أرخبيل جزر غالاباغوس Galapagos هو موطنٌ لنظام بيئي معقد، مع تاريخ جيولوجي مذهل، وعينات فريدة من نوعها من الكائنات الحيوانية والنباتية عليه. ألهمت الحياة النباتية والحيوانية في الجزيرة عالِم الطبيعة الغني عن التعريف تشارلز داروين لنشر نظريته للتطور، كما يتوافد آلاف السياح والعلماء على هذه الجزر كل سنة من أجل دراسة الحياة الطبيعية عليها.
الجغرافيا:
تتشكل جزر غالاباغوس من ثلاث عشرة جزيرةً رئيسية، وسبع جزر أصغر، وحوالي 125 صخرةً منتشرةً في المكان، وتمتد على طول 600 ميل (1000 كيلومتر) بعيدًا عن شواطئ الإكوادور في المحيط الهادىء. بوجودها على خط الاستواء، تمتد الجزر على نصفي كوكب الأرض الشمالي والجنوبي.
تبلغ مساحة جزيرة «إيزابيلا»، أكبر جزر الأرخبيل 1803 ميل (4670 كلم²) وترتفع إلى حد 5600 قدم (1707 متر) فوق سطح البحر. أصغر الجزر الرئيسية هي «جنوب بلازا» South Plaza مع مساحة لا تتعدى 0.05 ميل مربع (0.13 كم²) أو حوالي 20 مجمع سكني.
الجيولوجيا:
جزر غالاباغوس هي جزرٌ بركانية تقع على صفيحة نازكا التي تتحرك نحو الشرق-جنوب شرق باتجاه صفيحة جنوب أمريكا. خلق التقاء الصفيحتين منطقة اندساس تنزل فيها صفيحة نازكا تحت صفيحة جنوب أمريكا، فتشكلت جبال الأنديز نتيجةً لذلك.
عندما مرت صفيحة نازكا على نقطة غالاباغوس الساخنة –وهي النقطة التي تندفع فيها الصهارة من خلال القشرة الأرضية– ثارت البراكين، وكنتيجةٍ لذلك، تشكلت جزر غالاباغوس. وقد كشفت التقديرات نشاط النقطة الساخنة تلك طيلة 20 مليون سنة، كما تشكلت الجزر التي نراها اليوم قبل ثلاثة أو أربعة ملايين سنة.
إن الحركة على النقطة الساخنة واضحة جدًا عند النظر إلى عمر الجزر، فأقدم الجزر هي “إسلا إسبانيولا” و “جنوب بلازا”، التي يُقدر عمرها ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين سنة تقريبًا. أما الجزر الأخرى مثل “داروين” و”فيرناندينا” و”جينوفيسا” و”إيزابيلا” و”ماركينا” و”سانتياغو” فيبلغ عمرها حوالي 700,000 سنة فقط.
بقيت العديد من البراكين نشطةً حتى اليوم. تتشكل “إيزابيلا” من ستة براكين مختلفة، إذ يقول السيد لويك فاندركلوسين (Loyc Vanderkluysen) من جامعة دريكسل في فيلاديلفيا أن ستة براكين على ثلاث جزرٍ مختلفة قد ثارت في غالاباغوس منذ سنة 1990.
المناخ:
رقم وقوعها في المنطقة الاستوائية، لا تمتلك جزر غالاباغوس غاباتٍ مطيرة خصبة، إذ تقبع الجزر في مسار ثلاثة تياراتٍ محيطية رئيسية. وحسب جامعة كورنيل: يجلب تيار هومبولت (أو بيرو) المياه الباردة من القارة المتجمدة الجنوبية (أنتاركتيكا)؛ بينما يعد تيار بنما أدفأ ويأتي من الشمال، أما تيار كرومويل، فيتسبب في صعود المياه الباردة والعميقة إلى السطح (يسمى ذلك بالموجات المتقلبة)، فتبقي المياه الباردة بذلك مناخ الجزر معتدلًا وجافًا.
تشهد الجزر فصلين كل سنة، وهما: فصل الجفاف، ما بين يوليو وديسمبر، تكون فيه درجات الحرارة بمعدل 20 درجة مئوية، ولا يتجاوز معدل الأمطار السنتيمتر الواحد شهريًا، وخلال فصل الجفاف هذا نجد الضباب على المرتفعات مع بعض الأمطار.
