قامت شركة غوغل بتكريم هذا الفيزيائيّ برسمٍ عن القطّ، وسيتم شرح الفيزياء التي تقبع وراء هذه المفارقة- بقلم ميلودي كرامر، ناشيونال جيوغرافيك-.

إروين شرودنغر، أحد آباء ميكانييا الكمّ، اشتهر لعددٍ من الإسهامات المهمّة التي قدّمها للفيزياء، خصوصًا معادلة شرودنغر، التي خوّلته للحصول على جائزة نوبل للفيزياء عام 1933م.

وبالرغم من التجربة الفكريّة الماكرة التي عرضها إروين شرودنغر، فقد أصبحت جزءًا أساسيًّا من الثقافة الشعبيّة، وكان عمله في ميكانيكيا الكمّ سببًا في تعزيز مكانته في عالم الفيزياء.

وبمناسبة عيده المئة والستة والعشرين، كرّمت شركة غوغل الفائز بجائزة نوبل برسمٍ عن القطّ؛ للثّناء على مفارقة شرودنغر التي عرضت عام 1935م في التجربة النظريّة التالية:

 

تمّ وضع قطٍّ في صندوقٍ فولاذيٍّ مع عدّاد غايجر(Geiger counter)، وقارورة سمٍّ، ومطرقة، ومادّة مشعّة، عندما تتفكّك المادّة المشعّة، يرصد الغايجر ذلك، ويقوم بتحريك المطرقة؛ ليتحرّر السّمّ، ومن ثم يموت القطّ.

إنّ عمليّة التفكّك الإشعاعيّ، عمليّةٌ عشوائيّةٌ، وما من طريقةٍ لتوقّع حدوثها، ويقول الفيزيائيّون إنّ الذرة متواجدةٌ في حالةٍ تعرف بالحالة المركّبة – كلا الحالتين حالة التفكّك وعدم التفكّك في الوقت نفسه-.

وحتّى يتمّ فتح الصندوق، فالمراقب لا يعلم إن كان القطّ حيًّا أم ميّتًا؛ لأنّ مصير القطّ متعلّقٌ بشكلٍ جوهريٍ بما تقوم به الذرّة، إن قامت بالتفكّك أو لم تقم، ويكون القطّ في هذه الحالة، – بالطريقة التي صاغها شرودنغر-، “حيًّا وميّتًا… باحتمالات متماثلة”، حتّى تتمّ مشاهدته.

(للمزيد من الفيزياء: فيزياء الزلّاجات المائيّة The Physics of Waterslides).

 

وبطريقةٍ أخرى، إنّ حال القطّ غير معروفٍ بالمرّة؛ ولذلك فإنّنا نعتبر أنّ القطّ حيًّا وميّتًا في الوقت نفسه حتّى تمّ مشاهدته.

يشرحه الأستاذ المساعد في الفيزياء والفلك في جامعة ميليكين، إيريك مارتل، قائلًا: “إذا قمت بوضع القط في صندوقٍ، وإذا لم تكن هناك طريقةٌ لتعرف ما يقوم به هذا القط، عليك معاملته على أنّه يقوم بكلّ الأشياء الممكنة_ أيّ كونه حيًّا وميّتًا_ في الوقت نفسه،”، و”إذا حاولت التكهّن، وافترضت أنّك تعلم ما حالة القط، فإنّك ستكون -على الأرجح- على خطأٍ، ولكن، من جهة أخرى، إذا افترضت أنّها مجموعةٌ من كلّ الاحتمالات الواردة التي يمكن حدوثها، ستكون على صوابٍ”.

وفور النظر إلى القطّ، سيعرف المراقب ما إذا كان القطّ حيًّا أو ميّتًا، و(الحالة المركّبة) للقطّ_ فكرة أنّه كان في كلتا الحالتين_ ستتدهور، وستنشأ في المقابل معرفة ما إذا كان (القطّ حيًّا)، أو (القطّ ميّتًا)، وليس الحالتين سويًّا.

 

ويقول مارتيل: إنّ شرودنغر قام بتطوير هذه المفارقة لتوضيح نقطة ميكانيكيا الكمّ، عن طبيعة الجزيئات الموجيّة.

ويضيف: “ما قمنا باكتشافه في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيّات، هو أنّ الأشياء الصغيرة للغاية لا تمتثل لقوانين نيوتن؛ لذلك فإنّ القوانين التي نقوم باستخدامها للتحكّم بحركة كرةٍ ما، أو شخصٍ ما، أو سيّارةٍ ما، لا يمكن استخدامها لتفسير كيفيّة عمل الإلكترونات أو الذرّات.”

وتقع في صميم النظريّة الكمّيّة_التي تستخدم لوصف طريقة تصرّف الجسيمات دون الذّرّيّة كالإلكترونات والبروتونات_ فكرة الدالّة الموجيّة، وتقوم الدّالّة الموجيّة بوصف كلّ الحالات المحتملة التي يمكن لهذه الجسيمات أن تمتلكها، بما يتضمّن الخصائص مثل الطاقة، والعزم، والموقع.

ويقول مارتيل: “إنّ الدّالّة الموجيّة، هي مزيجٌ من كلّ احتمالات الدّالّات الموجيّة الموجودة، وتدلّ الدالّة الموجيّة للجزيئة على أنّ هناك احتمالٌ لوجود هذه الجزيئة في أيّ موقعٍ مسموحٍ، ولكن لا يمكنك بالضرورة أن تقول إنّك تعرف أنّها موجودةٌ في موقعٍ معيّنٍ دون أن تشاهدها، وإذا قمت بوضع إلكترون حول النواة، يمكنه أن يتّخذ أيًّا من الحالات، أو المواقع المسموحة، طالما نحن لا ننظر إليه، ونعلم بمكانه”.

 

ويقول: إنّ هذا ما كان شرودنغر يحاول توضيحه من خلال مفارقة القطّ، ويضيف مارتيل: “ولا يمكنك في أيّ منظومةٍ فيزيائيّةٍ أن تقول ما يقوم به شيءٌ ما، عليك القول إنّه يمكنه أن يكون أيًّا من هذه الأشياء التي يمكنه القيام بها، حتّى وإن كان الاحتمال صغيرًا”.


  • المترجم: منال جابر.
  • تدقيق: رجاء العطاونة.
  • تحرير: ياسمين عمر.
  • المصدر