إذا كنت قد تناولت سابقًا كمية كبيرة من الشيبس، الفوشار، أو البطاطس المقلية فأنت تعرف أنه من الصعب مقاومة هذه الرغبة الشديدة بتناول الملح.

وعلى الرغم من أن أغلب الأشخاص في الولايات المتحدة الأمريكية يستهلكون الكثير من الملح في حمياتهم الغذائية، فإن هذه الرغبة في تناول الملح ما زالت مشكلة شائعة.

يعتقد بعض الأشخاص أن شهوة الأطعمة يمكن أن تكون علامة على عوز ما في الجسم, و لكن عادة فالأمر ليس كذلك. حيث أن معظم هذه الشهوات مربوطة بالأطعمة الغير صحية التي تملك القليل أو حتى لا تملك أي قيمة غذائية.

شهوة الملح (salt craving) مشكلة شائعة وهي تعود للعديد من العوامل مثل الملل أو التوتر. و أحيانًا يمكن أن تكون هذه الشهوة نتيجة مشكلة طبية أو عوز في الصوديوم.

أسباب الشهوة للملح :

1. التوتر :

عندما ترتفع مستويات التوتر, يشتهي العديد من الأشخاص أطعمتهم المفضلة وذلك من أجل الراحة. والأطعمة الشائعة التي يرغب الناس تكون مليئة بالدسم، السكريات،والملح ( المعروف أيضًا بالصوديوم).

هذه العادة في اللجوء للطعام المفضل أو المريح (comfort food) يمكن أن تؤثر سلبًا على صحة الأشخاص.

ففي مقال نشر في دورية الصحة النفسية وُجد رابط مهم بين الشهوة للطعام، مستويات التوتر المزمن، والمستويات المرتفعة من مؤشر كتلة الجسم (BMI).

و دراسة أخرى وجدت رابطًا بين التوتر والمستويات المرتفعة من هرمون (ghrelin)، الذي يزيد من الجوع. ونتيجة الدراسة تقترح أن هذا الهرمون يمكن أن يزيد من شهوة الطعام ويؤدي للزيادة في الوزن.

2. قلة النوم:

إن الأشخاص الذين لا يحصلون على كفايتهم من النوم يمكن أن يرغبوا بتناول الوجبات الخفيفة التي تعطي شعورًا كبيرًا بالرضى مثل الأطعمة المالحة أو المقرمشة.

ففي دراسة في دورية “النوم” وجد أن الأشخاص المحرومون من النوم كانوا أقل قدرة على مقاومة الشهوة بتناول أطعمتهم المفضلة الغير صحية. وهذا ما سبب لهم زيادة في الوزن.

ولأن قلة النوم يمكن أن تربط بمشاكل صحية أخرى، يجب على الأشخاص الذين لا يحصلون دومًا على الراحة الكافية أن يناقشوا هذا الأمر مع طبيبهم.

مشاكل النوم, التوتر, والبرنامج اليومي المليء هي عادة الأسباب الملامة على قلة النوم، و لكن يمكن للأخصائي الصحي أن يقدم تشخيصًا واضحًا للحالة وخطة علاج محتملة أيضًا.

3. الملل:

إن تناول الطعام نتيجة الملل، هو سلوك عاطفي في تناول الطعام (الأكل العاطفي)، مشابه لتناول الطعام عند التوتر.

ولتحديد ما إذا كانت شهوة الملح ناجمة عن الملل أو الجوع، من المفيد البحث عن محرضات الجوع في الجسم.

حيث أن الجوع الحقيقي يحدث عندما يكون جسم الشخص بحاجة فعلًا للطعام. فإذا كان الشخص لم يتناول طعامه منذ عدة ساعات، يمكن أن يكون هذا الجوع حقيقيًا.

و العلامات الأخرى للجوع تتضمن :

  • صوت المعدة الذي يصدر عند الجوع (noisy grumbling).
  • الرغبة في تناول أي نوع من أنواع الطعام وليس نوعًا محددًا فقط.
  • الرغبة في تناول الطعام التي تزداد مع مرور الوقت.

