يشكل الفضاء دائمًا حيزًا واسعًا للاستكشاف السلمي، ولكنه يشكل أيضًا مكانًا مناسبًا للتنافس العسكري، إذ استُخدمت الأقمار الصناعية للتجسس، كما تحلم عدة مؤسسات باستخدام الفضاء لإطلاق الصواريخ وغيرها من الأنشطة العسكرية الأخرى. سنتعرف في هذا المقال على أخطر أنواع الأسلحة الفضائية.
القذائف والصواريخ:
نعرف أن القذائف تُستخدم منذ حوالي 1000 سنة، ولكن وفقًا لموسوعة Encyclopedia Britannica فإننا لا نعرف تاريخ اختراعها تحديدًا. تشير معظم المصادر إلى أن القذائف بدأت تظهر أولًا في الصين ثم في أوروبا.
استُخدمت القذائف الأسطوانية المعدنية في الهند أولًا في القرن الثامن عشر ما ألهم قذائفًا مماثلةً في بريطانيا. استُخدمت القذائف أيضًا بشكل محدود في الحرب المكسيكية الأمريكية والحرب الأهلية الامريكية والحرب العالمية الأولى.
ظهرت التطورات الحقيقية في صناعة القذائف في الحرب العالمية الثانية، إذ استخدمها كل من الحلفاء ودول المحور، ولكن أشهرها قذيفة V2 التي استخدمها الألمان. فر العديد من علماء القذائف والصواريخ الألمان للاتحاد السوفيتي أو أمريكا بعد خسارة ألمانيا للحرب، ما تسبب في بدء السباق الفضائي بين القوتين العظمتين وحدوث العديد من التطورات في هذا المجال منها الصواريخ العابرة للقارات وغيرها. وتعتبر الصواريخ أشهر الأسلحة الفضائية التي يمكن استخدامها.
المتفجرات الهيدروديناميكية المغناطيسية (Magneto Hydrodynamic Explosive Munition) أو MAHEM:
MAHEM هو سلاح تعمل على تطويره وكالة الأبحاث والمشاريع العسكرية المتطورة الأمريكية (DARPA). يُستخدم المعدن المصهور لاختراق دروع مركبات الأعداء. يعتمد السلاح على دفع المعدن المصهور باستخدام الحقول المغناطيسية الصادرة عن الانفجار، إذ يطلق السلاح على مركبات الأعداء رأسًا حربيًا محمولًا على صاروخ أو قذيفة تخترق الدرع ثم تنفجر مدمرةً المركبة من الداخل.
تعِدُ (داربا) بأن يكون هذا السلاح أدق وأكثر كفاءة وأكثر قابلية للتحكم من الأسلحة العادية المتفجرة الخارقة للدروع. تجدر الإشارة إلى أن فكرة استخدام المعدن المصهور في الأسلحة أقدم بكثير من الـ MAHEM إذ ظهرت في روايات الخيال العملي مثل رواية Earthlight لآرثر كلارك والتي نُشرت عام 1955.
مشروع الليزر الاستراتيجي عالي الطاقة (Tactical High Energy Laser) أو THEL:
THEL مشروع مشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. في فترة تطويره بين عامي 1996 و2005 دمر النظام الذي يعمل على الأرض أكثر من 46 قذيفة هاون وصاروخ وقذيفة مدفعية قادمة من الجو. رغم توقف المشروع في عام 2005 أعيد استخدام التكنولوجيا المستخدمة فيه في مشاريع أخرى للجيش الأمريكي. وهو أشهر الأسلحة الفضائية التي لطالما سمعنا عنها ورأيناها في الأفلام.
الأقمار الصناعية المسلحة:
إن فكرة تسليح الأقمار الصناعية بأسلحة مجهزة للإطلاق على الأرض تخالف العديد من الاتفاقات الدولية مثل معاهدة الفضاء الخارجي (Outer Space Treaty) والتي تمنع وضع أسلحة الدمار الشامل في مدار حول الأرض. ولكن رغم ذلك، بدأت بعض المنظمات العسكرية بمناقشة تلك الفكرة مؤخرًا.
