أُطلق التوأمان -فوياجر 1 وفوياجر 2- التابعان لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا ، في عام 1977، لاستكشاف الكواكب الخارجية في نظامنا الشمسي. أُطلِقت فوياجر 2 في 20 أغسطس 1977، وبعدها بحوالي أسبوعين أُطلقت فوياجر 1، ومنذ الخامس من سبتمبر من ذلك العام، أصبحت المركبتان الفضائيتان تسيران في مسارات مختلفة وبسرعات مختلفة أيضًا.
وفي عام 2012 اجتازت فوياجر 1 حدود النظام الشمسي ودخلت إلى الفضاء بين النجوم، بينما فوياجر 2 كانت ما تزال على تُخوم النظام الشمسي. ويواصل مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا، كاليفورنيا، تشغيل المسابير الفضائية.
وما تزال ترسل معلومات علمية حول محيطها، من خلال شبكة الفضاء السحيقة التابعة لناسا، وهي عبارة عن مجموعة من الهوائيات المصممة لجمع البيانات من المسابير في الفضاء السحيق. وفي عام 2017، كان قد مر على كلا المسبارين 40 سنةً، ومع ذلك ما يزالان يعملان.
أطول مهمة لناسا:
أطلقت وكالة ناسا فوياجر في عام 1977 للاستفادة من اصطفاف نادر بين الكواكب الأربعة الخارجية -المشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون- الذي لن يتكرر إلا بعد 175 سنةً.
يمكن للمسبار الفضائي الاستفادة من جاذبية كل كوكب يزوره، في زيادة السرعة، والمساعدة في انحراف المسار نحو الكوكب التالي، مع توفير الوقود. وكانت الخطة الأساسية هي إطلاق اثنين من أزواج المسابير الفضائية، واحد لزيارة المشتري وزحل وبلوتو، والآخر للنظر في المشتري وأورانوس ونبتون.
لكن بعد ذلك قُلصت الخطة لأسباب تتعلق بالميزانية، ما أدى إلى إطلاق اثنين من المسابير فقط: فوياجر 1 وفوياجر 2. وشملت المهمة الأولية للخمس سنوات الأولى، الرصد عن قرب للمشتري وزحل وحلقاته وأقمارهما الكبيرة.
ومُددت مهمة الرصد بعد سلسلة من الاكتشافات الناجحة. وبعد أن مر فوياجر 1 بكوكب زحل عام 1980، حدث له انحراف حاد وخرج عن مساره المخطط له مسبقًا. ومع ذلك، خُطط لمسار فوياجر 2 لتخطي أورانوس ونبتون.
على الرغم من أن الميزانية الأولية لفوياجر 2 لم تضمن أنها ستستغرق وقتًا أطول لنقل الصور عن هذين الكوكبين، نجحت في الوصول إلى أورانوس في عام 1986 ونبتون في عام 1989.
خلال هذه الفترة استكشفت المركبتان جميع الكواكب الخارجية العملاقة لنظامنا الشمسي -المشتري، وأورانوس، ونبتون- وأيضًا 49 قمرًا وأنظمة الحلقات والمجالات المغناطيسية لتلك الكواكب.
وفي 13 أغسطس 2011، أصبحت فوياجر 2 أطول مهمة تشغيل تابعة لناسا، عندما حطمت الرقم القياسي السابق لـ«بايونير6» البالغ 12,758 يومًا من التشغيل. أُطلق هذا الأخير في 16 ديسمبر 1965، وأرسلت آخر إشارة له إلى الوطن في 8 ديسمبر عام 2000.
هذا بعض ما حققه برنامج فوياجر -وفقًا لناسا- عندما كانت المسابير ما تزال تتنقل بين الكواكب:
● فحص جو كوكب المشتري، بما في ذلك الأعاصير.
● العثور على براكين نشطة على سطح قمر آيو التابع للمشتري، بما في ذلك “Torus” «حلقات من الكبريت والأكسجين التي ينتجها هذا القمر».
● رؤية الدليل على وجود محيط من المياه السائلة تحت القشرة الجليدية لقمر كوكب المشتري أوروبا.
