أينما نظرتُ في هذا العالم، أجد أناساً تربّوا على أن يظهروا المشاعر الطيّبة فقط ويخفوا المشاعر الأخرى.

ودائمًا ما يتم إخبارنا أنَّ القادة الطيبين والأصدقاء الودودين والأهل الجيدين هم من يظهرون التفاؤل والحماس والتعاطف والفخر وحسًا فكاهيًا عاليًا.

كما نُلقّن منذ الطفولة أنَّ مشاعر من قبيل الإحباط والخوف والغضب والإحساس بالذنب تستنزف طاقة المرء وتجرح مشاعر الآخرين وتهدر الوقت الممتع لذلك يطلق عليهم مشاعر سيئة أو سلبية على المرء أن يبقيها بينه وبين نفسه.

أريد من كُلِّ شخص فيكم أن يفكر بهذه المشاعر من عدة وجهات نظر. فكلُّ أنواع المشاعر دون استثناء هي جزءٌ من بشريتنا.

فلا يمكنك أن تختبر السعادة دون أن تجرّب الحزن، أو السلام دون أن تجرّب الغضب، أو الشجاعة دون الخوف.

تكون الحياة تجربةً أغنى عندما نسمح لأنفسنا بأن نسبر الظلام كما نسبر النور.

يقول Golda Meir «من لا يعرف كيف يبكي من أعماق قلبه، فلن يعرف كيف يضحك أيضًا».

كلُّ الناس مهما اختلفت ثقافتهم يضحكون ويبكون ويعبّرون عن مشاعرهم من خلال تعابير وجهية وإيماءات.

نبكي، نقبّل، نتشاحن، ندافع، نواسي، نبتسم بفخر، نشبع أنفسنا ضربًا بالعار بناءً على احتياجاتنا للتواصل الاجتماعي والتقدير.

تؤثّر مشاعرنا على علاقاتنا، فعندما لا يتمكن الناس من فهمك فلن يشعرون بالأمان لمشاركتك ما يجول في عقولهم أو أنّهم ينفعلون دون سببٍ وجيهٍ.

إذا كنت تجيد إخفاء مشاعرك فأنت تخلق تجربة الحديث إلى حائطٍ فارغ؛ مما يؤدّي إلى الغضب أو الإحباط أو الخوف.

إذا استشعر الناس أنّك غاضب أو خائفٌ أو خائب الأمل قد يشعرون بالغضب أو الخوف بالمقابل.

تسبب الأوجه اللامعبّرة (أوجه لاعبي البوكر) الارتباك أكثر من الأوجه الهادئة.

وبالإضافة لذلك، فإنّ المشاعر السلبيّة قد تدفعك للقيام بسلوكٍ منتجٍ، وقد تحدث تغيّرًا كبيرًا عندما تُوجّه في الاتجاه الصحيح.

من الأفضل أن تتعلم كيف تتعرّف على مشاعرك حتى تستطيع تفسيرها بما ينسجم مع سلوكك وما يعّبر عن حاجاتك وتكون قادرًا أن تستخدم طاقتك بشكلٍ إيجابي.

استفد من مشاعرك السلبيّة:

دعونا ننظرُ إلى الجوانب المشرقة لبعض المشاعر السلبيّة.

ابقِ في ذهنك أنَّ ردّة فعلك على هذه المشاعر قد تكون مدمّرة، في أوقاتٍ أخرى يمكن تسخيرها لغايةٍ أسمى.

1-  الإحساس بالذنب:

قد يدفعك الإحساس بالذنب إلى أعمالٍ جيّدةٍ واتخاذ قراراتٍ مفيدةٍ لمن حولك، حتّى لو تطلّب منك ذلك أن تضحّي بشيءٍ ما بالمقابل. فما التعاطف والاهتمام والكرم إلا بعض الجوانب المشرقة للإحساس بالذنب.

2-  الغضب:

يمكنك أن تستخدم غضبك لإحداث تغيّرات كبيرةٍ في حياتك.

