يشتهر الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت بما يُعرف بالكوجيتو الديكارتي: «أنا أفكر، إذن أنا موجود». لكن، أن تكون مُفكرًا يعني أن تمتلك وعيًا، فأين محل الوعي ؟ وما حقيقته أصلًا؟
ما زالت مشكلة الوعي عصيّة على الفكر البشري بشقيّه الفلسفي والعلمي. طرح بعض الفلاسفة أفكارهم عن تكوّن الإنسان من ثنائية الجسد والروح، وقيل إن محل الوعي هو الروح. لكن الروح شيء مجرد عن المادة، وحسب الرؤية العلمية الحديثة، فإننا نُركز على العناصر المادية، فإذا بحث عالم عن الوعي يعني ذلك أن يقتصر نطاق بحثه على جسم الإنسان، وتحديدًا دماغه. لكن فور أن ندخل الدماغ، سنجده غامضًا بما يكفي لحيرتنا، فهو مُعقّد حقًا.
من الفرضيات التي تحاول تفسير الوعي في أدمغتنا ما طرحه حديثًا البروفيسور جونجو مكفادين من جامعة سيري في إنجلترا، ما يُعرف بالمعلومات الكهرومغناطيسية الواعية.
يعتمد مكفادين، في فكرته التي طرحها في مجلة علم أعصاب الوعي، على الثنائية مرةً أخرى، لكنها هذه المرة ثنائية المادة والطاقة، فالوعي عند مكفادين هو تلك الطاقة الكهرومغناطيسية التي تنشأ عن حركة السيالات الكهربية داخل الأعصاب وخلايا الدماغ.
سيالات كهربائية ← طاقة كهرومغناطيسية ← وعي.
ما يقدمه مكفادين يعني بوضوح أن الوعي هو نتاج حركة السيالات الكهربية داخل الأعصاب، وليس أنه هو ما يولد هذه السيالات. السؤال هنا، بعد تولد هذا المجال المغناطيسي، هل يؤثر في الدماغ أم لا؟ هذا يتطلب بحوثًا موسعة باستخدام تقنيات تخطيط كهربية الدماغ، وتخطيط الدماغ المغناطيسي. على أي حال، تبقى الافتراضات السابقة بحاجة إلى أدلة قوية ترجحها.
يقول مكفادين: «قدرة الدماغ على التفكير والإدراك والوعي هو لغز طالما فكر فيه الفلاسفة وعلماء الدين والمتصوفون والعامة على مدار ألوف السنين. أعتقد أننا توصلنا إلى حل هذا اللغز الآن، فالوعي في فرضيتنا هو المجال الكهرومغناطيسي الناشئ عن حركة السيالات داخل الخلايا العصبية، قد يُساعدنا هذا على تفسير الإرادة الحرة أو ما يعرف بالأفعال الاختيارية».
خلاصة الفكرة أن موجات من النشاط الكهربي تولدها الخلايا العصبية، وحين تنتشر عبر مساحات واسعة من الدماغ، تنشأ التجربة الواعية بأكملها.
لا يكتفي مكفادين بذلك، بل يفترض أن هذه النتائج قد تفتح الباب لصنع روبوتات واعية، روبوتات تفكر وتشعر حقًا مثلنا!
اقرأ أيضًا:
قد يكون الوعي نتيجة لعمليات فيزيائية بسيطة
ما هو الوعي؟ وكيف نستطيع استنساخه؟
ترجمة: جعفر قيس
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: أكرم محيي الدين