● نظرة تفصيلية لحلقات زحل؛ أظهرت بنيتها والأمواج فيها، والأقمار التي تؤثر على شكل الحلقات.
● رؤية الدليل على وجود غلاف جوي لقمر زحل تيتان، إذ أكد العلماء أنه يتألف إلى حد كبير من الميثان.
● اكتشاف البقعة الداكنة على كوكب نبتون، وهي عبارة عن عاصفة كبيرة.
● مشاهدة النوافير النشطة على القمر المتجمد تريتون التابع لنبتون.
المهمة التي خُطِط أن تقوم بها فوياجر قبل الدخول إلى (الفضاء بين النجمي- Interstellar Space) هي استكشاف الحافة الخارجية لنظامنا الشمسي. ووفقًا لـ إد ستون- Ed Stone وهو عالم في مشروع فوياجر: «منذ أن دخلت فوياجر 1 إلى حدود الفضاء بين النجوم في عام 2012، بدأت تدرس شدة الإشعاع الكوني، وأيضًا النظر إلى تفاعل جزيئات الشمس المشحونة مع الجسيمات الأخرى القادمة من النجوم».
أما فوياجر 2 ما تزال مسافرةً داخل النظام الشمسي، لكن من المتوقع أن تجتازه في السنوات القليلة القادمة، ملتحقةً برفيقتها.
ميراث برنامج فوياجر:
تحمل كلتا المركبتين رسائل مسجلةً من الأرض، على مسجلات فونوغراف ذهبية “أقراص نحاسية بقطر 12 بوصةً، مطلية بالذهب”. وقد قامت لجنة من وكالة ناسا، يرأسها الفلكي الراحل كارل ساجان باختيار محتويات السجلات.
مسجلات فوياجر الذهبية، هي عبارة عن كبسولات زمنية ثقافية، تحملها المركبات إلى أنظمة نجوم أخرى. وهي تحتوي على صور وأصوات لطبيعة الأرض وتحيات منطوقة بـ 55 لغةً، بالإضافة إلى مختارات موسيقية من ثقافات وعصور مختلفة.
وتوفر ملاحظات البرنامج عن المشتري وزحل وأورانوس ونبتون معلومات قيمة تساعد في المراقبة الحالية لها. وقد أرسلت ناسا مسبار (جاليليو 1989 – 2003) إلى المشتري، ومسبار (كاسيني 1997 -2017) إلى زحل، لتفحص هذه الكواكب العملاقة عن قرب ولعدة سنوات، بعد اللمحات السريعة التي قدمتها لنا فوياجر.
وقام كل من جاليليو وكاسيني بجمع بيانات حول الأقمار الجليدية لهذه الكواكب، بالإضافة إلى معلومات عن بنية وتكوين الكواكب العملاقة نفسها. إن بعثة جونو التابعة لناسا، هي الآن في مدارها حول كوكب المشتري، بينما تخطط كل من وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية لمهمة فحص الأقمار الجليدية.
وتسمى المهمة الأوروبية بـ “JUICE” أو بمعنى (استكشاف أقمار كوكب المشتري الجليدية – Jupiter Ice Moons Explorer)، ومن المتوقع إطلاقها في عام 2022 للوصول في عام 2029.
وتخطط ناسا لبعثة أوروبا التي لن تطلق قبل عام 2022 مع أنها قد تتأخر إلى ما بعد ذلك. وما تزال فوياجر 2 هي المركبة الوحيدة التي قامت بزيارة كل من كوكب أورانوس ونبتون، لكن الفلكيين تابعوا رصدها باستخدام التلسكوبات -وخاصةً تلسكوب (كيك – Keck) وتلسكوب هابل الفضائي.
إذ إن دقة هذه التلسكوبات قادرة على مشاهدة العواصف وهي تتطور وتتلاشى على هذه الكواكب العملاقة، بالإضافة إلى رصد التغيرات واسعة النطاق في أغلفتها الجوية. وفي منتصف عام 2017 فكرت ناسا أيضًا في تطوير المسابير التي تحلق فوق أورانوس ونبتون.
