اعتلال الأعصاب السكري (Diabetic neuropathy) هو أحد مضاعفات داء السكري الذي يؤدي إلى ضرر بالجهاز العصبي. إنه مرض مترق، وتسوء أعراضه مع مرور الوقت. يحدث الاعتلال العصبي عند وجود مستويات مرتفعة من الدهون والسكريات في الدم، ما يؤدي إلى تأذي الأعصاب في الجسم. يؤثر الاعتلال عمليًا على أي عصب موجود في الجسم، مع اختلاف الأعراض وتعددها وذلك حسب العصب المتضرر.

تمتلك الأعصاب دورًا وعملًا أساسيًا في التحكم بوظائف الجسم، فهي تمكننا من الحركة، وترسل الرسائل والإشارات العصبية للدماغ حول شعورنا وإحساسنا بالأشياء، وتتحكم بالوظائف التلقائية، مثل التنفس.

توجد عدة أنماط لاعتلال الأعصاب، منها ما يؤثر على الأعصاب المحيطية ومنها ما يؤثر على الأعصاب المغذية للأعضاء الداخلية مثل القلب والمثانة والأمعاء، وبالتالي ستتأثر العديد من وظائف الجسم.

حوالي ثلث إلى نصف المرضى المصابين بداء السكري يعانون من اعتلال بالأعصاب، وذلك وفقًا للمعهد الوطني لداء السكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى (National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases) (NIDDK).

أنماط اعتلال الأعصاب:

توجد أربعة أنماط رئيسية لاعتلال الأعصاب يمكنها أن تؤثر على الجهاز العصبي، وهي:

  •  اعتلال الأعصاب المحيطية المتناظر: وهو النمط الأشيع من اعتلال الأعصاب السكري، وهو يؤثر على الأيدي والأقدام.
  •  اعتلال الأعصاب الذاتي (أو المستقل): يصيب هذا النمط الأعصاب المسؤولة عن الوظائف اللا إرادية في الجسم مثل الهضم، والتبول، وحركات القلب.
  •  اعتلال جذور الأعصاب الصدرية والقطنية (أو اعتلال الأعصاب الداني): يصيب هذا النمط الأعصاب موزعة في أماكن محددة من الجسم، مثل جدار الصدر أوالساقين.
  •  اعتلال العصب الأحادي: يؤثر هذا النمط على أي عصب فردي.

أعراض اعتلال الأعصاب السكري:

تستغرق أعراض وعلامات اعتلال الأعصاب السكري عادةً عدة سنوات للظهور، وهي تعتمد على نمط الاعتلال الحاصل وعلى الأعصاب المتأثرة.

اعتلال الأعصاب المحيطية:

وتتضمن أعراضه ما يلي:

  •  الإحساس بالتنميل، والألم، والوخز، والحرقة، والذي يبدأ من أصابع القدمين أو اليدين ثم ينتشر إلى الساقين أو الذراعين.
  •  فقدان توتر العضلات في كل من اليدين والقدمين.
  •  فقد حس الحرارة والبرودة، وفقدان الشعور بحدوث الإصابات والأذيات الفيزيائية. (تحدث نتيجةً لذلك مشاكل عديدة، على سبيل المثال: قد تتشكل في القدم بثرة ثم تتقرح دون أن يشعر المريض بشيء، خاصةً في المراحل المبكرة، ويمكن أن تؤدي لاحقًا مع تقدم الإصابة إلى حدوث الغرغرينا ما يضطرنا إلى بتر القدم).
  •  فقد التوازن.
  •  مفصل شاركو (Charcot’s joint)؛ خراب في المفصل بسبب مشاكل الأعصاب، ويحدث عادةً في القدمين.
  •  صعوبة في الوقوف والمشي عند إصابة أعصاب القدمين ما يزيد من خطر السقوط.

اعتلال الأعصاب الذاتي:

وتتضمن أعراضه ما يلي:

  •  الشعور بحرقة وانتفاخ.
  •  انخفاض سكر الدم اللا عرضي، إذ لا يشعر المريض بآثار انخفاض مستويات سكر الدم.
  •  صعوبة في الكلام والبلع.
  •  الشعور بالشبع بعد تناول كميات قليلة من الطعام.
  •  التقيؤ عدة ساعات بعد تناول الطعام.
  •  انخفاض ضغط الدم الانتصابي، إذ يشعر المريض بدوخة ودوار عند الوقوف.
  •  ازدياد معدل ضربات القلب بشكل سريع.
  •  التعرق المفرط، حتى في درجات الحرارة المنخفضة أو أثناء الراحة.
  •  مشاكل في المثانة، مثل صعوبة في إفراغ المثانة بشكل كامل أثناء التبول ما يؤدي إلى احتباس البول وامتلائه في المثانة إلى الحد الأقصى، تبدأ المثانة عندئذ بإفراغ البول مسببةً السلس البولي.
  •  اضطراب الوظيفة الجنسية عند كل من الرجال والنساء.
  •  عسر اللمس، أي خلل يصيب حاسة اللمس.
  •  تدلي واضح وكبير في عضلات الوجه والأجفان.
  •  تقلص وانكماش العضلات وضعفها.

