزاج خصوصا في مراحل الخرف الأولى
– دراسة تؤكد: عدم القدرة على اكتشاف السخرية والأكاذيب قد يكون علامة مبكرة للخرف