أما الفصل الدافىء فيأتي ما بين يناير إلى غاية يونيو، حيث تتراوح درجات الحرارة ما بين 20 إلى 30 درجة مئوية، وتصل معدلات الأمطار إلى 3 سنتيمرات شهريًا. يعتبر شهرا مارس وأبريل أكثر الأشهر غزارةً بالأمطار، إلا أن التربة والصخور البركانية تمتص معظم مياه المطر.
تجلب ظاهرة «نينو» كل سنتين إلى ثماني سنوات مياهًا دافئةً وفقيرةً بالمغذيات، فتعاني العديد من الكائنات خلال تلك الفترة بسبب اضطراب السلسلة الغذائية. وقد كان حدثا “نينو” في الفترة 1982-1983 و1997-1998 مدمرَين؛ لانخفاض أعداد سحالي الإغوانا البحرية إلى حوالي 90% واختفاء حوالي 75% من البطاريق، مع انخفاض أعداد حيوانات أسد البحر بحوالي 50%، كما اختفت كل أسود البحر بعمر الثلاث سنوات وما دون.
يشكل التغير المناخي تهديدًا بنفس حجم ظاهرة نينو، فتشير التوقعات إلى أن الوضع الحالي شبيه بفترات نينو، مسببًا جلب هواء ومياه أكثر سخونةً، وارتفاعًا في نسبة سقوط الأمطار، وقد يتسبب التغير المناخي كذلك في ارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة درجات حموضته.
النباتات:
تُعد جزر غالاباغوس موطنًا لـ600 نوعٍ من النباتات، يعتبر 30% منها أنواعًا متوطنة، أي أنه لايمكننا إيجادها في مكانٍ آخر في العالم.
كما تشير التقديرات إلى وجود حوالي 800 نوع دخيل، بعضها يعتبر غازيًا، أي أن بإمكانه التوطُّن بسرعة في البيئة وإلحاق الضرر بالنباتات والحيوانات الأصلية. من بين تلك الأنواع نجد الكينين quinine، والجوافة، وتوت العليق، كما أُبيدت بعض الأنواع الغازية مثل الكودزو الاستوائي tropical kudzu.
هناك ثلاث مناطق نباتية رئيسية في جزر غالاباغوس وهي: المناطق الساحلية والقاحلة والمرتفعات الرطبة. تمتد المنطقة الساحلية على امتداد شواطئ الجزر، إذ تشكل أشجار المنجروف mangrove التي تنمو بتلك المنطقة ملجأ ومكانًا للتكاثر للعديد من الطيور وحيوانات الإغوانا وأسود البحر والسلاحف البحرية، وتمنح جذور الأشجار مسكنًا آمنًا للحياة البحرية، مثل الجمبري، وسرطانات البحر، والأسماك الصغيرة، وتنمو في المنطقة نباتات أخرى مثل الرغل saltbush.
تُعتبر المنطقة القاحلة أكبر مناطق الجزر، وتحتوي على العديد من النباتات التي نجدها عادةً في الصحاري، مثل الصبار، والعصارة succulents، والنباتات عديمة الأوراق. وتمتد هذه المنطقة من المناطق القريبة للشواطئ إلى ارتفاع حوالي 200 قدم (60 متر).
تقبع منطقة انتقالية ما بين المنطقة القاحلة والمرتفعات الرطبة، وتمتلك هذه الأخيرة خصائص كل من المنطقتين القاحلة والرطبة، مع كثافة النباتات المتمثلة في الشجيرات الصغيرة والعديد من أنواع السرخس.
تبدأ المرتفعات الرطبة من ارتفاع 1000 قدم (300 متر) تقريبًا، تتميز المنطقة بوجود شجرة السكالسياscalesia وشجيرة ميكونيا روبنسونيانا Miconia robinsoniana، وتعتبران من أكثر الأنواع المهددة على هذه الجزر، ونجد في هذه المناطق أيضًا أكثر الأتربة خصوبةً في الجزر، إذ خُصصت أجزاء واسعة منها من أجل الزراعة في الجزر المأهولة، وتسيطر شجرة السرخس (Cyathea weatherbyana) على معظم المساحات النباتية في الجزر القليلة التي يتجاوز طولها 2000 قدم (600 متر).
الحيوانات:
تشتهر غالاباغوس بالعديد من الحيوانات الفريدة من نوعها، مثل السلاحف العملاقة، والإغوانا، وطيور داروين، وبطاريق غالاباغوس، إضافةً إلى أن حوالي 80% من طيور الجزيرة و97% من الزواحف وثدييات اليابسة، و20% من الحيوانات البحرية هي كائنات متوطنة، لا نجدها في أي مكانٍ آخر على الأرض.
