اكتشف العلماء نجمًا نيوترونيًّا لديه بعض خصائص المجال المغناطيسي الفريدة من نوعها. إنه اكتشاف مذهل، وقد يغير فهمنا لهذه الأجسام الغامضة، وهو النجم النيوتروني الأول من فئة جديدة تمامًا. رغم بعض الخصائص الأساسية المشتركة، فإن النجوم النيوترونية تتنوع في خصائصها البنائية، فيقترن بعضها اقترانًا ثنائيًّا، ويكون بعضها نجمًا وحيدًا، والبعض الآخر يُسمى النجوم النابضة، إذ تظل في حالة دوران وتومض مثل المنارة، والبعض يُسمى نجمًا مغناطيسيًّا لأنه يتميز بوجود حقل مغناطيسي قوي، والبعض الآخر ليس له أي مجال مغناطيسي ملحوظ.
رغم هذا التنوع، لم يُكتشف سابقًا أي نجم نيوتروني له مجال مغناطيسي من زاوية واحدة دون الزوايا الأخرى. حتى درس علماء الفيزياء الفلكية الروس النجم النيوتروني GRO J2058+42.
يُعَد GRO J2058+42 نجمًا نيوترونيًّا نابضًا يبعد نحو 30 ألف سنة ضوئية، يدور رفيقه الثنائي بسرعة كبيرة، وينبثق منه حول خط الاستواء قرص من المواد، هو المعروف بقرص التنامي decretion disc، وهي ظاهرة ليست شائعةً جدًّا، لكنها ليست نادرة أيضًا.
تبلغ مدة دوران النجم النيوتروني 196 ثانية، وهذا بطيء نسبيًّا قياسًا لكونه نجمًا نابضًا، يُعرف هذا النوع من النجوم أيضًا بالجسم العابر للأشعة السينية X-ray transient object، فهو ذو انبعاث متغير للأشعة السينية.
دُرس النجم جيدًا منذ اكتشافه سنة 1995، وبدا طبيعيًّا تمامًا باستثناء صفة واحدة: لا يمكن رؤية انبعاثات الأشعة السينية للنجم إلا في أثناء فترات الانفجار المشرق، عندما يلتهم بعض المواد من القرص المرافق.
كانت الخصائص الطيفية للنجم غير مفهومة جيدًا، لذلك عندما اكتشف الباحثون بداية تفجر من النجم في وقت قريب، اندفعوا إلى العمل.
سمحت لهم هذه السرعة بتدوين ملاحظات جديدة باستخدام المرصد الفضائي NuSTAR X-ray عالي الدقة، وكشفت هذه الملاحظات عن ظاهرة تُسمى ميزة المسرع الدوراني cyclotron features في انبعاث الأشعة السينية للنجم.
تتمثل هذه الظاهرة في خطوط طيف الأشعة السينية التي يُعتقد إنها ناتجة عن تشتت الفوتونات خارج الإلكترونات في المجال المغناطيسي، أي أن هذه الظاهرة تمثل دليلًا على وجود مجال مغناطيسي، وهي ظاهرة مُكتشَفة في نحو 30 نجمًا نيوترونيًّا.
ولكن لوحظ شيء غريب في هذا النجم تحديدًا. قاس العلماء أطياف الأشعة السينية للنجم من 10 اتجاهات مختلفة، ولم يُعثَر على ميزة المسرع الدوراني إلا في إحداها فقط!
على عكس النجوم النيوترونية التي تظهر حقولها المغناطيسية دائمًا، وتلك التي لا تحمل أي مجال مغناطيسي ملحوظ، فإن المجال المغناطيسي للنجم محل الدراسة يمكن ملاحظته في 10% فقط من مدة دورانه.
تبلغ قوة ذروة المجال المغناطيسي 10 تريليونات غاوس على السطح، وهو أمر طبيعي أيضًا لنجم نيوتروني.
لكن عدم انتظام بنية المجال المغنطيسي أوقعت الفريق في حيرة. لم تُرصد هذه التشوهات من قبل -مع إنها نفس طريقة تكوُّن البقع الشمسية- لكن مثل هذه الاختلافات في اتجاهات الحقول المغناطيسية للنجوم النيوترونية ممكنة فقط في فترات قصيرة.
يوضح الاكتشاف أن الحقول المغناطيسية للنجوم النيوترونية قد تكون أكثر تعقيدًا مما نعرفه. وقد يمثل هذا النجم فئةً جديدة من النجوم النيوترونية.
يقول عالم الفيزياء الفلكية Alexander Lutovinov من أكاديمية العلوم الروسية: «إن بنية الحقول المغناطيسية للنجوم النيوترونية موضوع أساسي في تكوينها وتطورها. إذ يحتفظ بالبنية ثنائية القطب لسلف النجم المنهار، ومع ذلك، حتى شمسنا يوجد بها عدم تجانس في المجال المغناطيسي الداخلي، يتجلى في البقع الشمسية.
قُدمت توقعات مماثلة لبنى النجوم النيوترونية سابقًا، ومن المدهش إننا نشاهدها في الواقع للمرة الأولى. الآن أصبح لدى علماء الفيزياء النظرية بيانات واقعية جديدة لنماذجهم، وأصبح لدينا أداة جديدة لدراسة المتغيرات الخاصة بالنجوم النيوترونية».
اقرأ أيضًا:
لأول مرة: أمواج الجاذبية تمكننا من رصد اصطدام النجوم النيترونية
الثقوب السوداء كما نعرفها قد لا تكون موجودة.. قد تكون شيئا آخر مختلفًا تمامًا
ترجمة: مصطفى العدوي
تدقيق: رزوق النجار
مراجعة: أكرم محيي الدين