النجم الأحمر العملاق هو نجم ميت في آخر مرحلة من مراحل التطور النجمي. بعد بضعة مليارات من السنين ستتحول شمسنا إلى نجم أحمر عملاق، وستتوسع وتبتلع الكواكب الداخلية ومنها الأرض. فما الذي يحمله المستقبل لمجموعتنا الشمسية والمجموعات النجمية الأخرى المشابهة له ؟
تكون النجم الأحمر العملاق:
معظم النجوم التي في الكون هي نجوم تسلسلية. هذا النوع من النجوم يحول الهدروجين إلى هيليوم عبر الاندماج النووي. النجم التسلسلي الاعتيادي تحوي كتلته ما بين ثلث 1/3 او ثمن 1/8 كتلة الشمس وهذه الكتلة تحترق من خلال الهيدروجين في مركزها.
وخلال دورة حياة النجم يتوازن الضغط الخارجي للانصهار مع الضغط الداخلي للجاذبية، وفور توقف الضغط الخارجي للانصهار تأخذ الجاذبية المبادرة وتضغط النجم بصورة أضيق وأكثف، وتزداد درجة الحرارة مع ازدياد التقلص وفي النهاية يصل التقلص إلى درجة يتحول فيها الهيليوم إلى كربون. واحتراق هذا الهيليوم قد يكون تدريجيًّا أو مباشرًا وفي لحظة وميضيه واحدة.
وعلى الرغم من أن الانصهار لا يحدث بعد ذلك في مركز النجم المنهار فإن ارتفاع درجة الحرارة يسخن قشرة الهيدروجين المحيطة بالمركز حتى يصبح ساخنًا بما فيه الكفاية ليبدأ انصهار الهيدروجين وبذلك ينتج طاقة أكبر بكثير مما كان ينتجه عندما كان نجمًا تسلسليًّا اعتياديًّا فقط.
تصل النجوم الحمراء العملاقة إلى أحجام من 100 مليون إلى 1 مليار كيلومتر أي (100 إلى 1000 مرة حجم الشمس) لأن الطاقة تنتشر عبر مسافة أوسع مساحة، وفي الواقع فإن درجة الحرارة عند السطح تكون أبرد وتصل إلى 2,200 أو 3,200 درجة سيليزية أي أكثر بقليل من درجة حرارة الشمس.
هذا التغير بدرجة الحرارة يجعل من النجوم تشع بدرجة لون أكثر احمرارًا من الطيف الضوئي المرئي، ولهذا سميت هذه النجوم بالعملاق الأحمر ولكن بالحقيقة يكون لونها أقرب إلى اللون البرتقالي.
في عام 2017 قام فريق دولي من رواد الفضاء بالتعرف على تفاصيل سطح النجم الأحمر العملاق بيتا كرويس ( π gruis) باستخدام التلسكوب العملاق لمركز الفضاء الأوروبي الجنوبي واكتشفوا أن سطح هذا العملاق الأحمر يحتوي على عدد قليل جدًا من الخلايا المتصلة أو الحبيبات وهي بقطر 75 مليون كيلومتر عبر سطح النجم وبالمقارنة بالشمس فإن لها حوالي 2 مليون حبيبة بقطر 1500 كيلومتر والحبيبية هي منطقة صغيرة نسبيًا أكثر برودة على سطح النجم الأحمر
تقضي النجوم من عمرها بضع الآف من السنين إلى مليار سنة كعملاق أحمر وفي النهاية فإن وقود الهيليوم في مركزها سينفذ ويتقلص من بعدها النجم حتى تصل طبقة جديدة من الهيليوم إلى المركز وعندها يشتعل الهيليوم وتنفجر الطبقة الخارجية من النجم وتُطرح إلى الخارج عبر الفضاء وهذه الطبقة عبارة عن غيوم من الغازات والغبار النجمي وتعرف هذه الغيوم بـ (السدم الكوكبية) وهذه السدم تكون أكبر حجمًا وأكثر خفوتًا من نجومها الأم
يستمر مركز النجم بالانهيار على نفسه، والنجوم الأقل حجمًا كالشمس مثلًا تنتهي حياتها كأقزام بيضاء أما بالنسبة للنجوم الأكبر حجمًا وذات الكتل الأكبر فإن كتلها تسقط نحو داخل النجم وتؤدي في نهايتها إلى موت أكثر عنفًا وذلك بأن تلقي جام غضبها بانفجار قوي جدًا عبر الفضاء بين النجمي ويعرف هذا الانفجار باسم المستعر الأعظم.
مستقبل الشمس:
بعد حوالي 5 مليارات سنة تقريبًا ستبدأ الشمس عملية حرق الهيليوم وتتحول بعدها إلى عملاق أحمر وعندها تتوسع الطبقة الخارجية وسيبتلع توسعها عطارد والزهرة حتى تصل إلى الأرض.
ما زال العلماء يتناقشون فيما إذا كان كوكبنا ستبتلعه الشمس أو أنه سيدور بصورة أكثر قربًا وخطورة من الشمس الأكثر قتامة في حينها، وفي كلتا الحالتين فإن الحياة على كوكبنا ستتوقف عن الوجود.
هذا التغير في الشمس لربما يوفر أملًا لكواكب أخرى في مجموعتنا الشمسية! فعندما تمر هذه النجوم بهذا التغيير إلى عملاق أحمر فإن هنالك نوعًا من التغيير سيحدث في المنطقة القابلة للحياة بالنسبة للنجم والمنطقة القابلة للحياة هي المنطقة التي يمكن أن يتواجد فيها الماء بحالته السائلة.
وحسب معظم العلماء فإنها المنطقة التي يمكن أن تزدهر فيها الحياة وتتطور وذلك بسبب أن النجم يبقى عملاقًا أحمر لحوالي مليار سنة وهذه المدة كافية للحياة لكي تظهر على كواكب أخرى في المجموعة الشمسية الخارجية (الكواكب التي تسلسلها من بعد الأرض) والتي تكون حينها أقرب إلى الشمس.
وعندما يتقادم النجم الأحمر العملاق فإن المنطقة الصالحة للسكن تتحرك إلى مسافة أبعد إلى خارج المجموعة الشمسية وكأن الشمس تعطي فرصة أخرى للحياة للنظم الكوكبية الأخرى في المناطق الأكثر بعدًا في مجموعتنا الشمسية.
وحاليًا فإن الأجسام في هذه المناطق تكون متجمدة كما هو الحال في أقمار زحل يوربا (Europa) وإنسيليديوس (Enceladus) وهذا ما وضحه العالم رامسيس راميزار (Ramses Ramirez) الباحث في معهد كورنيل كارل ساغان (Cornell’s Carl Sagan Institute).
هذه النافذة الصغيرة لفرصة الحياة ستفتح لبرهة صغيرة ولكن من بعدها ستتقلص الشمس إلى قزم أبيض والضوء المانح للحياة سيتبدد أما بالنسبة للنجوم المستعرة من نجوم أخرى ستواجه مشاكل أخرى بالنسبة للحياة.
اقرأ أيضًا:
الأقزام الحمراء – نجوم باردة في ظلام المجرة
كم يبلغ عدد النجوم في مجرة درب التبانة ؟
ترجمة: كرار الشكرجي
تدقيق: بدر الفراك