تُعد الأرض المكان الوحيد الذي نعلم يقينًا أنه يدعم الحياة. ادعى العديد من المراقبين رؤيتهم أدلة لوجود حياة على كوكب المريخ، لكننا نعلم أنه قد خُدعوا بسبب صعوبة إجراء القياسات الصحيحة. فمن الأرض، ورغم استخدامنا لأقوى التلسكوبات، لا يمكننا رؤية تفاصيل كافية على الكوكب الأحمر من أجل الإجابة على ذلك التساؤل. نحتاج إلى نظرة مقربة على الكوكب. في حين إن المركبات الفضائية تعطينا مناظرًا رائعة للمريخ، لم يُجرب أي إنسان الذهاب في رحلة إليه حتى الآن. ولا وجود لمهمة تتضمن طاقمًا بشريًا في السنوات القادمة. في الحقيقة، الشخص الذي سيُقدَّر له أن يكون أول رجل تطأ قدمه أرض المريخ قد يكون في عمرك اليوم، وعندما تصبح بالغًا قد تشاهد أو حتى تشارك في أول رحلة بشرية إلى الكوكب.

المريخ الكوكب الأحمر الحياة الأرض

تعمل ناسا في الوقت الراهن جاهدة لاكتشاف وجود حياة على المريخ من عدمه. ودأبت الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى على إرسال مركبات إلى مدار الكوكب الأحمر وسطحه منذ ستينيات القرن الماضي، وكل مهمة تعطينا معلومات مذهلة أكثر حول الكوكب. لقد علمنا أنه وعلى الرغم من كون المريخ الكوكب الأشبه بالأرض مقارنة بكل الكواكب الأخرى في النظام الشمسي، ليكون مكانًا ملائمًا لاحتضان الحياة نظريًا، نجد أنه يختلف عن الأرض في العديد من التفاصيل.

تشير البوصلة إلى القطب الشمالي على الأرض لأن الكوكب برمته يعمل كمغناطيس ضخم، لكن المريخ لا يتصرف بتلك الطريقة. بالإضافة لتحريك إبرة البوصلة، يحمي الحقل المغناطيسي الأرض من جسيمات الإشعاعات الفضائية الخطيرة. افتقار الكوكب الأحمر لحقل مغناطيسي وكثافة غطائه الجوي الضئيلة مقارنة بالأرض، تجعل سطحه عرضة لكميات ضخمة من الإشعاعات الفضائية. رغم ذلك تشير بعض القياسات على وجود المياه على المريخ، بكميات أقل بكثير مقارنة بالأرض طبعًا. ويكون الماء على المريخ باردًا للغاية فنجده على الأرجح على شكل جليدي بدل السائل. في مجمل القول، الكوكب الأحمر مكان غير مريح لتجربة الحياة عليه.

هبطت مركبتان فضائيتان لناسا على المريخ سنة 1976، تحملان اسم فايكينغ1 وفايكينغ2. إحداهما عملت هناك لمدة أربع سنوات أما الثانية فقد تمكنت من الصمود لستّ سنوات. من بين التجارب العلمية التي أُجربت خلال تلك المهام، كانت محاولة اكتشاف وجود أشياء ضئيلة تعيش على تربة المريخ (مثل البكتيريا).

يتفق معظم العلماء على أن النتائج لا تكشف أي إشارات على الحياة. كانت المركبات مزودة بكاميرات وأرسلت الآلاف من الصور لسطح المريخ نحو الأرض، مُظهرة الفصول المتغيرة وتفاصيل الصخور والتراب قرب محطة المركبات. لم تُظهر الكاميرات أي كائنات ضخمة تتجول في الأرجاء، رغم كون ذلك ليس من المهام الرئيسية لتجارب اكتشاف الحياة على الكوكب الأحمر. المركبات المستقبلية التي ستحطّ هناك ستبحث عن الحياة تحت السطح.

لكن ما هو أفضل مكان للبحث عن الحياة على سطح الكوكب؟ رغم كون المريخ أصغر من الأرض، يعد مكانًا كبيرًا جدًا، إذًا إلى أين يجب على العلماء إرسال المركبات من أجل البحث عن أدلة على الحياة؟ تعتمد كل أشكال الحياة على الأرض على الماء، لذلك ستبحث المركبات التي في مدار الكوكب الأحمر والمركبات المستقبلية التي ستصل إلى سطحه عن إشارات وجود المياه، من أجل المساعدة في إرشاد المهمات القادمة لتحديد أماكن واعدة.

حتى لو لم تكن هناك حياة على المريخ، سيكون من المشوق معرفة ما إذا ازدهرت الحياة هناك يومًا. لذلك وبالإضافة إلى البحث على بكتيريا حية، ستبحث ناسا عن مستحاثات ضئيلة الحجم، وبالتالي قد تُثبت وجود حياة لم تتمكن من النجاة والازدهار في تاريخ المريخ على عكس ما حصل على كوكبنا الأرض.

ستتضمن العديد من الدراسات حول المريخ روبوتات في المستقبل، مثل التي ذهبت إلى الكوكب سابقًا، لكن مع تكنولوجيا أكثر تطورًا في كل رحلة. في يوم ما، قد تتمكن مركبة فضائية من أخذ عينات من سطح الكوكب الأحمر والرجوع بها إلى الأرض من أجل دراستها في أفضل مختبراتنا. في نهاية المطاف، قد يتمكن البشر من المضي قدمًا في المغامرة الجريئة، لكن قبل ذلك يجب أن تتم الإجابة على العديد من الإشكالات حول السفر نحو المريخ؛ للقيام بتلك الرحلة الصعبة والمشوقة.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن أن تكون الحياة على المريخ عميقًا تحت السطح

الطموح الجنوني لإيلون ماسك في استعمار المريخ

ترجمة: وليد سايس
تدقيق: براءة ذويب

المصدر