إن ألم الاعتلال العصبي هو عبارة عن حالة ألم مزمن، تكون ناتجةً غالبًا عن إصابة أو مرض أو عدوى أو مترافقةً معها. مع ذلك، فإن ألم الاعتلال العصبي لا يمثل النتيجة المباشرة لأحد العوامل السابقة. ينتج الألم عادةً عن إصابة أو مرض. على سبيل المثال، إذا ألقيت كتابًا ثقيلًا على قدمك، فإن جهازك العصبي سوف يرسل إشارات الألم بعد ضربة الكتاب مباشرةً.
في متلازمة الألم العصبي، لا يكون الألم ناتجًا عن حادثة أو إصابة. بدلًا من ذلك، يرسل الجسم إشارات ألم مجردة إلى دماغك.
يعاني الأشخاص المصابون بحالة الألم هذه من نوبات ألم حارق. قد يكون الألم ثابتًا، أو قد يحصل بشكل عشوائي. من الشائع أيضًا الشعور بالخدر أو فقدان الحس.
إن ألم الاعتلال العصبي قد يتدهور مع مرور الوقت، أو قد يتحسن. يعاني واحد من كل ثلاثة أمريكيين من الألم المزمن. من بين هؤلاء، يعاني واحد من كل خمسة مصابين بالألم المزمن من ألم الاعتلال العصبي. قدرت إحدى الدراسات عدد الأشخاص الذين يعانون من الاعتلال العصبي بما يقارب نسبة 10% من الأمريكيين.
يمكن أن يساعدك فهم الأسباب المحتملة على إيجاد علاجات أفضل وطرق لتجنب تدهور الألم بمرور الوقت.
ما الذي يسبب الألم العصبي ؟
يمكن أن تُصنف الأسباب الأكثر شيوعًا للألم العصبي في أربع مجموعات رئيسية:
الحوادث:
يمكن لأذيات الأنسجة أو العضلات أو المفاصل أن تسبب ألمًا عصبيًا. وبطريقة مماثلة، فإن إصابات الظهر الورك والقدم يمكن أن تسبب ضررًا دائمًا للأعصاب.
وفي حين أن الأذية قد تُشفى، فإن الضرر اللاحق بالجهاز العصبي قد لا يتعافى. بالنتيجة، قد تعاني من ألم مستمر لعدة سنوات بعد الحادث.
إن الإصابات والحوادث التي تؤثر على العمود الفقري قد تسبب ألم الاعتلال العصبي أيضًا. يمكن للانزلاق الغضروفي وانضغاط الحبل الشوكي أن يؤذيا الألياف العصبية حول العمود الفقري.
العدوى (الإنتان):
تشكل الالتهابات سببًا شائعًا لألم الاعتلال العصبي. يمكن أن يعاني الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة المكتسب أو فيروس الإيدز من هذا الألم غير المبرر.
يمكن أن تؤدي عدوى فيروس الزهري (السفلس) إلى ألم حارق لاذع وغير مفسر.
يمكن أن يؤدي الهربس النطاقي، الناتج عن فيروس جدري الماء، إلى ألم عصبي طويل الأمد.
الجراحة:
إن متلازمة الأطراف الوهمية، وهي عبارة عن مصدر غير مألوف للألم العصبي، يمكن أن تحصل عند بتر الذراع أو الساق.
على الرغم من فقدان الطرف، فإن دماغك سيبقى متوهمًا بأنه يستقبل إشارات الألم من أعضاء الجسم المبتورة. بينما الذي يحصل فعليًا هو أن الأعصاب القريبة من منطقة البتر تتعرض للاختلال وترسل إشارات خاطئة إلى دماغك.
بالإضافة إلى الذراعين والساقين، يمكن للألم الوهمي أن يحصل في أصابع اليدين وأصابع القدمين والقضيب والأذن وأجزاء الجسم الأخرى.
المرض:
قد يكون الألم العصبي أحد الأعراض أو المضاعفات الناجمة عن العديد من الأمراض والحالات، مثل التصلب العديد والورم النقوي العديد والسرطان.
لا يعاني أي شخص تظهر لديه هذه الأمراض من ألم في الجهاز العصبي، ولكنه قد يصيب البعض.
وفقًا لمشفى كليفلاند كلينك، فإن مرض السكري هو المسؤول عن 30% من حالات الاعتلال العصبي.