هذه العلامات تشير إلى أنه حان وقت تناول الطعام، ومع ذلك فإن الأطعمة المالحة, والغنية بالدسم نادرًا ما تكون مغذية. حيث أنه يجب على الشخص بدلًا من ذلك البحث عن أطعمة ذات النكهات والقابلة للمضغ مثل الأطعمة النيئة والخضراوات.

هذه الخيارات الغذائية يمكن أن تحافظ على الوارد الملحي بحده الأدنى مع تهدئة هذه الرغبة بتناول الأطعمة المقرمشة والتي تؤدي للرضى.

4. التعرق المفرط:

العرق يحتوي على الملح, ولذلك عندما يتعرق الشخص، ينخفض مستوى الصوديوم في جسده.

وبالنسبة لمعظم الأشخاص فإن التعرق الخفيف ليس شيئا مثيرًا للقلق. حيث أن مستويات الصوديوم لا تنخفض بشكل كبير في التعرق اليومي. وعادة يكون الماء هو الشيء الوحيد اللازم لتعويض خسارة السوائل بعد التمرين.

و لكن بالنسبة للرياضيين الذين يقومون برياضات التحمل والقوة وهؤلاء الذين يعملون في بيئات حارة جدًا، قد يكون من الضروري استهلاك كميات أكبر من الملح وذلك لتعويض ما فقدوه خلال هذا التعرق المفرط أو الطويل.

حيث أنه عندما يفقد الشخص الكثير من الصوديوم, يمكن لجسمه أن يبدأ باشتهاء الملح. ففي دراسة وجد أن الأشخاص الذين يعملون في بيئات حارة لمدة 10 ساعات يمكن أن يفقدوا ما يقارب 15 غرام من الملح، على الرغم من أن هذا الرقم يختلف بشكل كبير من شخص لآخر.

ويمكن أن ننصح الأشخاص الذين يتمرنون بشكل مفرط أو الذين يقضون ساعات طويلة في العمل ببيئات حارة بتناول المشروبات الغنية بالشوارد (Electrolyte-enhanced drinks) أو ما يعرف بمشروب الرياضة.

حيث أن هذه المشروبات تحوي على الصوديوم والشوارد الأخرى لتعويض فُقد من خلال التعرق.

5. متلازمة ما قبل الطمث (premenstrual syndrome) (PMS):

يمكن للمرأة أن تختبر العديد من التغيرات العاطفية والجسدية في الأيام السابقة لدورتها الطمثية. وتعرف هذه التغيرات بمتلازمة ما قبل الطمث (PMS) .

ومن الأعراض الشائعة في هذه المتلازمة هو شهوة الطعام، ومنها الطعام المالح. وهذه الرغبة يمكن أن ترتبط بالتقلبات الهرمونية الحاصلة في تلك الفترة.

يمكن للنساء اللواتي يختبرن متلازمة (PMS) أن يجربوا:

الكالسيوم وفيتامين ب-6: حيث أن دراسة في عام 2016 وجدت أن النساء اللواتي تناولن 500 ميكروغرام من الكالسيوم و40 ميكروغرام من فيتامين ب-6 اختبرن أعراضًا أقل من متلازمة PMS من أولئك اللواتي تناولن فيتامين ب-6 لوحده.

العلاج بالإبر (acupuncture ) والأعشاب : حيث أن مراجعة لعدة دراسات وجدت أن النساء اللواتي حصلن على العلاج بالإبر والطب بالأعشاب انخفضت أعراض ال PMS لديهن بنسبة 50 بالمئة.

Vitex(chasteberry) : يمكن لهذه الأعشاب أن تحسن من بعض أعراض ال PMS. و لكن لا يجب أخذ هذه الأعشاب من قبل النساء اللواتي يتناولن هرمونات, حبوب منع الحمل, واللواتي يمتلكن حالة طبية حساسة هرمونيًا.

