ما هي النجوم ؟
إذا نظرنا ليلًا نحو السماء سنرى الملايين من النجوم الصغيرة ماسيّة الشكل. في الحقيقة، هذه النجوم عبارة عن كرات من البلازما والغاز الساخن جدًا المُكون من الهيدروجين والهيليوم. تتشكل النجوم بواسطة الانهيارات الجذبية للغيوم الغازية الكبيرة ذات الغاز البارد. عندما يُضغط الغاز تُسخَّن تلك الغيوم الغازية متحولة إلى بلازما. تعتمد درجة حرارة قلب النجم (نواته) على كتلة ذلك النجم، عندما تصبح الحرارة في مركز الكرة الغازية عالية كفاية (ما يعادل 4 مليون درجة سيليزية) تحدث عملية الاندماج النووي للهيدروجين، متحولًا إلى هيليوم، وتتولد حزم من الطاقة الضوئية تُعرف بالفوتونات. تُقاس كتلة النجم ودرجة لمعانه تبعًا لكتلة ودرجة لمعان الشمس ، إذ تُصنف النجوم بشكل عام إلى أقزام إذا كانت أقل لمعانًا من الشمس وعملاقة إذا كانت أكثر لمعانًا منها.
البداية:
تكون درجة حرارة نواة النجم في كرات البلازما الصغيرة (أقل من 8% من كتلة الشمس) غير كافية لبدء الاندماج الهيدروجيني؛ لذلك يتحول النجم إلى قزم بني ويُعرف أيضًا بـ (النجم الباهت – failed star) لأنه لا يمتلك كتلة كافية لاستمرار الاندماج.
في النجوم الأكبر حجمًا من القزم البني، ينتج الاندماج الحاصل في نواة النجم الضوء والحرارة، مشكلًا دعامةً تحمي النجم من الاستمرار في الانهيار. تسمى هذه المرحلة بمرحلة (التعاقب الرئيسي – Main Sequence) وهي تعتبر أطول مراحل حياة النجم.
نجوم التعاقب الرئيسي:
تعتمد طول فترة مرحلة التعاقب الرئيسي على كتلة النجم، فكلما صغرت كتلة النجم احتاج النجم لوقت أطول لحرق كل ذرات الهيدروجين فيه. تقضي شمسنا حوالي 10 مليارات سنة في مرحلة التعاقب الرئيسي وهي حاليًا تمر في منتصف هذه المرحلة تقريبًا.
أثناء هذه المرحلة، يصهر النجم جميع ذرات الهيدروجين في نواته محوّلها إلى هيليوم. تبدأ نواة النجم بالانكماش وتكوين المزيد من الحرارة كلما زاد استهلاك وقود الهيدروجين.
ثم تبدأ قشرة النّجم -حيث لا يزال بعض الهيدروجين مستمرًا في الاحتراق وتكوين الهيليوم- بالتمدد لتبديد الحرارة ويصبح النجم أبرد وأكثر احمرارًا، تُعرف هذه المرحلة بالنجم (الأحمر العملاق – Red Giant). تزيد إضاءة النجم الأحمر العملاق عما يقارب عشرة إلى بضعة آلاف ضعف إضاءة الشمس.
أما النجم العملاق (فائق الضخامة -Super Giant) فهو أكثر سطوعًا بدرجة لمعان تعادل أكثر من 10000 مرة من درجة لمعان الشمس؛ وقد تصل أحيانًا لملايين الأضعاف. يمتلك النّجم (الأحمر العملاق فائق الضخامة – Red Super giant) نصف قطر يزيد بمقدار 200 إلى 800 مرة عن نصف قطر الشمس وكتلة تعادل عشرة أضعاف كتلة الشمس.
موت النجم:
لن يمتلك نجم مثل الشمس حرارة كافيةً في نواته تسمح له بالمحافظة على طبقته الخارجية، وبالتالي فإنه سيتخلص من قشرته عند استنفاد كل الهيدروجين فيها، تتحول بعدها القشرة إلى سديم كواكبي (غيمة حول النجم)، بينما تبرد النواة الغنية بالكربون ويصبح النّجم (قزم أبيض – White Dwarf). تصبح النجوم التي تعادل كتلتها حوالي 9 أضعاف كتلة الشمس قزمًا أبيض بمكونات متفاوتة.
أما النجوم الأكثر ضخامةً من القزم الأبيض تتقلص وتنفجر مشكّلة (مستعرات عظمى – Supernovas) عنيفة، وخاسرةً معظم كتلتها في الوسط المحيط بها. تستمر بقايا النواة الصغيرة المُكوّنة من الحديد في التقلص لتصل إلى مرحلة تصبح فيها مكونةً من النيوترونات بشكل أساسي، ويُعرف النجم في هذه المرحلة بالنجم النيوتروني.
يمكن أن تترك النجوم التي كتلتها أكبر من كتلة الشمس بـ 25 ضعفًا ثقبًا أسود خلفها بعد انفجارها. تتشكل الثقوب السوداء حين تكون للنواة بعد انفجار المستعر الأعظم كتلة تعادل 3 أضعاف كتلة الشمس. يُشكل بعض الحطام المتروك بعد انفجار المستعر الأعظم المزيد من النجوم والكواكب، لهذا السبب يمكننا القول إن أجسامنا قد تكونت من (الغبار النجمي – Star dust).
كوكبة الجبار – The Orion Constellation
إذن، كيف يمكننا تحديد مواقع كل هذه النجوم الباهتة والعملاقة فضلًا عن المستعرات في السماء ليلًا؟ تُعد كوكبة الجبار مساحةً مدهشةً في السماء تمكننا من مشاهدة الأنواع المختلفة للنجوم في مختلف مراحل حياتها. يُعد نجم (رجل الجبار- Rigel) النجم الأكثر سطوعًا في هذا التشكيل النجمي، وهو نجم أزرق عملاق فائق الضخامة أكبر 20 مرة في كتلته و100 مرة في نصف قطره من كتلة ونصف قطر الشمس.
أما ثاني أكثر النجوم سطوعًا في هذا التشكيل يُدعى (يد أو منكب الجوزاء – Betelgeuse) وهو نجم أحمر عملاق فائق الضخامة كتلته أكبر بعشر مرات من كتلة الشمس ونصف قطره أكبر بألف مرة من نصف قطر الشمس، ويُعد أيضًا في المرحلة الأخيرة من حياته.
يوجد في الجزء الشبيه بالسيف من كوكبة الجبار منطقة غير واضحة الشكل تدعى (سديم الجبار – Orion Nebula)، حيث تتشكل نجوم جديدة في غيوم من الغبار والغاز تدعى (الغيوم الجزيئية – Molecular Clouds). تبعث هذه النجوم الجديدة الضوء خلال الغاز الموجود حولها مسببًا توهج السديم. يمكن رؤية بعض النجوم الساطعة في سديم الجبار بوضوح مكونةً هذا التشكيل النجمي.
اقرأ أيضًا:
- حين تنهار سحب الغاز نشهد ولادة النجوم
- علماء الفلك يكتشفون أول دليل مباشر لتصلب النجوم القزمة البيضاء بشكل كريستال
- مستعر أعظم مُكتشف حديثًا قد يعيد كتابة نظريات أصل انفجار النجوم
- العلماء يكتشفون تصادمًا عنيفًا وقع منذ مليارات السنين وملأ مجرّتنا بالنجوم
ترجمة: رياض شهاب
تدقيق: محمد سعد السيد