يصيب الإحصار القلبي أو إحصار الحزمة الأذينية البطينية AV bundle أو إحصار فروع الحزمة (إحصار الغصن) النظام الكهربائي للقلب. ويختلف بذلك عن أمراض الشرايين الإكليلية التي تصيب الأوعية الدموية في القلب. تكون ضربات القلب في حالة الإحصار غير منتظمة وأبطأ من المعدل الطبيعي، وقد تتوقف لمدة تصل إلى عشرين ثانية في كل مرة.
سبب ذلك هو تأخر أو إعاقة أو اضطراب على طول الطريق الذي تسلكه النبضات الكهربائية لتشكل الضربة القلبية. قد ينتج ذلك عن إصابة أو أذية العضلة القلبية أو الدسامات (الصمامات القلبية). لا يحتاج الإحصار القلبي بحد ذاته إلى العلاج المباشر، لكن الاضطرابات الصحية المتعلقة به تحتاج إلى المعالجة.
ما هو الإحصار القلبي ؟
ينبض قلب الإنسان الطبيعي بمعدل 60 حتى 100 نبضة كل دقيقة. النبضة القلبية هي التقلص الواحد للعضلة القلبية، يُدفع من خلالها الدم لكل الجسم.
في الحالة الطبيعية، يُتحكّم بتقلص العضلة القلبية من خلال إشارات كهربائية تنتقل من الأذينة أو حجرات القلب العلوية، إلى البطينات أو حجرات القلب السفلية.
يحدث الإحصار القلبي الجزئي عندما تتأخر النبضات الكهربائية أو تتوقف، مانعةً القلب من النبض بشكل منتظم.
يحدث الإحصار القلبي الكلي عندما تتوقف هذه الإشارات بشكل كامل؛ ينخفض معدل ضربات القلب حتى الأربعين ضربة في الدقيقة.
وحتى التغيرات التي تستمر لأجزاء من الثانية للنبضات الكهربائية قد تسبب إحصارًا قلبيًا.
في بعض الأحيان، يسبب إحصار القلب صعوبة في ضخ القلب للدم بشكل جيد عبر جهاز الدوران، نتيجةً لذلك لا تحصل عضلات الجسم وأعضاؤه بما فيها الدماغ على الأكسجين الضروري لعملهما بشكل صحيح.
يسبب الإحصار القلبي عادةً الدوار والإغماء والخفقان؛ وتتعلق الخطورة بشدة الإحصار القلبي. على سبيل المثال، يمكن للإحصار القلبي من الدرجة الثالثة أن يزيد من سوء المشاكل الموجودة مسبقًا كقصور القلب، ويمكن أن يسبب فقدانًا للوعي أو حتى توقف القلب، قد يحدث ألم صدري أيضًا.
من ناحية أخرى، تحدث أمراض القلب الإكليلية عندما تتراكم مادة شمعية تدعى العصيدة (plaque) على جدار الشرايين الإكليلية. يمكن أن تسبب ألمًا صدريًا يعرف أيضًا بالخناق الصدري (angina)، أو نوبة قلبية تُعرف أيضًا باحتشاء العضلة القلبية (myocardial infarction) (MI).
أنواع الإحصار القلبي
توجد ثلاثة أنواع للإحصار القلبي:
يتضمن الإحصار القلبي من الدرجة الأولى اضطرابات بسيطة في نبضات القلب، مثل الضربات الساقطة (skipped beats) ويُعتبر النوع الأقل خطورةً، ولا يحتاج عادةً للعلاج.
يحدث الإحصار القلبي من الدرجة الثانية عندما لا تصل الإشارات الكهربائية إلى القلب مسببةً ضربات ساقطة. قد يشعر المريض بالدوار وقد يحتاج إلى زراعة ناظمة قلبية (pacemaker).
وقد لا يتقلص البطين لأن النبضات لا تصل إليه من الأذينة.
في الإحصار القلبي من الدرجة الثالثة أو الإحصار القلبي التام لا تنتقل الإشارات الكهربائية بين حجرات القلب العلوية والسفلية. هذا النوع أكثر شيوعًا عند المصابين بأمراض قلبية، ودون ناظمة قلبية هناك خطر كبير لحدوث نوبة قلبية.
الأسباب
في القلب السليم، تُعطي النبضات الكهربائية التي تنتقل عبر القلب الأوامر له كي يتقلص أو ينبض؛ تتحرك النبضات على طول المسار من حجرات القلب العلوية خلال العقدة الأذينية البطينية AV node إلى الحجرات السفلية.
توجد مجموعة ألياف قلبية على طول هذا المسار وتدعى هذه الألياف حزمة هيس (bundle of His) أو الحزمة الأذينية البطينية (AV bundle)؛ تنظم هذه الحزم مرور النبضات الكهربائية إلى البطينات وتوجد حزمة (غصن) لكل بطين.
قد تسبب أذية واحد من هذين الغصنين تقلصات بطينية غير متناسقة، وقد تنتج عنها ضربات قلبية غير طبيعية. عادةً، لا يعتبر الإحصار القلبي الأيمن مشكلة خطيرة، لكن الإحصار في الجهة اليسرى قد يكون مؤشرًا لارتفاع خطر الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية أو مشاكل قلبية أخرى.
الأعراض
قد يختبر المصاب بإحصار قلبي:
- بطء معدل ضربات القلب أو عدم انتظامها أو خفقانًا.
- ضيق نفس.
- دوارًا وإغماء.
- ألمًا في الصدر أو إحساسًا بعدم الارتياح.
- صعوبة إجراء التمارين، بسبب نقص الدم الذي يُضَخ عبر الجسم.
قد يبدو الأشخاص المصابون بإحصار قلبي أصحاء، لكن قد يمتلكون مشكلة قلبية مستبطنة.
