تُشَكِّل زيادة البقع الشمسية وانحسارها جزءًا من الدورة الطبيعية للشمس، وهي ظاهرة ما زال علماء الفلك غير قادرين على فهمها فهمًا كاملًا. كشفت أبحاث جديدة أن أحداث «الناهي الشمسي» هي ما يوقف دورات البقع الشمسية، ما يعني أننا قد نتحسن في التنبؤ بها. إن استطعنا توقع دورات تكون البقع الشمسية على كرة البلازما هذه بشكل أكثر دقة، سيكون هناك تحذير أكثر تقدمًا ضد العواصف الشمسية التي تسبب أعطالًا إلكترونية، وخللًا في البنية التحتية على الأرض.

بُنِيت هذه الاكتشافات على ملاحظات شمسية على مدى ما يقرب من 140 سنة، يتضمن ذلك التسجيل الدقيق للنقاط اللامعة الإكليلية (وهي ومضات وجيزة من الأشعة فوق البنفسجية القوية) وتحدث في فترات الهدوء الشمسي. يقول الباحثون إن حركة هذه النقاط واختفاءها مع مرور الوقت هو ما يميز حدث «الناهي الشمسي».

يقول سكوت ماكينتوش Scott McIntosh عالم الفيزياء الفلكية في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي: «كان الدليل على أحداث الناهي الشمسي مختبئًا في المشاهدات المسجلة لأكثر من قرن، ولكن لم نعلم ما الذي نبحث عنه حتى الآن، وبدمج هذه المشاهدات المتنوعة على مدى سنين كثيرة أصبحنا قادرين على ربط هذه الأحداث ببعضها، والخروج بنظرة جديدة تمامًا مفادها أن باطن الشمس هو المحرك للدورة الشمسية».

تستمر الدورة الشمسية حوالي 11 سنة (نحن الآن في نهاية الدورة الحالية).

بعد الدورة الشمسية الدنيا وهي فترة الهدوء على سطح الشمس، يزداد عدد البقع الشمسية تدريجيًّا مرة أخرى، إذ تتكون على خطي عرض 35 درجة شمالًا وجنوبًا، وتتلاشى في النهاية قبل وصولها إلى خط الاستواء.

ذروة الدورة الشمسية (يمينًا) والدورة الشمسية الدنيا (يسارًا). (وكالة ناسا).

ذروة الدورة الشمسية (يمينًا) والدورة الشمسية الدنيا (يسارًا). (وكالة ناسا).

تستغرق هذه العملية عادة عشر سنوات أو أكثر قليلًا، وتحدث الذروة الشمسية في منتصفها، إذ يكون نشاط البقع الشمسية في أعلى مستوياته، (سُجِّلَ في إبريل 2014 قمة آخر ذروة شمسية).

تسافر النقاط اللامعة الإكليلية من خطوط العرض العليا باتجاه خط الاستواء؛ لذلك تأخذ الرحلة مدة طويلة، ثم تتداخل مع البقع الشمسية في أماكن معينة، ويظن العلماء أن هذه النقاط اللامعة علامة على حركة المجال المغنطيسي الحلقي، إذ يلتف هذا المجال حول الشمس كالرباط المطاطي ويتحرك باتجاه خط الاستواء.

يقترح العلماء صعود المجالات المغناطيسية إلى سطح الشمس، فتندفع البقع الشمسية لتشارك النقاط اللامعة الإكليلية، وبتحرك البقع الشمسية تتراكم البلازما خلفها، تنطلق هذه البلازما عندما تصطدم موجة من المجال المغناطيسي الحلقي بموجة أخرى آتية من الاتجاه المقابل لخط الاستواء.

تنطلق البلازما انطلاقًا هائلًا، يصوره العلماء على أنه «تسونامي شمسي» يتحرك بعيدًا عن خط الاستواء بسرعة قدرها 300 متر (أو 984 قدمًا) في الثانية، وسرعان ما تقابل هذه الموجة موجة أخرى من المجال المغناطيسي الحلقي آتية من الاتجاه المقابل، فتندفع لأعلى مكونة بقعًا شمسية، ومن ثم تبدأ الدورة مرة أخرى.

يمكنك رؤية تصور للتسونامي بالأسفل. (©UCAR. Visualization: Mausumi Dikpati, NCAR)

يمكنك رؤية تصور للتسونامي بالأسفل. (©UCAR. Visualization: Mausumi Dikpati, NCAR)

ما تزال كل هذه افتراضات حتى الآن، إذ بُنيت على الكثير من البيانات المتراكمة والتوقعات المدروسة جيدًا، ومع وصول الدورة الشمسية الحالية إلى نهايتها وبداية دورة جديدة خلال العام القادم سيرى العلماء إذا كانت نماذجهم وتوقعاتهم صحيحة.

سنتعلم من هذا البحث الكثير عن هذه العملية الجوهرية التي تحدث على نجمنا المضيف، فضلًا عن أنه شهادة على أن تدفق البيانات والملاحظات المتعددة يمكنه أن يؤدي إلى اكتشافات علمية كانت صعبة الاكتشاف لولا تلك البيانات.

يقول بوب ليمون Bob Leamon عالم الفلك بجامعة مريلاند: «لقد تمكنا من تحديد تلك النواهي بالنظر إلى بيانات جُمِعَت من نطاق كبير من القياسات المختلفة للنشاط الشمسي مثل: المجالات المغناطيسية، التشعيع الطيفي، الفيض الراديوي، بالإضافة إلى النقاط اللامعة.

وتُظهر النتائج أنه يجب عليك أن تأخذ خطوة للخلف وتستخدم كل البيانات المتاحة –وليس مركبة فضاء واحدة أو ملاحظة واحدة أو نموذج واحد– لتفهم كيف تحدث الأمور بخصوص الناهي الشمسي».

نُشر البحث في مجلتي: Solar Physics وScientific Reports.

اقرأ أيضًا:

ما هو الغلاف الشمسي ؟

تعرف على أكبر بركان في المجموعة الشمسية

المصدر

ترجمة: هبة جاد

تدقيق: صالح عثمان

مراجعة: نغم رابي