مانعات الحمل الفموية: حيث أنه وفقًا لدراسة جديدة في عام 2016 يمكن لحبوب منع الحمل أن تحسن أعراض ال PMS. ولكن يمكن أن تملك مانعات الحمل هذه آثار جانبية ومخاطر يجب مناقشتها مع الطبيب.

6. مرض أديسون:

مرض أديسون أو عوز الكظر, يحدث عندما لا تصنع الغدتين الكظريتين ما يكفي من الهرمونات.

هذه الهرمونات تتحكم في استجابة الجسم للتوتر وتنظم الضغط الدموي. ولذلك يمكن لمرض أديسون أن يسبب انخفاض شديد بضغط الدم, وشهوة مفاجئة للملح.

إضافة لشهوة الملح يمكن أن يختبر مرضى أديسون ما يلي :

  • الضعف.
  • الوهن المزمن.
  • الشهية المنخفضة أو انخفاض الوزن غير المخطط له
  • آلام معدية
  • غثيان , اقياءأو اسهال.
  • دوخة و فقدان الوعي نتيجة ضغط الدم المنخفض.
  • انخفاض سكر الدم (hypoglycemia)
  • الاكتئاب و الهيوجية
  • الصداع
  • عدم انتظام أو غياب الدورة الطمثية .

أسباب مرض أديسون تتضمن :

  • اضطراب مناعي ذاتي
  • السل
  • فيروس نقص المناعة البشري والايدز
  • بعض الانتانات الجرثومية والفطرية
  • مشاكل الغدة النخامية
  • إيقاف الأدوية الستيرويدية بعد استعمالها لفترة طويلة

إن مرض أديسون يتطلب العناية الطبية لاستبدال الهرمونات التي لا تصنعها الغدة الكظرية.

وفي الحالات الشديدة, يمكن أن يصاب الأشخاص بأزمة كظرية. حيث أن هذا يحصل عندما تنخفض مستويات الكورتيزول في الجسم لمستويات خطيرة. والأزمة الكظرية هي حالة إسعافية طبية.

7. متلازمة بارتر:

متلازمة بارتر هي حالة وراثية موجودة منذ الولادة.

حيث أن الأشخاص المصابين بها لا يستطيعون إعادة امتصاص الصوديوم في الكليتين. ونتيجة لهذا يفقدون كميات كبيرة من الصوديوم في البول, مما يؤدي إلى فقدان البوتاسيوم والكالسيوم أيضًا.

ونتيجة المستويات المنخفضة من الصوديوم، فإن الأشخاص المصابون بمتلازمة بارتر يمكن أن يشتهوا الملح.

ويمكن أن يختبر هؤلاء الأشخاص أيضًا:

  • اكتساب الوزن البطيء(مشاهد عند الأطفال)
  • الإمساك
  • الحاجة المستمرة للتبول
  • الحصيات الكلوية
  • ضغط الدم المنخفض
  • تقلصات عضلية وضعف عضلي

هذه المتلازمة عادة ما تشخص في مرحلة الرضيع أو الطفولة عند طريق فحوصات البول و الدم.
ويمكن السيطرة عليها عن طريق مكملات تحوي على البوتاسيوم، الملح، والمغنزيوم.

الخاتمة :

في أغلب الأوقات فإن شهوة الملح هي فقط شهوة الطعام الناجمة عن التوتر، الوهن، الملل أو PMS.
ولكن شهوة الملح المستمرة يمكن أن تكون دليل على مشكلة طبية معينة.

إذا لم يُكتشف سبب واضح لشهوة الملح, أو عوامل خطر لمشاكل كلوية أو كظرية، عندها يجب على الشخص استشارة طبيبه.


  • المترجم : عماد دهان.
  • تدقيق وتحرير: رؤى درخباني.

المصدر

مواضيع ذات صلة: