ينص مفهوم المدى القصير في الاقتصاد على ثبات أحد مدخلات العملية الإنتاجية خلال فترة زمنية معينة في المستقبِل بينما تكون باقي المدخلات متغيرةً، يتغير سلوك الاقتصاد تبعًا لطول الفترة التي يتفاعل فيها مع بعض المؤثرات الاقتصادية، لا يشير المدى القَصير إلى فترة زمنية محددة ولكنه محدد بالنسبة لشركة معينة أو لصناعة معينة أو للمتغير الاقتصادي المدروس.
من المبادئ الأساسية التي تميز مفهوم المدى القصير عن المدى الطويل هو أن الشركات تواجه تكاليف ثابتة ومتغيرة على المدى القصير، وبذلك لا يتمتع كل من الإنتاج والأجور والأسعار بالحرية الكاملة للوصول إلى توازن -النقطة التي تتوازن عندها تلك القوى المتعارضة-.
مفهوم المدى القصير
تختلف القيود المفروضة على المدى القَصير عن تلك المفروضة على المدى الطويل، تحد عقود الإيجار وعقود العمل وأجور العمال على المدى القصير من قدرة الشركة على ضبط الإنتاج أو الأجور للحفاظ على معدل الربح، أما على المدى الطويل فلا توجد تكاليف ثابتة، تتوازن التكاليف عندما تنتج توليفة المخرجات، التي تضعها الشركة، سعيًا إلى قيمة سلع بأقل سعر ممكن.
مثلًا، إذا كان الطلب في مشفى ما أقل من المتوقع لعام معين، وكانت المشفى متعاقدة مع كادر العمل بأكمله من أطباء وممرضين وفنيين خلال هذا العام، فلا خيار أمامها إلا التخلي عن جزء من أرباحها. تملك الشركات ذات الكثافة الرأسمالية الوقت لتوسيع أو تقليص العمليات في المصانع أو الاستثمارات بما يتناسب مع الطلب المتغير على المدى الطويل إلا أنها غير قادرة على الاستفادة من التغيرات بنفس درجة المرونة على المدى القَصير .
ملاحظة هامة: لا يشير المدى القصير إلى فترة زمنية معينة لكنه محدد للشركة أو الصناعة أو المجال الاقتصادي المدروس.
أمثلة على تكاليف التشغيل على المدى القصير
يوجد العديد من الطرق لفهم التحديات التي تواجهها الشركات والصناعات على المدى القصير مقابل المدى الطويل، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
تضررت كبرى شركات التعدين Mining والطاقة خاصةً بسبب انخفاض أسعار الحديد الخام والفحم والنحاس وغيرها من السلع، ما يؤكد ارتفاع تكاليفها الثابتة على المدى القصير، فقد خسرت شركة جلينكور Glencore 5 مليارات دولار عام 2015، في حين خسرت شركة فيل Vale 12 مليار دولار، وخسرت شركة ريو تينتو Rio Tinto 866 مليون دولار.
رغم انخفاض الأسعار، تستمر هذه الشركات في زيادة الإنتاج وذلك بسبب الاستثمارات الجديدة التي أجرتها عندما ارتفعت أسعار السلع بشكل كبير عام 2011 خاصةً في البرازيل وأستراليا، على سبيل المثال، اشترت شركة جلينكور Glencore شركة Xstrata في عام 2013 مقابل 30 مليار دولار في صفقة حصلت من خلالها على معظم أصولها من التعدين والتي انخفضت قيمتها بشكل ملحوظ.
عند تحليل التكاليف على المدى القَصير مقابل التكاليف على المدى الطويل يتوجب فهم سلوك الشركات. يُفضل في بعض الحالات الاستمرار في تشغيل الشركة على الرغم من عدم تحقيقها للأرباح على المدى القصير إذا كان ذلك يساعد في تعويض التكاليف الثابتة جزئيًا، أما على المدى الطويل، يمكن للشركة أن تنهي عقود الإيجار واتفاقيات الأجور الخاصة بها وتوقف عملياتها إذا عانت من تكاليف باهظة.
أفكار رئيسية سريعة
- ينص المدى القصير على أنه خلال فترة زمنية معينة في المستقبل، أحد مدخلات العملية الإنتاجية أو أكثر ثابت وباقي المدخلات متغيرة.
- يتغير السلوك الاقتصادي على المدى القَصير بناءً على مقدار الوقت اللازم لاستيعاب المؤثرات الاقتصادية والتفاعل معها.
- يعتبر المدى القصير نظير المدى الطويل والذي لا يشتمل على تكاليف ثابتة. وبالمقابل يُصل إلى التوازن عند أقل مبلغ يمكن دفعه لقاء تلك التكاليف.
اقرأ أيضًا:
المعايير الدولية للتقارير المالية
منظمة التجارة العالمية – ما هي وما هي أهدافها ؟
ترجمة: ميسم رجب
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: آية فحماوي