الأنماط الأخرى:

يمكن أن يؤدي اعتلال الأعصاب الداني إلى ألم وحيد الجانب في الجزء السفلي من الجسم، وإلى ضعف في الساقين.

تتنوع أعراض اعتلال الأعصاب البؤري بشكل واسع، وذلك اعتمادًا على العصب المتضرر. يمكن أن يؤدي كل من الاعتلال العصبي البؤري والاعتلال العصبي القحفي إلى مشاكل واضطرابات بصرية، مثل الرؤية المزدوجة.

قد لا يدرك الأشخاص المصابون باعتلال الأعصاب السكري مرضهم حتى مراحل متقدمة من الأعراض.

تشخيص اعتلال الأعصاب السكري:

سيجري الطبيب فحصًا سريريًا شاملًا لكامل الجسم بما فيه القدمين، ويتحرى ما يلي:

  •  منعكسات الكاحل.
  •  فقدان الحس.
  •  التغيرات في بنية الجلد.
  •  فحوصات أخرى، مثل قياس ضغط الدم والتقلبات الحاصلة في معدل ضربات القلب.

وإذا اشتبه الطبيب باعتلال الأعصاب السكري سيجري بعض الفحوصات التشخيصية الأخرى مثل:

  •  تخطيط العضلات الكهربائي (Electromyogram) (EMG) الذي يسجل النشاط الكهربائي الحاصل في العضلات.
  •  اختبار سرعة التوصيل العصبي (nerve conduction velocity test) (NCV) الذي يسجل السرعة التي تمر بها الإشارات العصبية المحرَضة عبر الأعصاب.

علاج اعتلال الأعصاب السكري:

تسوء معظم أنماط اعتلال الأعصاب السكري مع مرور الوقت.

بغض النظر عن نمط الاعتلال؛ الخطوة الأولى للأشخاص المصابين بمرض السكري هي خفض مستويات السكر في الدم ووضعها ضمن مجال معين تحت إشراف الطبيب، بالإضافة إلى معالجة ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكولسترول في الدم.

سيقلل تخفيض سكر الدم وضبطه من خطر حدوث اعتلال الأعصاب السكري.

سيركز جزء أساسي من العلاج على تسكين الألم وعلى ضبط وعلاج بعض الأعراض الأخرى.

ستساعد أنواع معينة من الأدوية، وبعض أنماط العلاج الفيزيائي بالمشاركة مع العلاجات الأخرى، في التحكم والسيطرة على ألم اعتلال الأعصاب السكري. ومع ذلك لن تتمكن من إعادة إصلاح وترميم الأعصاب المصابة.

يجب على المرضى أيضًا الحد أو حتى التوقف عن التدخين والحد من استهلاك المشروبات الكحولية، إذ يكفي كحد أقصى مشروب واحد يوميًا للنساء واثنين للرجال.

العلاج الدوائي:

تفيد الأدوية التالية في تخفيض الألم:

  •  الأدوية المضادة للاختلاج (anticonvulsant drugs).
  •  مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (tricyclic antidepressants).
  •  المركبات الأفيونية (opioids) وغير الأفيونية (nonopioid) المسكنة للألم.

يمكن أن يؤدي استخدام المركبات الأفيونية إلى التعود والاعتماد عليها، لذلك يجب أن يصف الطبيب أقل جرعة ممكنة من هذه المركبات.

قد يستخدم المرضى الأنماط الأخرى من الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل: مثبطات السيروتونين – النورأبنفرين (serotonin-norepinephrine inhibitors)، وذلك للسيطرة على الأعراض المؤلمة الأخرى من أعراض اعتلال الأعصاب السكري.

ستقدم أيضًا المستحضرات الموضعية، والكريمات المركبة، وبعض المكملات، مثل حمض ألفا- أمينولفولينيك (ALA) أو الكابساسين الموضعي (topical capsaicin) (وهو عبارة عن مادة كيميائية متبلورة)، الراحة للمرضى.

العلاج الفيزيائي:

قد يساعد العلاج الفيزيائي المستخدم إلى جانب الأدوية في تخفيف الألم وتقليل خطر التعود على المركبات الأفيونية. كما أنه قد يساعد في تخفيف ما يلي:
• حس الوخز والحرقة في الساقين والقدمين.

  •  التشنجات العضلية.
  •  الضعف العضلي.
  •  خلل الوظيفة الجنسية.

التنبيه والتحفيز الكهربائي للأعصاب، وهو نوع غير مؤلم من أنواع العلاج الفيزيائي، يساعد في التخفيف من الإحساس بالصلابة واليبوسة ويعزز من شفاء قرحات القدم في حال حدوثها.

سيساعد أيضًا اللجوء إلى المشي والتدريب السليم في منع حدوث وتفاقم المضاعفات في القدم، مثل القرحات وغيرها من الأذيات. يُعد هذا النوع من العلاج الفيزيائي ضروريًا جدًا، خاصةً إذا أدى اعتلال الأعصاب السكري إلى بتر وخسارة أحد الأطراف، ما يجعل المرضى يستخدمون الأطراف الصناعية.