سلاحف غالاباغوس هي الأكبر في العالم، تصل ذكورها إلى ستة أقدام (1.8 متر) طولًا ويصل وزنها إلى 250 كيلوغرام، وتعيش هذه بصفة طبيعية لمدة قرن، مع وجود سلحفاةٍ يُعتقد بأنها الأكبر سنًا، إذ يصل عمرها إلى 170 سنة.
تقدر أعداد السلاحف العملاقة في الجزر بين 20,000 إلى 25,000 فرد، انقرضت أربعة أنواع منها، بينما ماتت السلحفاة لونسوم جورج Lonesome George سنة 2012، وهي آخر الأفراد من نوع Chelonoidis abingdoni التي كانت تستوطن جزيرة “بينتا”. تتضمن الأخطار على السلاحف العملاقة الأنواع الغازية والتغير المناخي.
نجد على الجزر كذلك النوع الوحيد من الإغوانا البحرية في العالم، إضافةً إلى ثلاثة أنواع برية كذلك؛ تنفرد غالاباغوس بهذه الأنواع حصرًا. تتميز الإغوانا البحرية بأنها تنمو حتى 4 أقدام (1.2 متر) طولًا، بينما تصل نظيرتها البرية إلى 3 أقدام (متر واحد). تعيش الإغوانا البحرية على اليابسة وفي البحر، لتتغذى في البحر وترتاح وتتزاوج على اليابسة.
تواجه هذه الكائنات مفترسين قلائل للغاية في البحر، لكن على اليابسة، تصطاد الصقور وطيور مالك الحزين كلًا من الإغوانا البحرية والبرية، وتصطادها أيضًا أنواع دخيلة أخرى مثل القطط والكلاب، فانخفضت أعدادها في بعض المناطق بشكلٍ كبير بسبب الأنواع الدخيلة، لكن وبفضل مجهودات الحفاظ على هذا النوع، تعتبر أعداد الإغوانات حاليًا صحيةً وفي ارتفاع.
تعتبر جزر غالاباغوس موطنًا لعدد قليل للغاية من الثدييات: أسود بحر غالاباغوس (Zalophus wollebaeki) وفقمة فراء غالاباغوس (Arctocephalus galapagoensis) وأربعة أنواع من فئران الأرز (Nesoryzomys narboroughii, Oryzomys bauri, Nesoryzomys swarthy, وNesoryzomys fernandinae) ونوعين من الخفافيش (Lasiurus cinereus و Lasiurus brachyotis)، وتزور الدلافين والحيتان الجزر كذلك.
أسد بحر غالاباغوس هو أكبر الحيوانات في الجزر، تصل الذكور إلى 250 كيلوغرام، ونجدها غالبًا مسترخيةً على الصخور والشواطئ، وتميل أسود البحر إلى التجمع في (حرائم) تتكون من ذكرٍ مسيطر، وعديدٍ من الإناث.
فقمة فراء غالاباغوس هي نوع من أسود البحر، تفضل الأرضيات الصخرية والشواطئ المظللة عندما تتوقف عن السباحة، وكادت فقمات الفراء أن تنقرض في القرن التاسع عشر بسبب حملات الصيد المتكررة لغرض الحصول على فرائها الذي يصنع منه معاطف عازلة. عادت أعدادها اليوم إلى شكلها الطبيعي، لتصل تقريبًا إلى عدد أسود البحر في المنطقة.
تحتوي الجزر على 29 نوعًا من الطيور البرية؛ 22 منها متوطنة للجزر، وأربعة منها تعتبر من الأنواع الثانوية (سلالات)، 13 من الأنواع المتوطنة هي من طيور داروين، وأربعة منها من الطيور المحاكية، و8 من الأنواع الـ22 معرضة للخطر، بينما تعتبر طيور المنغروف، ومحاكي فلوريانا من الأنواع المهددة بالانقراض.
تشكل طيور داروين أكبر التجمعات على الجزر، كل نوع منها يمتلك منقارًا ذا شكلٍ وحجم خاص يعتمد على نظام غذائه، كما دوّن داروين. تختلف النظم الغذائية للطيور من البذور إلى الأزهار والأوراق إلى الحشرات، بما في ذلك القرادات التي تجمع من على حيوانات الإغوانا والسلاحف، وقد ساعدت دراسة داروين للفوارق بين الطيور في وضعه لنظريتي التطور والانتقاء الطبيعي.
