تُعتبر الذاكرة المؤقتة أو الذاكرة قصيرة المدى من الأمور الأساسية لحياتنا العقلية؛ فنحن نستخدمها لحساب تكلفة التسوق أو لتذكر بداية الجملة عند نصل نهايتها. اختلف العلماء في ما إذا كانت الذاكرة المؤقتة تطورت بشكل خاص عند البشر فقط، فهل يمكن مقارنة الذاكرة المؤقتة بيننا وبين الشمبانزي ، أحد أقرب أقربائنا؟ انطلق الباحثون للإجابة على هذا السؤال.
أظهرت الدراسات السابقة أن الشمبانزي يتمتع بقدرات ممتازة للذاكرة طويلة المدى. مع ذلك، لم نصل إلى الكثير حتى الآن عن قدرات الذاكرة قصيرة المدى لديهم. لإلقاء الضوء على هذه القدرات، كلَّف الباحثون الشّمبانزي بمهمة؛ إذ عليهم البحث عن الطعام في عدد من الصناديق الصغيرة المغطاة.
يشاهد الشّمبانزي أولًا كيف أُخفيت قطع الطعام في هذه الصناديق، ثم تبدأ القرود البحث عن الغذاء عن طريق الإشارة إلى الصناديق واحدًا تلو الآخر. إذا احتوى الصندوق الذي اختاره على طعام، يحصل الشمبانزي على هذا الطعام مكافأةً له.
بعد كل اختيار تُغطى الصناديق لمدة 15 ثانية لاسترجاع جميع أماكن الغذاء التي يضعها الشّمبانزي في ذاكرته، أي الصناديق التي بحثوا فيها بالفعل عن الطعام.
زاد الباحثون من صعوبة المهمة اعتمادًا على قدرة كل شمبانزي عن طريق زيادة عدد الصناديق وتعديل الصناديق بين كل بحث. كشفت الدراسة أوجه التشابه الرئيسية بين الذاكرة قصيرة المدى للشمبانزي والإنسان بأن الشمبانزي الأفضل أداءً نجح في تذكر أماكن أربعة صناديق على الأقل، تذكر أحد صغار الشّمبانزي أكثر من سبعة صناديق. اعتمد الشّمبانزي على شكل الصناديق ومواقعها لتذكر خياراته السابقة.
عادةً يكون أداء البشر أسوأ في اختبارات الذاكرة قصيرة المدى إذا كانوا بحاجة إلى القيام بشيء آخر بنفس الوقت. وبالمثل انخفض أداء الشّمبانزي عند تكليفه بأداء مهمة ثانية بنفس الوقت. كانت الاختلافات في قدرة الذاكرة قصيرة المدى بين قرود الشمبانزي مستقرة على مدى أشهر.
لم يكن الفرق الأكثر وضوحًا بين الشمبانزي والبشر هو قدرة الذاكرة قصيرة المدى، لكن كان في استراتيجيات البحث التي يستخدمها البشر عادةً لتسهيل هذه المهمة؛ إذ لم يأتِ الشّمبانزي بفكرة البحث عن الصناديق في الصف من جهة لأخرى.
توضح هذه الدراسة أن الشّمبانزي مثله مثل البشر يمتلك قدرات ذاكرة قصيرة المدى تسمح له بتتبع سلسلة من الأحداث أو الإجراءات السابقة. على عكس ما زُعم سابقًا، لا يبدو أن سعة ذاكرة الشمبانزي قصيرة المدى تختلف اختلافًا جوهريًا عن القدرات البشرية. ي
قول كريستوف فولتير Christoph Voelter من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية وجامعة الطب البيطري في فيينا: «تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن أداء الشمبانزي يماثل أداء الأطفال الذين بعمر السابعة عند القيام بمهمة بديهية تقوم بها الذاكرة قصيرة المدى ولا تعتمد على تدريب مكثف مُسبق».
اقرأ أيضًا:
الشمبانزي يمتلكون ثقافتهم الخاصة بهم، والبشر يدمرونها
هناك تشابه غريب بين طريقة تواصل الشمبانزي ولغة البشر
طورت إناث الشمبانزي استراتيجية مبتكرة لحماية أطفالها من الموت
ترجمة: منار سعيد
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: براءة ذويب