يعتبر إروين شرودنجر واحد من أكبر مؤسسي الفيزياء الكمومية. اشتهر شرودنجر باسهاماته العديدة قي الفيزياء مثل تجربة قطة شرودنجر التخيلية ومعادلة شرودنجر التي حصل من خلالها على جائزة نوبل في الفيزياء تكريمًا لجهوده.
أصبحت تجربته لمفارقة القط (feline paradox) جزءًا أساسيًا من الثقافة الشعبية، لكن ما عزز مكانة إروين شرودنجر في عالم الفيزياء كان عمله في ميكانيكا الكم. هذا الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل كان ليبلغ من العمر 126 عامًا مؤخرًا. وللاحتفال به، كرمت “Google” ولادته من خلال رسومات (ثيمات) رمزية للقط تشيد بمفارقة شرودنجر المقترحة في عام 1935 للتجربة النظرية التالية.
قطة شرودنجر:
توضع القطة في صندوق معدني إلى جانب عداد جايجر وقارورة من السم، بالإضافة إلى مطرقة ونظير لمادة مشعة. عندما يتحلل النظير المشع، يكتشف عداد جايجر ذلك ويدق المطرقة لإطلاق السُم في القارورة، الذي يقتل القط بعد ذلك.
يُعتبَر التحلل الإشعاعي عمليةً عشوائيةً، ولا توجد طريقة للتنبؤ بموعد حدوثها. يقول الفيزيائيون إن الذرة موجودة في حالة تُعرف باسم (التراكب)؛ فهي تتحلل ولا تتحلل في الوقت ذاته.
إلى أن يُفتح الصندوق، لا يعرف الراصد ما إذا كانت القطة حية أم ميتة؛ وذلك لأن مصير القطة مرتبط ارتباطًا جوهريًا فيما إذا كانت الذرة قد تحللت أم لا. وستكون القطة -كما قال شرودنجر- حية وميتة على حد سواء حتى تُرصد.
بتعبير آخر، إلى أن يُفتح الصندوق، فإن حالة القطة غير معروفة تمامًا، وبالتالي، فإن القطة على قيد الحياة وميتة في الوقت ذاته ما لم تُرصد. هذه هي تجربة قطة شرودنجر.
يقول إريك مارتيل، أستاذ مساعد في الفيزياء وعلم الفلك في جامعة ميليكين: «إذا وضعت القطة في الصندوق، وإذا لم تكن هناك طريقة لمعرفة ما تفعله، فعليك أن تعاملها كما لو أنها تفعل كل الأشياء الممكنة -الحياة والموت- في الوقت نفسه.
إذا حاولت التنبؤ وافترضت أنك تعلم بحالة القطة، فمن المحتمل أن تكون مخطئًا. لكن، من ناحية أخرى، إذا افترضت أن القطة في مجموعة من جميع الحالات المحتملة التي يمكن أن تكون عليها، فأنت على حق».
عند النظر إلى القطة، يعرف الراصد على الفور ما إذا كانت القطة حية أم ميتة. وتنهار حالة التراكب للقطة (فكرة أنها في كلتا الحالتين) عند معرفة ما إذا كانت حية أو ميتة، إذ لا يمكن أن تكون في كلتا الحالتين.
طور شرودنغر المفارقة، كما يقول مارتيل، لتوضيح نقطة في ميكانيكا الكم حول طبيعة الجسيمات الموجية.
ويضيف قائلًا: «ما اكتشفناه في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين هو وجود أشياء صغيرة جدًا جدًا لا تخضع لقوانين نيوتن. إذ لا يمكن تطبيق القواعد التي استخدمناها للتحكم في حركة الكرة أو الشخص أو السيارة لشرح طريقة عمل الإلكترون أو الذرة».
جوهر نظرية الكم -والتي تُستَخدم لوصف طريقة تصرف الجسيمات دون الذرية مثل الإلكترونات والبروتونات- هي فكرة دالة الموجة. تصف دالة الموجة جميع الحالات المحتملة الممكنة للجسيمات، بما في ذلك الخصائص مثل الطاقة والزخم والموضع. يقول مارتيل: «دالة الموجة هي مزيج من جميع دوال الموجة المحتملة».
تشير دالة الموجة لجسيم ما إلى وجود بعض الاحتمالات في إمكانية كونه في أي موضع محتمل. لكن ليس بالضرورة أنك تعرف أنه في موضع معين دون أن ترصد ذلك. إذا وضعت إلكترونًا حول النواة، يمكن أن يكون في أي حالة وفي أي موضع مُحتمل ما لم تنظر إليه وتعرف مكانه». هذا ما كان يوضحه شرودنغر بمفارقة القط، كما يقول.
يقول مارتيل: «في أي نظام فيزيائي، ودون الملاحظة (الرصد)، لا يمكنك أن تصف ما يفعله شيء ما. عليك أن تقول إنه قد يكون أيًا من هذه الأشياء المُتحمل حدوثها حتى لو كان الاحتمال ضئيلًا».
اقرأ أيضًا:
بعد قرن من ظهورها: قطة شرودينجر ليست حكرًا على فيزياء الجسيمات
ترجمة: أزهر البكري
تدقيق: تسنيم المنجد