نجد في الجزر ستة أنواعٍ من الطيور البحرية المتوطنة: بطاريق غالاباغوس Spheniscus mendiculus والغاق غير الطائر Phalacrocorax harrisi والقطرس Phoebastria irrorata وأكبر الطيور؛ طائر نوء غالاباغوس Pterodroma phaeopygia والنورس بنوعين Leucophaeus fuliginosus وCreagrus furcatus.
يُعد بطريق غالاباغوس النوع الوحيد من البطاريق التي تعيش قرب خط الاستواء، وتعيش معظم بطاريق الجزر التي تصل إلى 2000 فرد في جزيرتي فيرناندينا وإيزابيلا. يوجد هذا الكائن في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض؛ نظرًا لعددها الضئيل وضربات ظاهرة نينو المتكررة.
تعتبر نسبة 20% من الكائنات البحرية المتنوعة على هذه الجزر متوطنة، إضافةً إلى تحديد 544 نوع من الأسماك في المياه المحمية بحلول سنة 2016؛ على الأقل 79 منها كائنات متوطنة و452 منها تعتبر من الكائنات الأصلية (أصلها من جزر غالاباغوس لكن يمكن أن نجدها في أماكن أخرى).
نجد من بين هذه الكائنات حوالي 30 نوعًا من قروش الحوت (Rhincodon) ــ أكبر أسماك العالم ــ التي يصل طولها إلى 40 قدم (12 متر) وتزن إلى غاية 22 طن. نجد في الجزر كذلك العديد من أنواع الراي (مثل مانتا الراي العملاقة التي تصل إلى 20 قدم طولًا) والعديد من الأسماك الاستوائية.
التاريخ:
وجد المستكشف ثور هيردال (Thor Heyerdahl) في خمسينيات القرن العشرين قدورًا وآثارًا بشريةً على الجزيرة، ما يشير إلى إمكانية زيارة سكان أمريكا الجنوبية للجزر في حقبة ما قبل كولومبوس.
إن أول من زار الجزر من الأوروبيين كان فراي توماس دو بيرلانجا (Fray Tomás de Berlanga)، الإسباني الذي تم تعيينه أسقفًا على بنما، وكان قد وصل إلى الجزء بالخطأ في مارس 1535 بعدما خرجت سفينته عن المسار، حسب جامعة كورنيل. رأى دو بيرلانجا أن الجزر قليلة القيمة بسبب صعوبة إيجاد المياه العذبة عليها، ونظرًا لحجم النباتات والحيوانات المنخفض على سطحها.
ظهرت الجزر في الخريطة لأول مرة في خرائط جيراردوس ميركاتور Gerardus Mercator وأبراهام أورتليوس Abraham Ortelius حوالي سنة 1570، وحملت اسم Insulae de los Galopegos بمعنى جزيرة السلاحف.
استخدم القراصنة الجزر إبان حقبة سيطرة الإمبراطورية الإسبانية، من أجل الإغارة على السفن الإسبانية في طريق عودتها إلى أوروبا، ويعتبر السير فرانسيس درايك Sir Francis Drake المكلف من طرف إنجلترا وذي الميول تجاه القرصنة، أول من استخدم الجزر لذلك الغرض سنة 1578.
مع نهاية القرن 18 بدأ صائدو الحيتان بأخذ مكان القراصنة، إضافةً إلى ملاحقتهم السلاحف والطيور وحتى الفقمات، ما قاد بعض الأنواع إلى الانقراض، أو كاد أن يتسبب في ذلك لأنواعٍ أخرى.
يقدر عدد السلاحف التي اصطيدت بـ200,000 خلال القرن 19 لوحده، وكادت فقمات الفرو أن تنقرض مع نهاية ذلك القرن.
وصلت سفينة USS Essex خلال حرب 1812 إلى الجزر بقيادة القبطان دايفيد بورتر (David Porter) وكادت أن تدمر أسطول بريطانيا لصيادة الحيتان عن بكرة أبيه، وكتب بورتر كذلك مذكرات مفصلة عن الجزر، بما في ذلك ثوران بركان فلوريانا سنة 1813 وبعض الفوارق بين السلاحف العملاقة، كما قام برسم سواحل الجزر بشكلٍ دقيق.
