يُعد المريخ نقطة ثابتة الأهمية بالنسبة لمستكشفي الفضاء حول العالم. وقد أُرسلت عشرات المركبات الفضائية لدراسته، يطمح رواد الفضاء في الهبوط عليه، ولكن يبدو هذا الحلم صعب المنال بقدر قربه من مخيلتنا. ما هي أهم النقاط حول الكوكب الأحمر ؟
1- احتوى الكوكب الأحمر على ماء في الماضي القديم
تُناقش فكرة الحياة السابقة على المريخ منذ قرون. وقد أساء العالم الفلكي بيرسيفال لويل تفسير القنوات التي لاحظها -باعتبارها دليلًا على وجود مخلوقات فضائية- واتضح أن ملاحظات لويل أُعيقت بسبب بصريات تلسكوب بدائي الصنع في أيامه، والقنوات التي رآها ما كانت سوی أوهام بصرية.
ومع ذلك، فقد رصدت العديد من المركبات الفضائية علامات أخرى على وجود مياه قديمة. على سبيل المثال: وُجدت قنوات تخترق التضاريس والصخور، وهذا دليل على أنها قد تشكلت فقط في حال وجود الماء.
2- يحوي المريخ مياهًا مجمدة اليوم
نحن مهتمون جدًا بمسألة المياه؛ لأنها تؤكد أو تنفي وجود الحياة ببساطة. فالحياة كما نعرفها أكثر احتمالًا بوجود الماء هناك. في الواقع، فإن مهمة مركبة كيريوستي الفضائية على كوكب المريخ الآن هي البحث عن بيئات صالحة للسكن (في الماضي أو الحاضر).
لدى الكوكب الأحمر غلاف جوي رقيق لا يسمح بتدفق الماء ولا الحفاظ عليه بكميات كبيرة على السطح. لكننا نعرف على وجه اليقين أن هناك جليدًا في القطبين وفي مناطق أخرى على هذا الكوكب. ولكن يبقى السؤال عن إمكانية ذوبان الجليد صيفًا بشكل كافٍ لخلق بيئة مناسبة لحياة أي ميكروبات!
3- لدى المريخ غلاف جوي أكثر سمكًا
يحتاج الكوكب الأحمر إلى غلاف جوي أكثر سمكًا ليتدفق الماء على سطحه؛ لذا لا بد أن شيئًا كهذا حدث في بضع مليارات سنة قليلة مضت. يُعتقد أن طاقة الشمس الضاربة للغلاف الجوي جردت الأشكال الأخف من الهيدروجين في الأعلى، مبعثِرةً الجزيئات إلى الفضاء على مدى فترت طويلة من الزمن؛ ما أنقص من حجم الغلاف الجوي على المريخ. يُبحث بهذا الشأن بالتفصيل عن طريق مسبار (مافن-MAVEN) التابع لوكالة ناسا الفضائية والمختص بالغلاف الجوي للمريخ تحديدًا.
4- يحوي المريخ تضاريس شاهقة الارتفاع والانخفاض
تبلغ جاذبية سطح الكوكب الأحمر 37% من جاذبية الأرض فقط، ما يجعل فوهات البراكين أعلى قبل أن تنساب، على سبيل المثال؛ يُعد بركان أوليمبوس مونس أطول بركان على كوكب في المجموعة الشمسية وفقًا لناسا، إذ يبلغ ارتفاعه 25 كم وقطره تقريبًا مساوٍ لولاية أريزونا.
يحتوي المريخ أيضًا على وادٍ عميق واسع يعرف باسم (فاليس مارينريس) بعد أن اكتشفته المركبة الفضائية (مارينر 9)، يصل عمق الوادي في بعض الأجزاء إلى 7 كم، ويمتد على مساحة تعادل مساحة الولايات المتحدة، ويبلغ حوالي 20% من قطر الكوكب الأحمر وفقًا لناسا.
5- يتبع المريخ قمران، أحدهما محكوم عليه بالموت
يحتوي الكوكب على كويكبين يشبهان الأقمار يُدعيان (فوبوس) و(ديموس)؛ لأن لديهما تركيبات تشبه الكويكبات الموجودة في مكان آخر في النظام الشمسي.
يعتقد معظم العلماء أن جاذبية الكوكب الأحمر اخترقت القمرين منذ فترة طويلة وأجبرتهما على الدخول إلى مدار الكوكب الأحمر وفقًا لناسا، ولكن يُعد فوبوس ذا عمر قصير جدًا في حياة النظام الشمسي. ففي غضون [30-50] مليون سنة سيصطدم فوبوس بسطح المريخ، أو يتفكك لأن قوة المد والجزر في الكوكب ستثبت أنها أكثر من أن تقاوم.