سيضمن الطبيب المعالج للمرضى ويطمئنهم أن هذه التمارين مفيدة ولن تؤذي القدمين.

هناك علاجات أخرى، منها استخدام أجهزة تحمي الأطراف من ملامسة الأشياء والاصطدام بها، مثل السرير أو الكرسي.

يمكن للمعالج الفيزيائي أو أخصائي التدليك أو أخصائي تقويم العظام وتجبيرها أن يقوم بجلسات تدليك منتظمة أو بجلسات علاجية يدوية، وذلك لشد العضلات وتقويتها، وبالتالي المحافظة على العضلات ومنعها من الضمور والانكماش والتشنج.

قد تساعد أيضًا تمارين معينة مثل السباحة وتمارين الرياضة الهوائية (الآيروبيك) المريض في الحفاظ على كتلة العضلات لديه وقوتها.

يوجد نوع آخر من أنواع العلاج الفيزيائي تُستخدم به موجات صوتية عالية التردد لتنشيط النسيج تحت الجلد، يُدعى بفائق الصوت العلاجي (Therapeutic ultrasound). وربما يساعد هذا العلاج المرضى في استعادة الإحساس في أقدامهم.

مضاعفات اعتلال الأعصاب السكري:

يمكن لاعتلال الأعصاب السكري أن يساهم في حدوث عدد من المضاعفات الخطيرة، والتي تتراوح من التبدلات في معدل ضربات القلب إلى حدوث الاضطرابات البصرية.

وكما ذكرنا، يمكن للاعتلال أن يؤدي إلى فقدان الإحساس بالقدمين ما يؤدي إلى حدوث التقرحات والجروح والأذيات الأخرى دون أن يشعر بها المريض، ما يزيد من خطورة حدوث العدوى (Infection) في القدم، والتي قد تؤدي إلى بتر الطرف في حال عدم علاجها والسيطرة عليها.

قد تُصاب المثانة والكلى بالعدوى والإنتانات الشديدة ما يؤدي إلى حدوث اضطرابات ومشاكل صحية عديدة.

إن العناية الجيدة بالقدم أمر أساسي لتجنب مضاعفات الاعتلال العصبي المحيطي، ما يستوجب على المرضى فحص أقدامهم بشكل يومي ومتكرر بحثًا عن الإصابات أو التقرحات.

يزيد التدخين أيضًا من خطر حدوث المشاكل في القدمين عند المرضى المصابين بأنماط معينة من اعتلال الأعصاب السكري، ما يستوجب الإقلاع عنه وتركه، وقد يساعد في ذلك مقدم الرعاية الصحية.

الخلاصة:

اعتلال الأعصاب السكري هو اعتلال عصبي يتطور عند الأشخاص المصابين بداء السكري، وله أربعة أنماط: اعتلال الأعصاب الذاتي، والمحيطي، والداني، والبؤري أو الأحادي.

يؤثر كل منها على مجموعة مختلفة من الأعصاب، ويمتلك كل منها أعراضًا وتأثيراتٍ مختلفةً. فاعتلال الأعصاب الذاتي يؤذي الوظائف والعمليات الذاتية في الجسم، مثل الهضم. أما اعتلال الأعصاب المحيطي يؤذي الأعصاب في كل من أصابع اليدين والقدمين.

يتضمن التشخيص إجراء فحوصات واختبارات معينة تتحرى منعكسات الكاحل (ankle reflexes)، ومستويات الحس، وبنية الجلد والأصابع.

يتضمن العلاج أنماطًا معينةً من المعالجات الفيزيائية والدوائية التي تتحكم بالألم والتوصيل العصبي في الأعصاب.

ويتوجب على المرضى المصابين باعتلال الأعصاب السكري فحص أقدامهم باستمرار وبشكل منتظم لحمايتها من حدوث العدوى و خطر فقدان الطرف، فقد لا يشعرون بحدوث الأذيات والتقرحات في القدمين.

سؤال:

لدينا مريض مصاب بداء السكري من النمط الثاني، كيف يمكننا منع حدوث اعتلال الأعصاب السكري لديه؟

الجواب:

أفضل طريقة هي ضبط مستويات السكر بالدم والعناية المنتظمة والمتكررة للقدمين.

وإذا كان يستخدم دواء الميتفورمين (Metformin) لمدة طويلة، وهو دواء شائع الاستخدام لدى مرضى السكري من النمط الثاني، عليه أن يفحص مستويات الفيتامين “B12” في الدم أيضًا، لأن الميتفورمين يخفض من مستويات هذا الفيتامين ما يؤدي بدوره إلى حدوث اعتلال عصبي (ناجم عن عوز الفيتامين).

اقرأ أيضًا:

مشاكل القدم عند مرضى السكري: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الداء السكري الحملي: الأعراض والأسباب والتشخيص والعلاج

نوع ثالث من السكري ربما لم تعرف عنه بعد

كل ما تريد معرفته عن مرض السكري

ترجمة: يوسف الجنيدي

تدقيق: محمد وائل القسنطيني

مراجعة: آية فحماوي

المصدر