طُورت بعض الأفكار لتسليح الأقمار الصناعية عبر السنين، مثل قذائف الطاقة الحركية التي تعتمد على الطاقة الحركية الناشئة عن السرعة الهائلة للقذيفة الساقطة من الفضاء الخارجي أو أقمار صناعية صغيرة عليها نظم أسلحة موجهة قادرة على تدمير أقمار صناعية أخرى أو توجيه ضربات للأرض.
محطة الفضاء السوفيتية (ألماز):
بدأ التفكير في محطة ألماز الفضائية السوفيتية في ستينيات القرن الماضي لتسهيل البحث عن الأهداف البحرية. واعتُقد أن وضع رواد فضاء في مدار حول الأرض سيساعد في عمليات التجسس والتنقل السريع بين الأهداف وفق متطلبات المعركة.
انشغل السوفيتيون بالسباق نحو القمر في الستينيات ما أخر إطلاق ألماز حتى عام 1973، وسُميت Salyut-2.
لم يتمكن رواد الفضاء من زيارة المركبة لمشكلة فيها، ولكن تمكنوا من تطوير نماذج أخرى لاحقًا مثل Salyut-3 وSalyut-5؛ لم تغادر Salyut-4 الأرض لمشكلة في التصميم. يُقال أنه حدثت عمليات استطلاع من على متن المركبات وأُطلق مدفع في عام 1975، ولكن حالت مشاكل تقنية دون إتمام أية مهمة من مهام Salyut-3 أو Salyut-5 بشكل كامل.
مشروع المختبر الفضائي المأهول (Manned Orbiting Laboratory) أو MOL:
لم يُطلق مشروع MOL إلى الفضاء أبدًا ولكنه يعتبر من ضمن الأسلحة الفضائية. حظي مشروع MOL بفترة اهتمام واسعة بين عامي 1963 و1969. بعض الإنجازات التي حدثت بفضل المشروع هي اختيار 17 رائد فضاء منهم بوب كريبين وريتشارد ترولي اللذان انتقلا إلى ناسا بعد إنهاء المشروع، وتم بناء منصة إطلاق في قاعدة القوات الجوية في كاليفورنيا وعُدلت مركبة جيميني التابعة لناسا لتحمل المشروع.
هدف المشروع الأساسي هو التجسس، إذ كان يحمل منظومة كاميرات يمكنها التقاط صورًا أدق من أي قمر صناعي آخر. وكان بإمكان المشروع حمل صواريخ -ليست نووية ولكن يمكن أن تسبب ذعرًا كبيرًا- وشبكة لاختطاف مركبات الأعداء.
أُغلق المشروع بعد أن تضخمت تكاليفه لدرجة هائلة، إذ اعتُقد أن المشروع سيكلف أكثر من 3 مليارات دولار إضافية غير المليارات المصروفة مسبقًا وقدرها من 1 إلى 3 مليار دولار.
الصواريخ البالستية العابرة للقارات:
وفق موسوعة Encyclopedia Britannica فإن الصواريخ البالستية هي صواريخ أرضية يمكنها السفر لأكثر من 5600 كيلومتر. أطلق الاتحاد السوفيتي أول صاروخ باليستي عابر للقارات عام 1958، وأطلقت الولايات المتحدة واحدًا عام 1959، ثم لحقت بهم دول عديدة. تطور الصين والهند وإسرائيل صواريخ عابرة للقارات حاليًا ويُقال أن كوريا الشمالية تفعل ذلك أيضًا.
يمكن التحكم بالصواريخ البالستية العابرة للقارات بواسطة كمبيوتر أو قمر صناعي لتوجيهه نحو مدينة أو حتى هدف ضمن المدينة إذا كان متطورًا بما فيه الكفاية. تشتهر هذه الصواريخ بقدرتها على حمل رؤوس نووية وهي قادرة على حمل رؤوس بيولوجية وكيميائية أيضًا.
مركبة X-37B:
بعد أكثر من أربع مهام في الفضاء ما زلنا لا نعرف وظيفة هذه المركبة، لكن يعتقد الكثيرون بأنها من الأسلحة الفضائية التابعة للقوات الجوية الأمريكية.
تبدو المركبة نسخة مصغرة من مكوك ناسا الفضائي، ولكن يمكن التحكم بها آليّا، ويمكنها البقاء في مدار حول الأرض لأكثر من عام. أُفصح عن بعض التجارب التي تُستخدم من أجلها المركبة مثل تجربة متقدمة في علم المواد لناسا ومنظومة دفع تجريبية للقوات الجوية، ولكن لا تزال معظم التفاصيل سرية.
نُشرت فرضيات عدة حول ماهية عمل المركبة مثل القصف من الفضاء أو التشويش على أقمار الأعداء الصناعية أو التجسس أو كل ما سبق. ولكن تصر القوات الجوية على أن المركبة ليست سلاحًا وأنها تُستخدم فقط لإجراء تجارب علمية وتطوير تكنولوجيا جديدة للمركبات الفضائية.
المنظومة المضادة للأقمار الصناعية:
في عام 1985، أطلقت طائرة مقاتلة من نوع F-15A تابعة للقوات الجوية الأمريكية مضاد أقمار صناعية على القمر Solwind P78-1 والذي استُخدم لاكتشاف العديد من المذنبات، ولكن قُرر تدميره بسبب انتهاء عمر حساساته. نتج عن تدمير القمر 250 قطعة كبيرة كفاية لتظهر على أجهزة المراقبة ما دفع الكونغرس لمنع أية تجارب إضافية.
كان هذا الاختبار واحدًا من عدة اختبارات قامت بها الولايات المتحدة لإيجاد طريقة لتدمير الأقمار الصناعية دون الإخلال بمعاهدة الفضاء الخارجي التي تحدثنا عنها سابقًا. شملت بعض التجارب اللاحقة منظومة الدفاع الاستراتيجية والليزر الكيميائي متوسط المدى الذي كان من المفترض إطلاقه من الأرض ومنظومة التواصل المعاكس التي تستخدم التشويش الراديوي.
وأُجريت بعض المحاولات من طرف دول أخرى مثل الصين والهند والاتحاد السوفيتي. في عام 2007، جربت الصين منظومة مضادة للأقمار الصناعية ما سبب توليد كمية هائلة من الحطام الفضائي، أصابت قطعة منه قمرًا صناعيًا روسيًا ما أدى إلى تدميره في عام 2013.
التلاعب بالنيازك:
النيازك هي أخطر الأسلحة الفضائية ، إذ يُعتقد أن نيزكًا بقطر 10 كيلومترات تسبب في انقراض الديناصورات. ظهرت تلك الفكرة في كثير من أفلام الخيال العلمي. يمكن للنيازك الصغيرة أيضًا أن تسبب أضرارًا هائلة بسبب سرعتها. يعتقد الخبراء أن الجسم الذي انفجر فوق مدينة تشيليابينسك الروسية في فبراير من العام 2013 والذي ولد موجة صادمة تسببت في إصابة 1200 شخص كان نيزكًا عرضه حوالي 20 مترًا.
تظل فكرة تحويل النيازك لأسلحة ضمن مجال الخيال العلمي حاليًا، يشير بعض الخبراء إلى أن النيازك أسلحة ضعيفة لا يمكن استخدامها إلا مرة كل بضعة قرون. رغم ذلك، فكرت ناسا في التلاعب بنيزك بجعله يدور في مدار حول الأرض من أجل دراسات علمية، ولكن قررت بدلًا من ذلك أن تحضر قطعة من النيزك إلى الأرض. ستنطلق هذه المهمة في أوائل عام 2020.
اقرأ أيضًا:
كيف تستطيع حضارة فضائية منقرضة أن تنقذ البشرية؟
قوات ترامب الفضائية؛ من الممكن أن تكون موجودةً عام 2020
ترجمة: مهران يوسف
تدقيق: محمد سعد السيد
مراجعة: رزان حميدة