عوامل الخطورة
السبب الأكثر شيوعًا للإحصار هو تندب النسيج القلبي مع التقدم بالعمر. يولد بعض الأشخاص مصابين بإحصار قلبي، لكن الخطورة الأكبر تكون عند الأشخاص الأكبر سنًا مع سوابق مرض قلبي أو تدخين.
تزيد الحالات التالية من خطر الإصابة:
- اعتلال العضلة القلبية.
- انسداد الشرايين الإكليلية.
- التهاب العضلة القلبية (myocarditis).
- التهاب شغاف القلب (endocarditis) أو التهاب الدسامات القلبية.
- نسيج متندب في القلب بعد عملية جراحية أو نوبة قلبية.
قد يحدث الإحصار القلبي الحاد أو المفاجئ أيضًا بعد نوبة أو جراحة قلبية. وقد يحدث أيضًا باعتباره أحد مضاعفات داء لايم (Lyme disease).
التشخيص
يتناقش الطبيب مع المريض حول الأعراض ويصغي لقلبه؛ قد يتوقع الطبيب مرضًا قلبيًا اعتمادًا على العمر والتاريخ الطبي، ويحوّل المريض إلى طبيب قلبية أو أخصائي قلبي.
هناك عدد من الاختبارات التشخيصية للإحصار القلبي:
- الاختبار الأكثر شيوعًا هو تخطيط القلب الكهربائي ECG. يسجل هذا التخطيط فعالية القلب. تظهر المسابر الموضوعة على جلد الصدر النبضات الكهربائية عبر القلب على شكل موجات.
قد تشير شذوذات الموجات إلى إحصار قلبي. قد يُظهر أيضًا تخطيط القلب الكهربائي إن كان الغصن الأيمن أم الأيسر هو المتأثر.
- جهاز هوتلر (Holter tape) هو جهاز محمول يسجل كل ضربات قلب المريض. يرتديه المريض تحت ملابسه، ويسجل المعلومات حول نشاط القلب الكهربائي عندما يمارس الشخص أنشطته الطبيعية على مدار يوم أو يومين.
يضغط المريض زرًّا عند حدوث الأعراض. يؤدي ذلك إلى تسجيل نظم القلب في تلك اللحظة.
- تخطيط صدى القلب (echocardiogram) هو فحص بالأمواج فوق الصوتية يسمح للطبيب برؤية العضلة القلبية والدسامات.
- يستخدم اختبار الفيزيولوجيا الكهربائية (electrophysiology) صدمات كهربائية صغيرة لتحديد سبب شذوذ النظم وموقعه في القلب.
- في اختبار الطاولة المائلة (tilt-table test) يستلقي المريض على طاولة تتغير وضعيتها. يمكن لذلك أن يُحرض لا نظميات (arrhythmia) وهي ضربات قلبية غير طبيعية.
علاج الإحصار القلبي
لا يوجد علاج محدد للإحصار القلبي.
أغلب الأشخاص المصابين بإحصار غصن (bundle branch block) لا تظهر عليهم الأعراض وليسوا بحاجة علاج؛ على أي حال، أي سبب مستبطن كارتفاع التوتر الشرياني سيحتاج للعلاج.
إذا أُصيب مريض إحصار غصن أيسر بنوبة قلبية قد يُعطى علاج إعادة التروية الدموية (reperfusion therapy) لإعادة الجريان الدموي عبر الشرايين المسدودة.
يمكن أن يُنجز ذلك باستخدام العوامل المضادة للتخثر (anti-clotting agent)، مثل الستريبتوكيناز (streptokinase) لحلّ الخثرات الدموية وزيادة الجريان الدموي للقلب، لكن مضادات التخثر تزيد خطر النزف.
قد تُزرَع ناظمة قلبية اصطناعية (artificial pacemaker)؛ وهي جهاز صغير يعمل بالبطارية، تُزرع تحت الجلد عند المرضى الذين لديهم سوابق إغماء؛ يوضع بالقرب من عظم الترقوة في إجراء جراحي يستمر من ساعة واحدة حتى ساعتين تحت التخدير الموضعي.
تُضبط العديد من هذه الأجهزة لتوليد النبضات الكهربائية فقط عند الحاجة إليها؛ يمكن لبعضها أن يدرك توقف القلب ويولد نبضات كهربائية لإعادة تشغيله.
لا تتأثر الناظمة القلبية بالهواتف النقالة أو الأجهزة الموسيقية المحمولة أو الأجهزة المنزلية. لكن لا يستطيع المريض الخضوع لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي MRI عند وضعها.
مضاعفات الإحصار القلبي
لدى الأشخاص المصابين بإحصار غصن أيسر خطورة أكبر لحصول المضاعفات مقارنةً مع المصابين بإحصار غصن أيمن.
تتضمن الاختلاطات المحتملة:
- لا نظميات، أو ضربات قلبية غير منتظمة.
- بطء قلب (bradycardia).
- تقلص غير كافٍ.
- توقف قلب وقصور دوران.
- موت قلبي مفاجئ والذي يمكن أن يكون مميتًا خلال ساعة واحدة من بدء الأعراض.
لا يمكن تجنب الإحصار القلبي دائمًا، لكن يمكن تقليل خطر حدوث الأمراض القلبية من خلال الحفاظ على نظام غذائي صحي والتمرين المنتظم وتقليل استهلاك الكحول والابتعاد عن التدخين.
اقرأ أيضًا:
اعتلال عضلة القلب التوسعي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
اعتلال عضلة القلب الكحولي المنشأ: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
المتلازمة القلبية الكلوية: الأسباب والاعراض والتشخيص العلاج
مرض القلب الرئوي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: راما الصوا
تدقيق: علي قاسم
مراجعة: تسنيم المنجد