للنيوترينوات – Neutrinos ثلاث سمات (1) أو نكهات مختلفة وهي: (إلكترون – نيوترينو) – (electron-neutrino )، و(ميون – نيوترينو) – (muon-neutrino )، و(تاو – نيوترينو) – (tauon-neutrino). وبسبب تفاعلية النيوترينو الضعيفة للغاية، وكونها محايدة للشحنات، فهي أقل الجسيمات المفهومة من جميع الجسيمات الأولية. على سبيل المثال، ومنذ عقدين فائتين فقط حتى أدركنا أن النيوترينوات لديها في الواقع كتل راحة (كتل سكونية) – rest masses غير معدومة، وأنها تتأرجح بين نكهاتها.
الكون مليء بالنيوترينوات ، إنها تسهم بنسبة 0.3 ٪ من إجمالي كثافة الطاقة في الكون؛ أيّ أكثر مما يسهم به الإشعاع (الفوتونات). يمكن تقسيم النيوترينوات الكونية إلى ثلاث فئات وفقًا لمنشأها وطاقتها. تلك الفئات هي: خلفية النيوترينو الكونية (CNB، أو CnB)، النيوترينوات النجمية، والنيوترينوات الناتجة عن الإشعاعات الكونية.
على غرار الخلفية الميكروية الكونية (CMB) التي حدثت بعد حوالي 380000 عام من الانفجار العظيم، فإن CnB حدثت بعد حوالي ثانيتين من الانفجار العظيم حين أصبح معدل تفاعلات النيوترينوات مع الجسيمات الأخرى أبطأ من معدل توسع الكون في ذلك الزمن. من المتوقع أن CnB قد انخفضت درجة حرارتها في الوقت الحالي إلى 1.9 °K تقريبًا، أو حوالي 10-4 eV بمقياس الطاقة، ما يجعلها غير نسبية. لم تكتشف CnB بعد.
تشع كل النجوم جراء تفاعل الاندماج النووي الذي يحدث في النواة النجمية. أحد النواتج الأساسية للاندماج النووي هو نكهة النيوترينو: (إلكترون – نيوترينو). وبما أنها ذات تفاعلية ضعيفة، فإن هذه النيوترينوات تفلت من النجم. على سبيل المثال، يبلغ تدفق النيوترينو من الشمس إلى الأرض حوالي 1011 جسيمًا لكل سنتيمتر مربع في الثانية (1011 particles/cm2/sec).
أيضًا عندما يستنفد النجم وقوده النووي وينفجر كمستعر أعظم، فإنه يطلق عددًا هائلًا من النيوترينوات؛ التي تحمل حوالي 99٪ من طاقة الانفجار. اكتُشفت النيوترينوات الشمسية لأول مرة من قبل ريموند ديفيس – Raymond Davis، الذي اكتشف في نفس الوقت تذبذبات نكهة النيوترينو. قاد ماساتوشي كوشيبا – Masatoshi Koshiba الجهد المبذول في الكشف الأول عن نيوترينوات المستعر الأعظم SN1987A وذلك عام 1987. كانت تلك انطلاقة علم فلك النيوترينو. مُنح ديفيس وكوشيبا سويًا جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2002 لمساهماتهما.
أخيرًا، توجد أيضًا النيوترينوات الناتجة عن الأشعة الكونية عالية الطاقة للغاية. تلك النيوترينوات تنتج بواسطة الاصطدامات بين الأشعة الكونية فائقة الطاقة (UHECR) وفوتونات CMB، والتي يُشار إليها أيضًا باسم نيوترينوات جريسن – زاتسيبين – كوزمين Greisen-Zatsepin-Kuzmin (GZK). حقيقة أن أشعة UHECR (التي معظمها بروتونات) ذات الطاقات التي تصل إلى 1020 eV، وCMB قد رُصدت على الأرض؛ تعني أن نيوترينوات GZK ذات الطاقات التي تصل إلى حوالي 1017-1019 eV يجب أن تتواجد بتدفق كافٍ وفقًا للنموذج المعياري المعروف في فيزياء الجسيمات. ومع ذلك، لم ترصد هذه النيوترينوات بعد.
رصد أكبر مرصد للنيوترينوات الكونية في العالم وهو المرصد (آيسكيوب – IceCube) في القطب الجنوبي مؤخرًا زوجًا من النيوترينوات الكونية يملكان طاقات تقرب 1015 eV، أطلق (تعاون آيس كيوب – IceCube Collaboration) عليهما اسمي:«بيرت» – “Bert”، و «إيرني» – “Ernie”، تيمنًا بأسماء شخصيات من برنامج Sesame Street TV. لاحقًا في عام 2013، عثر على نيوترينو ذي طاقة أكبر حتى، وأطلق عليه اسم «الطائر الكبير» – “Big Bird”.
لتجاوز نطاق الطاقة هذا في سبيل البحث عن نيوترينوات GZK، فقد أطلقت العديد من المشاريع الدولية، بما في ذلك مرصد (أنيتا – ANITA) المحمول بالمنطاد، والمرصد الأرضي أسكيران ذو منظومة الراديو (ARA) الموجود في القطب الجنوبي. كان NTU LeCosPA عضوًا نشطًا في هذين المشروعين.
مؤخرًا في عام 2014، طور LeCosPA مرصدًا جديدًا للنيوترينوات وأشعة UHECR، وسمي هذا المرصد: تاروجي – TAROGE (مرصد موجات الراديو التايواني للجسيمات الفلكية المستند إلى انبعاثات مسرع الجسيمات – جيو – Taiwan Astroparticle Radiowave Observatory based on Geo-synchrotron Emissions)، أو 太魯閣(اسم المرصد باللغة الصينية)، تيمنًا بقبيلة من السكان الأصليين على الساحل الشرقي لتايوان حيث تقع محطة الهوائي. هذا المرصد موجود على قمة حيد من الجبال الساحلية شديدة الانحدار، والمطلة على المحيط الهادئ للبحث عن الإشارات.
هامش:
(1): سمة – flavor:
علاقة لتمييز الأنواع المختلفة من اللبتونات والكواركات الثلاثية اللونية. مصدر التعريف: معجم الفيزياء، إعداد لجنة مصطلحات الفيزياء بالمجمع، مجمع اللغة العربية، القاهرة، 2009م
اقرأ أيضًا:
- هل يشرح سلوك النيوترينو الشاذ أحجية وجود الكون ؟
- لماذا يطارد الفيزيائيون أغرب الجسيمات الشبحية أو النيوترينوات ؟
- هل تحمل النيوترينوات المفتاح لحل أسرار الكون؟
ترجمة: رولان جعفر
تدقيق: جعفر الجزيري