مئات بل آلاف من حالات التهاب الرئة الحاد قد لا يشخصها الأطباء الذين فشلوا في التعرف على المسبّب الخفي المحتمل لمشاكل التنفس الخطيرة: الفراش المصنوع من الريش.
في تقرير جديد لحالة، يصف الأطباء القصة المؤلمة لرجل يبلغ من العمر 43 عامًا في المملكة المتحدة، حضر إلى طبيبه بعد أن تعرض لشعور بالاعتلال والإرهاق وضيق التنفس دام مدة ثلاثة أشهر.
في البداية، كان يظن أنه مصاب بعدوى في الجهاز التنفسي، لكن سرعان ما تفاقمت الأعراض، لدرجة أنه كان يأخذ إجازة من العمل تطول لأسابيع، وحتى المشي بين غرف منزله قد يتركه محاولًا التقاط أنفاسه.
يقول المريض -دون ذكر اسمه-: «لقد بدأت أشعر بنوبات من الدوخة عند بذل مجهود، ولم أتمكن من الوقوف أو المشي لأكثر من بضع دقائق في كل مرة من غير فقدان للوعي، وكان الصعود إلى الطابق العلوي إلى السرير نشاطًا مدته 30 دقيقة؛ إذ كنت أصعد درجين فقط، ثم أشعر بحاجة ملحة إلى الجلوس والراحة».
بعد زيارات عديدة لطبيبه، ظلت مشكلة الرجل الغامضة في التنفس مجهولة. كان يعيش في منزل دافئ وجاف، وكانت بيئة معيشته خالية تمامًا من العفن!
كان الرجل يمتلك قطًّا وكلبًا، لكن ليس لديه طيور، وهذا أمر مهم، لأن التعرض للغبار العضوي من ريش الطيور سبب معروف للإصابة بالتهاب رئوي بفرط التحسس، وهو اضطراب في جهاز المناعة؛ إذ تصبح الرئتان ملتهبتين لدى بعض الأفراد بعد استنشاق مواد معينة.
في هذه الحالة، قد لا تكون الطيور الحية هي المشكلة، لكن الريش ما يزال المصدر المحتمل لمشكلته.
كشفت مقابلات مع اختصاصي في الجهاز التنفسي، أوين ديمبسي Owen Dempsey من مستشفى أبردين الملكي Aberdeen Royal Infirmary، أن الرجل حصل مؤخرًا على غطاء ووسائد تحتوي على ريش، والتي حلت محل فراشه السابق المصنوع من الألياف الصناعية، ويُشتبه في أن هذا التغيير الوحيد هو سبب ما لحق المريض من بؤس.
أكثر الأنواع شيوعًا للالتهاب الرئوي بفرط التحسس يُسمى رئة مربي الطيور(BFL) bird fancier’s lung ، وتُعرف مجموعة فرعية نادرة من BFL باسم رئة غطاء الريش (FDL).
يوضح ديمبسي وفريق معه في تقرير الحالة: «إنFDL ناتج عن استنشاق الغبار العضوي الناجم عن ريش البط أو الإوز الموجود في الأغطية والوسائد. استنشاق المستضدات يؤدي إلى نشاط الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى التهاب متني الرئة. قد يؤدي التعرض المتكرر إلى تليف رئوي لا يمكن علاجه».
في حالة الرجل البالغ من العمر 43 عامًا، شخّص الأطباء حالته أنها FDL استنادًا إلى ما وجدوه من تركيز عالٍ بصورة غير طبيعية للأجسام المضادة لغبار ريش الطيور في دمه، وكشف التصوير المقطعي المحوسب عن نمط الفسيفساء «الزجاج المكسور» المرئي في رئتيه، ما يشير إلى الالتهاب الرئوي بفرط التحسس.
لحسن حظ المريض، أدت إزالة فراشه الذي يحتوي على الريش، جنبًا إلى جنب مع فترة طويلة من العلاج بالستيرويد، إلى تحسن سريع في حالته.
يقول المريض: «إن الستيرويدات التي وصفت بعد التشخيص كان لها تأثير تحولي في غضون يومين، ولحسن الحظ، تمكنتُ من وقف الأدوية تمامًا. يتراوح مستوى تشبع الأكسجين الخاص بي في الوقت الحاضر بين 97 و98% بصورة منتظمة، وهذا ما أفهم أنه طبيعي بالنسبة لشخص في مثل عمري، ولم أشعر بالدوار منذ الشفاء».
إنها نتيجة سعيدة للمريض الذي يمكنه الآن وضع أشهر من ضيق التنفس والإرهاق وراءه. لكن يقول الباحثون إن FDL قد تكون مشكلة أكبر كثيرًا مما نعرف؛ لأنه قد يفشل الأطباء في تحديد هذه الحالة النادرة غير المعروفة إذا لم يلاحظوا أن السبب المحتمل هو الفراش المصنوع من الريش، مختبئًا على مرمى البصر في غرف نوم المرضى.
كتب معدُّو الدراسة: «يتراوح ظهور الأعراض بعد التعرض للأغطية المصنوعة من الريش أو الوسائد على نطاق واسع متغير بين ثلاثة أسابيع إلى خمس سنوات. نظرًا لتعريفه غير المتجانس وغير المحدد، فإن الالتهاب الرئوي بفرط التحسس في كثير من الأحيان يكون تشخيصه صعبًا، والحل هو أخذ سجلٍ دقيقٍ».
اقرأ أيضًا:
انه فصل الربيع اليك ما يجب معرفته عن فرط التحسس
التهاب الأنف غير التحسسي nonallergic rhinitis
ترجمة: ماريانا عادل
تدقيق: صالح عثمان