ترتبط الاضطرابات العقلية بانخفاض متوسط العمر المتوقع، لكن العلاقة بينهما لم تُدرس بشكل جيد، ما يعرقل الجهود المبذولة في معالجة المشكلة، أما الآن فقد ظهرت دراسة جديدة استطاعت تحديد العوامل المهمة بشأن هذا الموضوع، إذ تبين أن المخاطر الكبيرة ليست تلك التي تحظى بقدر كبير من الاهتمام!
تثير قواعد البيانات الاستثنائية -التي تُحافظ بها الدول الإسكندنافية على صحة مواطنيها- القلق والمخاوف بشأن الخصوصية في أماكن أخرى، لكنها تمثل مصدرًا مهمًا للباحثين الطبيين.
اعتمد البروفيسور جون ماكغراث John McGrath من جامعة كوينزلاند على الأبحاث الدنماركية لمدة طويلة من الزمن، مثلًا، ألقى الضوء على أسباب مرض الفصام من خلال إظهار ارتباطه بنقص فيتامين د عند الولادة.
استخدم ماكغراث في بحثه الأخير بيانات ومعلومات تتعلق بكل الأشخاص الذين عاشوا في الدنمارك خلال الفترة الواقعة بين عامي 1995-2015 وقد بلغ عددهم 7.4 مليون شخص، وقال في بيان له: «تُعد هذه المرة الأولى التي نقيس بها العمر المتوقع لأنماط مختلفة من الاضطرابات العقلية بطريقة خاصة تعتمد على الجنس والعمر، ومن المعروف أيضًا أن الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات العقلية يموتون باكرًا قبل عامة الناس، لكننا استخدمنا أساليب أدق من تلك المستخدمة في الماضي».
في المتوسط، يعيش الدنماركيون المصابون بأمراض عقلية –أي ما يعادل ثلث السكان- 10 سنوات أقل من أي شخص آخر.
كشف ماكغراث في مجلة The Lancet الطبية التفاصيل وراء هذا الرقم إذ قال: «تمتلك جميع أنماط الاضطرابات العقلية معدل وفيات مرتفع، يُنسب بعضها إلى الانتحار، ولكن من المدهش أن معظمها كان بسبب أمراض طبية عامة مثل أمراض القلب والسرطان والعدوى المختلفة».
أثرت بشكل أكبر -خاصة عند الرجال- أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الرئة.
أظهرت النتائج أن الحد الأدنى من سنوات الحياة المفقودة مقارنة مع الأشخاص الأصحاء كان 5.4 عامًا عند النساء اللواتي يعانين من اضطرابات المزاج، بينما كانت الحصيلة الأكبر من نصيب متعاطي المخدرات إذ كان المتوسط يعادل 14.8 عام من حياة الرجال.
أخبر ماكغراث موقع IFLScience: «قد يُعزى ذلك إلى العديد من الأسباب المختلفة، إذ قد يمتلك مرضى الاضطرابات العقلية نمط حياة غير صحي مثل قلة التمارين الرياضية واتباعهم نظام غذائي غير صحي، ولعلهم يكثرون من التدخين والكحول، وقد يكونون أيضًا أقل الأشخاص طلبًا للرعاية الطبية، أو لعلهم لا يتلقونها بالشكل الأمثل».
هذه هي طبيعة النظام الصحي الدنماركي، فقد تكون الحالة أسوأ في مكان آخر لكن ماكغراث صرح بعدم وجود مقارنات دولية محتملة.
يُعد حل مشكلة كهذه حتمًا مهمة صعبة للغاية، ولكن يمكن تحقيق الكثير من الجدوى والنتائج الجيدة دون جعل كل شيء مثاليًا؛ فإجراء الفحوصات الصحية المنتظمة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية والتنسيق الجيد بين المتخصصين بالصحة العامة هي أمور يعتقد ماكغراث أنها قد تُحدث فروقات جوهرية.
اقرأ أيضًا:
لماذا تكون الأدمغة الأكبر حجمًا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العقلية؟
لماذا يعاني الأشخاص ذوو الذكاء العالي الكثير من الاضطرابات العقلية والجسدية؟
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: مينا خلف
مراجعة: آية فحماوي