فكم من أمورٍ عظيمة حدثت بعد جملة “تباً، سأريك”.

عندما يدفعك الغضب لتتكلّم حينَ تكون مزعوجًا، أو لتأخذَ خطوةً نحو المجهول، أو لتثبت لهم قدرتك على فعل شيءٍ لم تكن واثقًا من قدرتك على القيام به، فالغضبُ بذلك مفيدًا لك ودافعًا نحو الأفضل.

فما التعاطف والشجاعة والتصميم إلّا بعض الجوانب المشرقة للغضب.

3-  الخوف:

عندما يتحسسُ دماغك وجود تهديدٍ ما، ستصبحُ قوّة تركيزك عالية جدًا.

يعترف كثيرٌ من الناس أنهم يعملون بشكلٍ أفضل تحت الضغط.

في الحقيقة، فإنَّ قدرتهم على الإبداع تضعف لكن في الوقت نفسه فهم يتغلبون على المشتتات، ويركّزون على المهمّة التي يقومون بها ويعملون بشكلٍ أسرع.

عليك أن تعمل بهذه الطريقة بشكل دائمٍ وإلّا فسوف تتعبُ سريعًا من ضغطِ العمل، فالجانب المشرق من الخوف هو التركيز والحدّة واليقظة الشديدة.

4-  خيبة الأمل:

عندما لا تحصل على ما تتوقّعه من عملك أو من الناس أو حتّى من نفسك، فقد تشعر بالغضب وخيبة الأمل.

هل الشيء الذي لم تحصل عليه هو حقًا الشيء الذي أردته؟ أم هو ما ظننت أنك وُعدت به؟ ما حلمت به وتمنيّته؟ ما الذي ستحصل عليه من موقف تحتاجه كالاحترام أو الإنجاز أو الاستقلال؟ فعندما تكتشف ما تتوقّع الحصول عليه، ربّما ستطلب ما تحتاج.

إذا أدركت أنَّ حلمك لن يرى النور بالشكل الذي تمنيته، ربما ستسمح لنفسك أن تحزن لبضعة أيّامٍ حتى تستطيع أن تمضي قدمًا في حياتك.

الجانب المشرق خيبة الأمل هو القدرة على تقبّل الواقع ومن ثم المضي من المعاناة إلى الحرية أو الإدراك.

5-  الملل:

قد يعكس الملل نقص التحديات بمعنى أنّك تحتاج للمزيد ليبقي دماغك متنبّهًا.

قد يكون من الجيّد أحيانًا أن تنعم بالسلام ولا تفعل شيئًا لوهلة فيملُك دماغك الوقت ليتعافى.

فخلال قراءتي لكتاب الامرأة العجيبة Wander Woman وجدت الكثير من الناس يشعرون أن الاهتياج العاطفي يقودهم لفعل أشياء عظيمةٍ.

عندما تشعر بالملل، حاول أن تتخيّل مستقبلك الذي ترغب به بدلًا من السماح لنفسك بأن تكون مشتتًا بما يوجد أمامك.

جرّب الحديث مع مدرب أو صديق ودودٍ يدعمك في رحلتك لتحديد العالم الذي تسعى لخلقه.

قد لا تنتهي فترات الملل ونفاذ الصبر، لكن على الأقل سيكون لديك هدف تسعى وراء تحقيقه.

يتمثّل الجانب المشرق من الملل عندما يشجّعك على خوض التحدّيات واستكشاف ما يجعل العمل ذو معنىً واتّخاذ قرارات تخدم قوّتك وأحلامك.

خصص كل يوم بعض الوقت لتتوقف وتسأل نفسك كيف تشعر وما تحتاج القيام به بشكل مختلفٍ.

إذا كنت عالقًا اطلب المساعدة لتعرف سبب ذلك، عندها قد تكون قادرًا على تحديد الطريقة الأمثل لتوجيه ما تشعر به لتحصل على نتائج إيجابيّة.