يمكن لمرض السكري المزمن أن يؤثر على كيفية عمل أعصابك. يعاني الأشخاص المصابون بداء السكري عمومًا من فقدان الحس والخدر، يتبعها الألم الحارق واللاذع في أطرافهم وأصابعهم.
إن الإفراط بتناول الكحول على المدى الطويل قد يسبب العديد من المضاعفات، بما في ذلك الألم المزمن. قد يكون هناك آثار مديدة ومؤلمة للضرر الذي لحق بالأعصاب بسبب تناول الكحول المزمن.
أخيرًا، قد يسبب علاج السرطان ألمًا عصبيًا. يمكن لكل من العلاج الكيميائي والإشعاع أن يؤثر على الجهاز العصبي ويسبب إشارات ألم غير اعتيادية.
أسباب أخرى:
تتضمن الأسباب الأخرى للألم العصبي كلًا من:
- نقص فيتامين B.
- متلازمة النفق الرسغي.
- مشاكل الغدة الدرقية.
- مشاكل العصب الوجهي.
- التهاب مفاصل العمود الفقري.
ماهي أعراض ألم الاعتلال العصبي ؟
قد تكون أعراض الألم العصبي لدى كل شخص مختلفةً، لكن الأعراض الشائعة هي:
- ألم بارق أو حارق أو طاعن.
- الشعور بالوخز أو الخدر، أو شعور الدبابيس والإبر.
- الألم التلقائي، أو الألم الذي يحدث بدون مثير.
- الألم المحرَّض، أو الألم الناتج عن حوادث غير مؤلمة عادةً، مثل الاحتكاك بشيء ما، أو التواجد في درجات الحرارة الباردة، أو تنظيف شعرك بالفرشاة.
- إحساس مزمن بشعور غير طبيعي أو غير مريح.
- صعوبة في النوم أو الراحة.
- المشاكل العاطفية الناتجة عن الألم المزمن، ونقص النوم، وصعوبة التعبير عما تشعر به.
كيف يُعالج ألم الاعتلال العصبي ؟
إن الهدف الأول من علاج الألم العصبي هو تحديد المرض أو الحالة الكامنة وراء حدوث الألم وعلاجه إن كان ذلك ممكنًا.
بعدها سوف يسعى طبيبك إلى تخفيف الألم، ومساعدتك في الحفاظ على قدرات طبيعية على الرغم من الألم، وتحسين نوعية حياتك.
تشمل العلاجات الأكثر شيوعًا للألم العصبي ما يلي:
دواء للألم لا يحتاج وصفةً طبيةً:
تُستخدم الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (مضادات الالتهاب غير الستيرويدية)، مثل أليف Aleve وموترين Motrin، في بعض الأحيان لعلاج الألم العصبي.
وعلى الرغم من ذلك، يجد العديد من الناس أن هذه الأدوية غير فعالة في علاج آلام الأعصاب.
على عكس الألم الناتج عن إصابة أو صداع، فإن ألم الاعتلال العصبي ليس هدفًا لهذه الأدوية.
دواء للألم يتطلب وصفةً طبيةً:
قد تساعد أدوية الألم الأفيونية بعض الأشخاص، لكنها قد لا تخفف الألم الناتج عن ألم الاعتلال العصبي كما تفعل في أنواع الألم الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، قد يتردد الأطباء في وصف تلك الأدوية مخافة أن يصبح الشخص مدمنًا.
يمكن استعمال مسكنات الألم الموضعية أيضًا. وتشمل بدورها رقع الليدوكاين، ورقع كابسيسين، ومراهم لا تصرف إلا بوصفة طبية، والكريمات.
الأدوية المضادة للاكتئاب:
أظهرت الأدوية المضادة للاكتئاب نتائجًا واعدةً في علاج أعراض الألم العصبي.
يوصف نوعان شائعان من الأدوية المضادة للاكتئاب للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة؛ وهي مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة ومثبطات إعادة قبط السيروتونين.
قد تعالج هذه الأدوية كل من الألم وأعراض الاكتئاب، أو القلق الناجم عن الألم المزمن.
مضادات الاختلاج:
تُستخدم الأدوية المضادة للنوبات ومضادات الاختلاج في بعض الأحيان لعلاج ألم الاعتلال العصبي.
يوصف دواء غابابينتينويد Gabapentinoids غالبًا لعلاج ألم الاعتلال العصبي.
