فيتامين (ج) Vitamin C علاج شائع، يعتقد البعض أنه يشفي من نزلات البرد والإنفلونزا، ومع أنه يساعد على المحافظة على صحة الجهاز المناعي، فإن الأدلة التي تدعم أنه يقلل من حدوث أي من هذه الأمراض هي أدلة ضعيفة. وفي خضم جائحة فيروس كورونا الحالية، يزعم البعض أن تناول الكثير من فيتامين (ج) يعالج الإصابة بفيروس COVID-19.
إذن هل يعالج فيتامين (ج) مرضى فيروس كورونا؟
لما كان فيروس كورونا الجديد ينتمي إلى نفس عائلة فيروسات الإنفلونزا ونزلات البرد (عائلة الفيروسات التاجية)، فمن غير المحتمل أن يؤدي تناول الفيتامين (ج) إلى شفائك أو وقايتك من العدوى بفيروس COVID-19.
أول من اقترح استخدام فيتامين (ج) لعلاج نزلات البرد هو الكيميائي لينوس باولنج Linus Pauling الفائز بنوبل، وتلقت الفكرة تعزيزًا إضافيًّا من طريق مُصنعي المكملات الغذائية، لكن حتى الآن لم تتوفر أدلة كافية تدعم هذه النظرية.
اكتُشفت الفيتامينات في أوائل القرن العشرين، بوصفها عناصر موجودة بكميات ضئيلة في نظامنا الغذائي، ذات أهمية كبرى لصحتنا، ونعلم الآن أن الأشخاص الذين لديهم نقص في بعض الفيتامينات تتطور لديهم الأمراض المرتبطة بالعوز، فمثلًا من لديهم عوز فيتامين (ج) يُصابون بالإسقربوط scurvy، ومع ذلك لم يُكتشَف حتى العام 1930أن الإسقربوط يحدث نتيجة عوز فيتامين (ج)، وأن تناوله يَشفي من المرض.
وُلِدَ مجال التغذية مع اكتشاف الفيتامينات، ومنذ ذلك الوقت أصبح صناعةً تنافسية غير مُنظمة، تشهد عادةً منافسةً بين الحقائق العلمية وناشري المعلومات الخاطئة الراغبين في الربح، وجائحة فيروس كورونا الجديدة هي أحدث مثال على ذلك.
انتشرت الأخبار المُضللة حول أهمية فيتامين (ج) في علاج عدوى فيروس COVID-19 سريعًا، وهذا غالبًا هو سبب نقص فيتامين (ج) في آسيا، وتزايد الطلب عليه بمقدار 5 أضعاف في سنغافورة، إضافةً إلى الفيتامينات المتعددة.
الوظيفة المناعية للجسم
فيتامين (ج) ضروري للحفاظ على توازن تفاعلات الأكسدة، وهي تفاعلات كيميائية في الخلايا تتضمن إضافة أكسجين أو إزالته. هذه التفاعلات ضرورية للعديد من العمليات مثل توليد الطاقة في الخلايا، مع ذلك قد تُنتج هذه التفاعلات مواد مُضرة بالخلايا البشرية، تتفاعل مع الدهون والبروتينات والأحماض النووية. يحد الفيتامين (ج) من هذه التفاعلات الضارة، ويساعد الإنزيمات على بناء الكولاجين الضروري لتدعيم أنسجة الجسم.
ومع أن الفيتامين (ج) لا يملك خصائص شافية للأمراض، تُظهر بعض الأبحاث أنه يساعد الجهاز المناعي على مكافحة الجراثيم والفيروسات، وأظهرت دراسة حديثة دوره في الوقاية من العدوى الفيروسية، إذ تستخدمه الخلايا المناعية في إنتاج البروتينات التي تُفعِّل مقاومة الهجوم الفيروسي في الجسم.
يمكننا الحصول على مستويات كافية من الفيتامين (ج) من طريق نظامنا الغذائي الذي يحافظ على صحة جهازنا المناعي. يتوفر الفيتامين (ج) في الفواكه والخضراوات مثل البرتقال والبروكلي والبطاطا، ومع أن فيتامين (ج) غير سام، إذ إنه قابل للذوبان في الماء ما يُسهل طرحه من الجسم، قد تؤدي الجرعات المفرطة منه إلى ظهور أعراض مُزعجة، كالإسهال والغثيان والتشنجات.
من المُستبعَد أن يكون الفيتامين (ج) علاجًا شافيًا لعدوى COVID-19، لكن حقيقة أنه قادر على تعزيز الجهاز المناعي تجعل من المبالغة أن ننفي وجود أي فائدة له.
أظهرت إحدى الدراسات أن الفيتامين (ج) لا يملك تأثيرًا في تخفيض تواتر نزلات البرد، لكنه يستطيع تقليص مدة أعراض نزلة البرد قليلًا، وفي حالة الأشخاص المشاركين في أنشطة جسدية عنيفة (كعدّائي الماراثون والمتزلجين)، وُجد أن فيتامين (ج) يقلص مدة أعراض نزلات البرد لديهم إلى النصف.
شجعت هذه النتائج بدء تجربة سريرية جديدة لعلاج عدوى COVID-19 باستخدام جرعات وريدية عالية من الفيتامين (ج)، لكن لم تُنشر أي نتائج بعد. إن الحقن الوريدي لفيتامين (ج) سيُنتج مستويات أعلى من الفيتامين في الدم مقارنةً بتناوله فمويًّا.
قد يزيد ذلك من التأثير الوقائي لفيتامين (ج)، لكن ذلك لم يثبت بعد، إضافةً إلى أن الحقن الوريدي يسبب العديد من المخاطر، كالعدوى وتضرر الوعاء الدموي والانسداد الوعائي والخثرات الدموية.
لفيتامين (ج) تأثير بسيط على نزلات البرد، ومع ذلك فمن المُستبعد أن يساعد تناول الكثير منه على شفاء عدوى COVID-19، أو أن يؤثر في سير المرض عمومًا. وإنْ أثبتت التجارب السريرية فائدته في تقصير مدة المرض، فلن يعدو كونه علاجًا مُساعدًا إلى جانب العلاجات الموجَّهة ضد الفيروس، كاللقاح مثلًا.
تظل الطريقة الأكثر فعالية لتجنب الفيروس هي غسل اليدين، وعدم لمس العينين والأنف والفم، والإبقاء على مسافة كافية بينك وبين أي شخص تظهر عليه الأعراض.
اقرأ أيضًا:
كيف يمكن الكشف عن فيروس كورونا المستجد؟
ارتداء الجميع للأقنعة والقفازات لن يوقف انتشار فيروس كورونا بل سيسرع انتشاره
ترجمة: أنس حاج حسن
تدقيق: سمية بن لكحل
مراجعة: أكرم محيي الدين