اعتقد الفيزيائيون وقتًا طويلًا أن كوننا تحكمه 4 قوى رئيسية. يقترح بحث جديد وجود قوة خامسة، وهو اكتشاف قد يغير كل مبادئ الفيزياء الحديثة. نشر باحثون بمعهد البحوث النووية في المجر دراسة جديدة بقاعدة بياناتarXiv ، تقدم دليلًا إضافيًّا على وجود جسيم جديد تمامًا أسماه العلماء X17 ، اقتُرِح وجوده لأول مرة قبل 3 سنوات، وهو ما قد يفسر أحد أكبر الألغاز في علم الفلك: المادة المظلمة.
سيتطلب وجود ذلك الجسيم إعادة كتابة النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، وهي النظرية التي تصف القوى الأساسية وتصنف الجسيمات دون الذرية.
كل ذلك متوقف على التأكد من وجود هذه الجسيمات فعلًا، فالورقة الجديدة لم تُراجَع بعد، وأكثر الفيزيائيون متشككون لأنه حتى الآن لم يُجرَ تحقيق مستقل حول النتائج التي توصل إليها سابقًا ريتشارد ميلنر وفريقه.
أعلن الفريق عن أول دليل على وجود الجسيم في تجارب أجريت على ذرات البريليوم المشعة سنة 2016. قاس الباحثون الضوء والجزيئات المنبعثة من البريليوم عند انهياره، ولاحظوا أن أزواج الإلكترونات المنبعثة من المادة المضادة والبوزيترونات تميل إلى التسارع بزاوية معينة، وهو سلوك غير مُفسَّر في ضوء قوانين الفيزياء الحالية.
استنتج الفريق وجود جسيم وسيط غير معروف، يتحلل إليه البريليوم ثم ينبعث منه زوجا الإلكترون والبوزيترون لاحقًا. حُسِبت كتلة هذا الجسيم غير المعروف X فوُجد أنها تقارب 17 ميجا فولت، فاكتسب اسمه الحالي X17 (للمقارنة، X17 أكبر من الإلكترون بنحو 34 مرة).
أضافت الدراسة الجديدة المزيد من الملاحظات على الجسيم المقترح الذي شوهد في تحلل ذرات الهيليوم، وأظهرت أدلة أخرى على وجود جسيم متوسط من نفس الكتلة.
تشير النتائج إلى أن الجسيم X17 المقترح ليس فرميونًا -نوع من الجسيمات المكونة للمادة العادية- بل بوزون، وهو جسيم يحمل طاقة أو قوى أحيانًا. ما يعني أن X17 قد يحمل قوة خامسة غير معروفة سابقًا، تلك القوى التي يرى علماء الفيزياء إنها قد تفسر المادة المظلمة، المادة الغامضة التي تشكل 85% من مادة الكون ويُلاحظ أثر جاذبيتها لكنها غير مرئية كونها لا تتفاعل مع الضوء.
ينتظر علماء الفيزياء تحقيقًا مستقلًا قبل قبول نتائج البحث.
يقول ميلنر: «باعتباري خبيرًا تجريبيًّا فأنا متشكك، هذا موقفي الطبيعي عندما أرى أبحاثًا من هذا النوع، إذ يجب التحقق من صحتها».
ترجع الشكوك جزئيًّا إلى كون المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية CERN قد حاولت البحث عن جسيم X17 ولم تعثر على أي دليل يثبت وجوده، لكن من المتوقع إجراء المزيد من البحث عن هذا الجسيم في ضوء الأدلة الجديدة.
يرى ميلنر إنه إذا تأكد هذا الاكتشاف، فقد يفتح مجالًا جديدًا لاكتشاف الطريقة التي تعمل بها فيزياء الجسيمات. لقد حقق الفيزيائيون تقدمًا هائلاً في تحديد النموذج القياسي بالتركيز على حقول الطاقة العالية على مدار نصف القرن الماضي، وتطلب ذلك تعاونًا دوليًّا ضخمًا ومسرعات باهظة الثمن لتحطيم الجزيئات معًا بسرعة فائقة. يمثل البحث الجديد -الذي أُنجِز بتكاليف أقل بكثير- دفعةً كبيرة للفيزيائيين في اتجاه اتجاه جديد تمامًا، وهو البحث عن جزيئات جديدة.
يضيف ميلنر: «إن النموذج القياسي للفيزياء معرف بدقة، لذلك إذا وجدنا تفاعلًا جديدًا يتجاوزه، فهذا أمر مثير للغاية».
اقرأ أيضًا:
تجربة للكشف عن الطاقة المظلمة لا تظهر أي آثار حول القوة الخامسة الغامضة
هل اكتشف العلماء القوة الخامسة في الطبيعة؟
ترجمة: مصطفى العدوي
تدقيق: سمية المهدي
مراجعة: أكرم محيي الدين