6- توجد قطع من المريخ على الأرض
يُعتقد أن المريخ اصطدم بكويكبات صغيرة كالأرض مثلًا، ونظرًا إلى أن جاذبية المريخ منخفضة؛ سقط معظم حطامه على سطحه وقُذف بعض منه في الفضاء؛ فانتقل الحطام في رحلة حول النظام الشمسي وسقط شيء منه على الأرض على شكل نيازك. تسمى تقنيًا (SNC) اختصارًا لنيازك (شيرجوتي – (Shergottites، و(نخلة – (Nakhlites، و(شاسيني – (Chassignites.
وهي أنواع من التراكيب الجيولوجية التي تطابقت الغازات المحبوسة في بعضها عمليًا مع ما أخذته هبوطات الفايكينغ التي استخدمتها وكالة ناسا في الكوكب الأحمر في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.
7- يقتل المريخ أي رائد فضاء غير محمي بسرعة
ثمة أخبار غير سارة عن الصمود على الكوكب الأحمر دون بدلة واقية وخوذة.
فأولًا: عادة ما يكون المريخ باردًا جدًا، إذ يبلغ متوسط درجة الحرارة في خطوط العرض الوسطى نحو 50 درجة فهرنهايت (-45 درجة مئوية).
وثانيًا: لا يحوي الكوكب الأحمر عمليًا أي غلاف جوي، فضغط الهواء على المريخ هو 1% فقط مما لدينا -في المتوسط- على سطح الأرض.
وثالثًا: حتى إذا كان هناك غلاف جوي، فإن التركيبة غير متوافقة مع خليط الأكسجين والنيتروجين الذي يتطلبه البشر على وجه التحديد، إذ يحتوي المريخ على حوالي 95% من ثاني أكسيد الكربون، و3% نيتروجين، و1.6% من الآرغون، وعناصر أخرى قليلة في غلافه الجوي.
8- اعتُقد في البدايات أن كوكب المريخ كان مثل القمر
مصادفة، التقطت المسابر الأولية المحلقة حول الكوكب الأحمر صورًا لفوهات براكين، ما أدى إلى الاعتقاد -خطأً- أن للمريخ بيئة مشابهة للقمر، منجرفة وغير متغيرة عمليًا.
تغير كل هذا مع وصول المركبة الفضائية مارينر 9 إلى الكوكب في مهمة مدارية في نوفمبر 1971 والتي اكتشفت أن الكوكب غارق في عاصفة رملية عالمية.
علاوة على ذلك، فقد برزت تضاريس وعلامات غريبة فوق الغبار تحولت إلى براكين خامدة. وكما ذُكِر سابقًا، وجدت مارينر 9 وادي (فاليس مارينريس) الشاسع. فتغيرت نظرتنا إلى الكوكب إلى الأبد.
9- يحوي المريخ غاز الميثان في غلافه الجوي
يشير غاز الميثان إلى احتمالية وجود نشاط بيولوجي -إذ ينبعث الميثان من الميكروبات- أو نشاط جيولوجي. ويُعتقد أن الكواكب النشيطة أكثر أملًا بوجود حياة عليها.
يحاول العلماء تفسير وجود غاز الميثان بشكل دقيق، ولكنهم يجدون صعوبة في ذلك؛ نظرًا إلى أن التلسكوبات أعطت قراءات مختلفة على مر السنين، وقد صُممت بعض المركبات الفضائية خصيصًا للنظر في مسألة الميثان بالتفصيل.
كشفت مركبة كيريوستي عن تضاعف كمية الميثان نحو عشرة أضعاف في منطقتها، لكننا حتى الآن لا نعرف من أين أتت هذه الكمية ولماذا تحدث هذه التقلبات.
10- يُعتبر المريخ وجهة شائعة لمركبات الفضاء
أُرسلت العديد من المركبات الفضائية في بعثات مريخية يصعب ذكرها تفصيلًا هنا في مقال قصير، ولكن يجدر بالذكر أن الفايكنغ التابعة لناسا كانت أول مركبة فضائية تحط على سطح المريخ عام 1976. وتُعد ناسا الوكالة الوحيدة التي هبطت بعثاتها على سطح الكوكب حتى الآن.
تشمل بعثاتها الأخرى (مارس باثفايندر-Pathfinder-Sojourner) عام 1997، و(متجول استكشاف المريخ – Mars Exploration Rovers Spirit and Opportunity) عام 2004، و(كيريوستي-Curiosity rover) عام 2012.
علاوة على ذلك، فقد رسم أسطول المسابر الدائرة حول الكوكب الأحمر خرائط متعددة على مر السنين، هذه المسابر تتبع للاتحاد السوفييتي وناسا ووكالة الفضاء الأوروبية والهند. وهناك العديد من المركبات الفضائية المُخطَّط إرسالها في العقد المقبل.
اقرأ أيضًا:
- أفضل أفلام المريخ للاحتفال بالكوكب الأحمر
- العمل على ثلاث مركبات سترسل إلى المريخ على خطى مركبة إنسايت
البحث عن حياة في البحيرة القديمة على المريخ
ترجمة: إيّاس سليمان
تدقيق: تسنيم الطيبي