لم يتضح بعد لماذا تعمل الأدوية المضادة للنوبات في هذه الحالة، لكن يعتقد الباحثون أن الأدوية تتداخل مع إشارات الألم وتثبط عمليات النقل الخاطئة.
حاصرات الأعصاب:
قد يحقن طبيبك المنشطات أو المخدرات الموضعية أو أدوية الألم الأخرى في الأعصاب التي يُعتقد أنها مسؤولة عن إشارات الألم الخاطئة. هذه الحاصرات مؤقتة، لذلك يجب أخذها مرارًا وتكرارًا كي تستمر في العمل.
جهاز قابل للزرع:
يتطلب هذا الإجراء الواسع جراحًا لزرع جهاز في جسمك. تُستخدم بعض الأجهزة في الدماغ، ويُستخدم بعضها الآخر في العمود الفقري.
حالما يكون الجهاز في مكانه، يمكنه إرسال نبضات كهربائية إلى الدماغ والحبل الشوكي والأعصاب. قد توقف النبضات الإشارات العصبية الشاذة وتسيطر على الأعراض.
تُستخدم هذه الأجهزة عادةً لدى الأفراد الذين لم يستجيبوا بشكل جيد لخيارات العلاج الأخرى حصرًا.
علاجات نمط الحياة:
تُستخدم كل من العلاجات الجسدية والاسترخاء والعلاج بالتدليك لتخفيف أعراض ألم الاعتلال العصبي. يمكن أن تريح هذه الأشكال من العلاج العضلات، ما قد يخفف بدوره من مشاكل الأعصاب.
يمكن أيضًا لمزود الرعاية الصحية الخاص بك أن يعلمك طرقًا للتعامل مع ألمك. على سبيل المثال، قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بألم الاعتلال العصبي من أعراض متزايدة بعد الجلوس لعدة ساعات.
هذا قد يصعب من أداء الوظائف المكتبية.
يمكن أن يعلمك كل من المعالج الفيزيائي أو المعالج المهني أساليب الجلوس والتمدد والوقوف والتحرك التي بدورها قد تمنع الألم.
كيف يمكن التحكم بهذا الألم؟
إذا كان طبيبك قادرًا على تحديد السبب الكامن وراء ألم الاعتلال العصبي، فقد يقود علاجه إلى تقليل الألم وحتى التخلص منه. على سبيل المثال، مرض السكري هو سبب شائع لألم الاعتلال العصبي.
إن العناية السليمة بمرض السكري، والتي تشمل نظامًا غذائيًا صحيًا وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، قد تؤدي إلى القضاء على آلام الأعصاب أو التخلص منها. رعاية أعراض مرض السكري يمكن أيضًا أن يمنع تدهور الألم والشعور بالخدر.
العلاج متعدد الجوانب:
إن ألم الاعتلال العصبي لا يعتبر خيارًا واحدًا ينطبق على الجميع، ويمكن أن تكون المقاربة متعددة الجوانب وسيلةً فعالةً للتحكم بالحالة. يمكن استخدام مزيج من الأدوية والعلاج الفيزيائي والعلاج النفسي، وتُستخدم أيضًا الجراحة أو عمليات الزرع لتحقيق أفضل النتائج.
التطلعات المستقبلية:
يمكن أن يؤثر ألم الاعتلال العصبي سلبًا على حياتك إذا لم تتخذ إجراءات لعلاجه والحد من الأعراض المتدهورة. قد تكون حالة الألم عرضةً للتدهور وقد تتحسن من تلقاء نفسها.
بمرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى إعاقة خطيرة ومضاعفات بما في ذلك الاكتئاب ومشاكل النوم والقلق وغير ذلك الكثير.
لحسن الحظ، يتعلم الباحثون المزيد عن سبب تطور هذه الحالة وما الذي يمكن القيام به لعلاجها بفعالية. هذا يؤدي إلى خيارات علاج أفضل.
إن العثور على الترتيب الصحيح لخيارات العلاج قد يستغرق بعض الوقت، ولكنك ستعمل مع طبيبك لتخفيف أعراض هذه الحالة المؤلمة.
اقرأ أيضًا:
اعتلال عصبي التهابي متعدد مزمن مزيل للمايِلين
الاعتلال العصبي البصري الأمامي AION: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
اعتلال الأعصاب السكري: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: طارق قيلوح
تدقيق: محمد وائل القسنطيني
مراجعة: اسماعيل اليازجي
