من السهل أن ندرك سبب عبادة الكثير من الأديان للشمس؛ إنها تغذي الحياة على الأرض وتحافظ على نظامنا الشمسي متماسكًا. وبصرف النظر عن تألقها المثير للروعة، يتبع تشكل الشمس نمطًا محددًا من الصدفة الكونية. تكون النجوم صغيرة جدًا في البداية -كالعديد من الأجرام الأخرى في الكون- مجرد جزيئات في سحب الغاز والغبار الكبيرة، بعيدًا عن النجوم النشطة، تبقى هذه السدم باردة وجامدة لعقود من الزمن.
ثم يهتاج كل شيء فجأة عند مرور جرم سماوي عبرها، قد يأخذ الاضطراب الناتج شكل المذنب العابر أو شكل التموّج الناتج عن انفجار مستعر أعظم بعيد. وكلما انتقلت القوة الناتجة عن ذلك عبر السحابة، تتصادم الجزيئات وتبدأ بالتجمّع مع بعضها في مجموعات.
وبشكل مفرد، تزداد كتلة كل مجموعة وبالتالي تُحقق قوة سحب وجذب عليا، وتجذب إليها مزيدًا من الجزيئات من محيط السحابة.
وكلما جذبت هذه الكتل المزيد من المادة إليها، يصبح مركزها أكثر كثافةً وأعلى حرارةً. وعبر ملايين السنين، ينمو التكتل إلى جسم كثيف صغير يدعى «نجم أولي»، ويستمر في جذب المزيد من الغاز فتزداد سخونته.
عندما يصبح النجم الأولي ساخنًا بما فيه الكفاية (6999726.85 درجة مئوية)، تبدأ ذرات الهيدروجين بالانصهار، منتجةً الهيليوم وتدفقات من الطاقة أثناء هذه العملية. وندعو هذا التفاعل الذري بالانصهار النووي. رغم ذلك، عند هذه النقطة من حياة النجم لا تزال قوة الدفع الناتجة عن طاقة الانصهار أضعف من قوة السحب الجذبوية له. ولتبسيط الأمر فكر به كشركة لا تزال تكاليف تشغيلها أكبر من تكاليف إنتاجها.
تستمر المواد بالسقوط داخل مركز النجم الأولي، لتزيد من كتلته وسخونته، وبعد ملايين السنين، يصل أحد هذه النجوم الأولية إلى نقطة التحول. وإذا انهارت كتلة كافية بداخل النجم الأولي (مقدار 0.1 من كتلته)، عندها يحدث التدفق ثنائي القطب من النجم، فتخرج التدفقات الهائلة من النجم الأولي وتنفخ الغاز والغبار المتبقي بعيدًا عن سطحه الناري.
يستقر النجم المولود عند هذه المرحلة، يمكنك أن تشبه ذلك بالأعمال التجارية التي تصبح مربحة أخيرًا، إذ تصل هذه الأعمال إلى النقطة التي تتجاوز فيها كمية إنتاجها كمية استهلاكها. إن الضغط الخارج الناجم عن انصهار الهيدروجين يقاوم الآن سحب الجاذبية باتجاه مركز النجم، وهو الآن نجم متسلسل رئيسي وسيبقى كما هو حتى يحترق فيه كل الوقود.
ما العمر الافتراضي للنجم؟ يعتمد ذلك على كتلته، فنجم بحجم شمسنا تقريبًا يستغرق حوالي 50 مليون عامٍ حتى يصبح نجمًا متسلسلاً رئيسيًا ويظل على هذا المستوى لحوالي عشرة مليارات سنة. يُصنّف علماء الفلك الشمس كنجم متسلسل رئيسي من النوع جي G، يشير الحرف جي إلى درجة حرارة الشمس ولونها.
هناك نجوم أكبر حجمًا وأكثر إشراقًا تحترق بسرعة أكبر، فنجوم Wolf-Rayet تتميز بأن لديها كتلة أكبر بعشرين مرة على الأقل من كتلة شمسنا، وتحترق بحرارة 4.5 أضعاف حرارة شمسنا، بينما تستغرق أجرام المستعر الأعظم بضعة ملايين من السنين حتى تنتهي رحلتها في المتسلسل الرئيسي.
اقرأ أيضًا:
أنواع النجوم.. كيف تصنف النجوم ؟
كم يبلغ عدد النجوم في مجرة درب التبانة ؟
ترجمة: فارس بلول.
تدقيق: سمية المهدي.