أفاد باحثون في جامعة آيوا بأن مركبة فوياجر 2 قد دخلت إلى الفضاء بين النجمي، وهو المنطقة خارج حدود الرياح الشمسية التي تشكل الغلاف الشمسي Heliosphere، وبذلك تصبح فوياجر 2 ثاني مركبة من صنع الإنسان تخرج من منطقة نفوذ أو تأثير الشمس، بعد نظيرتها فوياجر 1 التي خرجت عام 2012.
في دراسة جديدة، يؤكد الباحثون عبور فوياجر 2، في 5 نوفمبر 2018، إلى الوسط بين النجمي عبر ملاحظة الارتفاع الملحوظ في كثافة البلازما والذي اكتُشف بجهاز موجات البلازما الموجه بواسطة ولاية آيوا والمرتكز على المركبة.
الزيادة الملحوظة لكثافة البلازما هي دليل على عبور فوياجر 2 من وسط الرياح الشمسية الساخنة ذات البلازما قليلة الكثافة، إلى وسط الفضاء بين النجمي البارد ذي البلازما عالية الكثافة، وهذا يشبه التغير الذي اختبرته فوياجر 1 عند عبورها لوسط الفضاء الخارجي بين النجمي.
يقول دونالد غورنيت في جامعة آيوا والباحث المختص بالدراسة التي نشرت في صحيفة Nature Astronomy: «وفق الحس التاريخي، فكرة تلاشي الرياح الشمسية كلما ابتعدنا عن الشمس هي خاطئة ببساطة»، وأضاف: «توضح لنا فوياجر 2 -ومن قبلها فوياجر 1- وجود حدود واضحة ومميزة، وإنه من المدهش حقًا كيفية تشكل الحدود بواسطة البلازما».
دونالد غورنيت، الأستاذ الفخري في قسم الفيزياء والفلك بجامعة آيوا، وهو الباحث الرئيسي حول جهاز موجات البلازما في المركبتين فوياجر 1 فوياجر 2، ومجري الدراسة التي نُشرت عام 2013 في مجلة Science والتي أكدت دخول فوياجر 1 إلى الفضاء بين النجمي.
دخلت فوياجر 2 إلى وسط الفضاء بين النجمي عند مسافة 119.7 وحدة فلكية، 11 مليار ميل من الشمس، ودخلت فوياجر 1 الفضاء بين النجمي عند 122.6 وحدة فلكية.
أُطلقت المركبتان خلال أسابيع عام 1977، وكان لكل واحدة مسار ومهمة مختلفان، ومع ذلك عبروا إلى الوسط بين النجمي على نفس المسافة من الشمس تقريبًا.
هذا يعطي أدلة مهمة عن تركيب الغلاف الشمسي، والذي يشبه فقاعة متغيرة تكونت بفعل توجه الرياح الشمسية خروجًا من الشمس إلى الفضاء بين النجمي.
يقول عالم الأبحاث بجامعة آيوا والباحث المشارك في الدراسة بيل كرث: «هذا يوحي بتناظر الغلاف الشمسي، على الأقل عند نقطتي عبور مركبتي فوياجر»، ويضيف: «يخبرنا هذا بأن هاتين النقطتين تقعان على نفس المسافة تقريبًا من الشمس».
كما يوفر جهاز آيوا على مركبة فوياجر2 أدلة إضافية على سُمك الغلاف الشمسي والمنطقة الخارجية من الغلاف الشمسي والنقطة التي تلتقي عندها الرياح الشمسية بالرياح المقبلة من الفضاء بين النجمي.
يقول الباحثون إن لدى الغشاء الشمسي Heliosheath –وهي المنطقة الواقعة في نهاية النفوذ الشمسي قبل الحد الفاصل بين الغلاف الشمسي والوسط بين النجمي– سُمك متغير، وهذا بناءً على بيانات أوضحت أن فوياجر1 سافرت أبعد من نظيرتها بحوالي 10 وحدات فلكية حتى تصل حافة الغلاف الشمسي Heliopause –الحد الذي يكون عنده ضغط الرياح الشمسية مكافئًا لضغط رياح الوسط بين النجمي ويعتبر نقطة العبور للفضاء خارج نفوذ الشمس.
ظن البعض بناءً على نماذج الغلاف الشمسي أن فوياجر2 ستعبر أولًا، وهذا عكس ما حدث، يقول كرث إنه ليس لدينا فكرة عن الأوضاع في الأماكن الأخرى بين النقطتين التي عبرت فيهما المركبتان، وما تفعله النماذج هو دمج المعلومات التي جمعناها عن النقطتين وأثناء الرحلتين ومحاولة استنباط نموذج عالمي للغلاف الشمسي يطابق هذه الملحوظات.
آخر قياس أُخذ من فوياجر 1 كانت المركبة حينذاك على بعد 146 وحدة فلكية أو أكثر من 13.5 مليار ميل من الشمس، وسجل جهاز موجات البلازما أن كثافة البلازما في ارتفاع، وهذه المركبة بعيدة عنا لدرجة أن المعلومات تستغرق أكثر من 19 ساعة لكي تصل إلى الأرض.
يقول كرث: «إن مركبتي فوياجر ستدومان أكثر من كوكب الأرض. إنهما في مداريهما الخاصين حول المجرة لمدة 5 مليارات سنة أو أكثر، واحتمال اصطدامهما بأي شيء صفر تقريبًا».
اقرأ أيضًا:
مسبار فوياجر 1 ومسبار فوياجر 2
فوياجر 2 توشك على الخروج من النظام الشمسي للسفر بين النجوم
ترجمة: عمرو خلف
تدقيق: عون حداد