وفي فبراير من عام 2018، أصبحت فوياجر تبعد عن الوطن 141 وحدةً فلكيةً -الوحدة الفلكية هي مقدار المسافة بين الشمس والأرض. أي بحوالي 13.2 مليار ميل ( 21.2 مليار كيلومتر)، بينما تبعد فوياجر 2 حوالي 117 وحدةً فلكيةً عن الأرض أي 10.9 مليار ميل (17.5 مليار كيلومتر).
ويمكنك الاطلاع على مسافاتها الحالية في موقع ناسا من خلال هذا الرابط. ومن المتوقع أن تستمر فوياجر في نقل المعلومات حتى عام 2025 تقريبًا. وفي أواخر عام 2017، أعلنت وكالة ناسا أنها تمكنت من إعادة استخدام محركات الدفع الاحتياطية، لتحسين قدرتها على بث الإشارة نحو الأرض.
وأعلنت ناسا حينها أن آخر استخدام لهذه المحركات كان في رحلتها لكوكب زحل في عام 1980، وظلت غير مستخدمة لمدة 37 سنةً، إلى أن أعلنت ناسا عن إعادة تنشيطها.
وهذا سيتيح لها إرسال واستقبال المعلومات من وحدات التحكم لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات. وحتى بعد إيقاف تشغيلها، ستستمر فوياجر 1 و2 بالانجراف في الفضاء بين النجوم؛ ووفقًا لوكالة ناسا سوف يمر كلا المسبارين بنجوم أخرى بعد حوالي 40,000 سنة.
وسوف تقترب فوياجر 1 بنحو 1.6 سنة ضوئية من “AC+79 3888” وهو نجم في كوكبة الزرافة، بينما فوياجر 2 سوف تقترب بنحو 1.7سنة ضوئية من نجم “Ross 248”. وبعد 296,000 سنة ستقترب إلى نجمة الشعرى اليمانية، بنحو 4.3 سنوات ضوئية، وهي ألمع نجمة في سماء الأرض.
الجدول الزمني لفوياجر
1. 20 أغسطس 1977
أُطلقت فوياجر 2.
2. 5 سبتمبر 1977
أطلقت فوياجر 1.
3. 18 سبتمبر 1977
أرسلت أول صورة للأرض والقمر.
4. 5 مارس 1979
أرسلت فوياجر 1 أقرب صورة لها مع كوكب المشتري.
5. 9 يوليو 1979
فوياجر 2 كانت على أقرب مسافة لها عن كوكب المشتري.
6. 12 نوفمبر 1980
فوياجر 1 على أقرب مسافة لها عن زحل، وجاذبية الكوكب تقذف بالمركبة إلى مسار بعيد عن الكواكب، إلى خارج النظام الشمسي.
7. أغسطس 1981
فوياجر 2 على أقرب مسافة لها عن زحل.
8. 24 يناير 1986
فوياجر 2 أسرع مركبة تحلق نحو أورانوس.
9. 25 أغسطس 1989
فوياجر 2 أسرع مركبة تتجه نحو نبتون.
10. 17 فبراير 1998
فوياجر 1 تتفوق على بايونير 10، وتصبح أبعد آلة في الفضاء صنعها الإنسان.
11. أغسطس 2012
فوياجر 1 تخرج من الغلاف الجوي للشمس؛ وهو فقاعة الحقول المغناطيسية والجسيمات المشحونة للشمس.
12. حوالي 2025
البطاريات النووية على متن كلا المركبتين، سوف تستنزف بالكامل، ولن يعود بإمكانها إرسال أو استقبال أي معلومات.
13. 40,000 سنة من الآن
فوياجر 1 تقترب من نجم”AC +79 3888″ بنحو 1.6 سنة ضوئية.
14. بعد 296,000 سنة من الآن
فوياجر 2 تقترب من نجمة الشعرى اليمانية بنحو 4.3 سنة ضوئية.
اقرأ أيضًا:
فوياجر 2 توشك على الخروج من النظام الشمسي للسفر بين النجوم
فوياجر، حكاية 40 عامًا في هذا الوثائقي الجديد
موجات التسونامي الشمسية تصل إلى مركبة فوياجر 1
ترجمة: محمد رشود
تدقيق: أحلام مرشد