الخط الزمني لنشوء الكون: مرحلة التضخم. توجد مشكلة في نظرية الانفجار العظيم تكمن في التماثل المطلق، والتوحيد في إشعاع الخلفية ، وإذا كان الكون قد انتظم من نقطة لا متناهية في الصغر، عندها ستصبح التقلبات الدقيقة هائلة الحجم عندما يتضخم الكون، ولكن يبقى إشعاع الخلفية ذاته بصرف النظر عن الاتجاه الذي ننظر له.
عرض عالم الفيزياء الأمريكي آلان جوث، عام 1980م، طريقةً للالتفاف على هذا الأمر -ما ندعوه حاليًا بـ (الكون المتضخم- Inflationary Universe)-، إذ قدم نظريةً تقول إن الكون خضع لفترة تضخم هائلة بعد فترة قصيرة من الانفجار العظيم، بشكل دقيق؛ بعد 10-35 ثانية (10 للأس -35)، أو مئة مليار تريليون جزء من الثانية، ودامت هذه الفترة 10-33 ثانية (10 للأس -33)، نمى خلالها الكون بشكل أسي، فقد تضاعف قطره مئة مرة، وحجمه بمقدار 3010 (10 للأس 30) إلى 6010 (10 للأس 60) ضعفًا.
كانت مكونات الكون متواصلةً مع بعضها قبل فترة التضخم، ولهذا كانت درجة حرارتها متماثلةً، وقد جعلت مرحلة التضخم السريع تمدد الكون يبدو مسطحًا جدًا، وموحدًا، وانتهت مرحلة التضخم بعد 10-33 (10 للأس -33) أو 10-32 (10 للأس -32) ثانية من الانفجار العظيم، وبعدها خضع الكون لمقاييس التضخم الموجودة في نظرية الانفجار العظيم.
انطلقت مرحلة التضخم بعد انخفاض درجة حرارة الكون لتصل 2810 (10 للأس 28) درجة مئوية، حدث هذا الانخفاض بعد الانقطاع المتناظر الثاني -حدث الانخفاض الأول خلال فترة بلانك- إذ كانت القوى الكهروضعيفة، والقوى النووية الشديدة موحدةً في قوة واحدة قبل ذلك الانقطاع، وبعدها انفصلت عن بعضها، ودخل الكون حينها مرحلةً يُطلق عليها (الفراغ الكاذب-false vacuum)، وإليك شرح هذا المصطلح بشكل بسيط.
ترتكز نظرية التضخم على اقتراح منضوٍ ضمن فيزياء الجسيمات المعاصرة. يقول الاقتراح إن الكثافة الهائلة جدًا تقود إلى نوع من المادة يقلب الجاذبية من قوة جاذبة إلى قوة تنافرية، يُطلق على هذا النوع من المادة اسم (الفراغ الكاذب)، ويُعد التضخم هو الاقتراح القائل بأن تمدد الكون ناتج عن تنافر وتجاذب الفراغ الكاذب الذي ملأ الكون خلال جزء صغير جدًا من الثانية في بدايات تشكله. ساقت طاقة الفراغ التضخم خلال هذه الفترة، إذ تأسس التوحد الشديد في الكون، في نظرية التضخم، قبل بدايته.
تحكَّم التضخم بتمديد مناطق معينة إلى حجم ضخم، مقارنةً بحجمها السابق، ونشأت خلال هذا التضخم، المادة والمادة المضادة خارج حدود الفراغ؛ محافظةً على كثافة الكون ثابتةً بينما ينمو الكون.
كبر قطر الكون بعد 10-32 (10 للأس -32) ثانية من الانفجار العظيم ، مئة ضعف عن قطره الأصلي، وتوقف التضخم عند هذه النقطة، وخضع الكون بعدها لمرحلة تحول، انتقل فيها إلى مرحلة طاقة منخفضة (الفراغ الحقيقي).
قوَّم التضخم كل الشذوذات، مؤكدًّا أن كل الكون المرئي كان بحالة تواصل حقيقية، جاعلًا من شكل الكون الهندسي مسطحًا، ولو لم يحدث هذا التضخم في فترة أبكر، لحدث عندما انفصلت قوة التوحيد الكبير إلى القوى النووية الشديدة، والقوى الكهروضعيفة، وهذا ما أسس لبداية عصر التأثر الكهروضعيف.
اقرأ أيضًا:
توسع الكون يحتاج فيزياء جديدة لتفسيره
كم يبلغ عدد النجوم في مجرة درب التبانة؟
ترجمة: مازن سفّان
تدقيق: أسماء العجوري