أول أوروبي استوطن الجزر كان باتريك واتكينز (Patrick Watkins)، الرجل الإيرلندي الذي وصل إلى جزيرة فلوريانا سنة 1805، وكان يثمل طيلة فترة بقائه، كما زار هيرمان ميلفيل (Herman Melville) كاتب “موبي ديك” الجزر سنة 1841، وكان صائد حيتان لعدة سنوات، كما كان واتكينز جزءًا من إلهامه في قصته القصيرة “Las Encantadas” بمعنى الجزر المسحورة، التي نشرها سنة 1854.
بدأ استيطان الجزر في ثلاثينيات القرن الـ19، إذ قام كل من إكوادوران جين (Ecuadoran Gen) وخوسيه ماريا دو فلاميل (José María de Villamil) بجلب المستعمرين، الذين كانوا عسكريين في بادىء الأمر، وكان ذلك لجزيرة فلوريانا. وبعد حوالي 15 سنة كُتب للمستعمرة الفشل، ثم وقعت محاولات جديدة لاستيطان الجزيرة ذاتها سنتي 1858 و 1893.
وصل بحارون نرويجيون في عشرينيات القرن الماضي إلى جزر فلوريانا وسان كريستوبال وسانتا كروز، وقد كانوا يطمحون أساسًا إلى تنصيب منشآت متعلقة بصيد الحيتان، لكن انتهى بهم المطاف في صيد السمك والتعليب، ثم وصل المستعمرون الألمان سنة 1929 للعمل مع المزارعين والصيادين النرويجيين.
نُصبت مستعمرات عقابية في جزيرتي فلوريانا وسان كريستوبال في منتصف القرن 19، وفي إيزابيلا في أربعينيات القرن ذاته، ثم أُغلقت سنة 1959، بعد تمرد في سجن إيزابيلا سنة 1958.
بعد ذلك، اعتُبرت معظم المساحة البرية ــحوالي 97%ــ حديقةً وطنيةً محمية سنة 1959 حسب منظمة اليونيسكو، وهناك سكان دائمون يعيشون على أربع جزر، وهي: فلوريانا، وإيزابيلا، وسان كريستوبال، وسانتا كروز، ويصل عددهم إلى حوالي 25,000 نسمة، وهم يعيشون على الـ3% من مساحة الجزر المتبقية.
داروين والتطور:
يُنظر إلى داروين كأبٍ للتطور، لكنه كان جيولوجيًا متمرسًا كذلك، إذ سافر متنقلًا حول جنوب أمريكا لحوالي الأربع سنوات، قبل النزول على جزر غالاباغوس سنة 1835. أصبح داروين خلال تلك الفترة متعودًا على النباتات والحياة الحيوانية التي تعيش في مناخات مختلفة حول اليابسة الرئيسية، كما هو الحال مع بعض الجزر التي زارتها السفينة في المحيط الأطلسي خلال مسيرتها من إنجلترا إلى جنوب أمريكا.
كان داروين مؤمنًا بنظرية الخلق قبل بداية رحلته على سفينة بيجل، لكن غير رأيه تدريجيًا خلال الرحلة، خصوصًا عندما درس الحياة على جزر غالاباغوس وحولها، وقد شاهد العديد من الجزر بأحجام مختلفة، متقاربة وناشئة جيولوجيًا وتسكنها كائنات متشابهة ومختلفة في نفس الوقت من النباتات والحيوانات، فاستنتج داروين أن الحياة على غالاباغوس لا تتوافق مع أفكار نظرية الخلق.
استغرق داروين 23 سنة من العمل بعد عودته إلى الديار من أجل جمع أجزاء اللغز ببعضها، والذي دعّم نظرية التطور والانتقاء الطبيعي بشكلٍ مطلق، ويعتبر هذا الأخير من قواعد التطور التي تشرح سبب تجاهل بعض السمات التي مرّت إلى الأجيال اللاحقة، ثم نشر داروين الكتاب المشهور “أصل الأنواع” سنة 1859 والذي تضمن أساسيات نظريات التطور.
تبنى العلماء نظرية داروين للتطور والانتقاء الطبيعي في غضون عقدٍ من نشرها وفضّلوها على نظرية الخلق، وبقيت هذه الأفكار التي غيَّرت العالم بحق صامدةً حتى اليوم، أي بعد 160 سنة.
اقرأ أيضًا:
الجزر البركانية – كيف تتشكل الجزر البركانية ؟
ترجمة: وليد سايس
تدقيق: عبد الرحمن عبد
مراجعة: رزان حميدة