وجد باحثون من كلية التمريض بجامعة نيويورك في دراسة أُجريت على 9430 بالغًا تبلغ أعمارهم 50 عامًا أو أكثر؛ ارتباطًا مهمًا بين الشعور بالوحدة وظهور أعراض الأرق، مثلًا: صعوبة الدخول والاستمرار في النوم، والاستيقاظ مبكرًا جدًا في الصباح، والنوم غير الكافي.
وفقًا للباحثين؛ قد تُثير الوحدة أعراض الأرق عبر عدة طرق، من بينها زيادة التوتر والقلق واليقظة. قد تكون معالجة الوحدة مفتاحًا لنوم أفضل وشيخوخة أكثر صحة.
حلل فريق البحث بيانات من دراسة الصحة والتقاعد، وهي دراسة استقصائية تمثيلية على المستوى الوطني للبالغين في منتصف العمر وكبار السن في الولايات المتحدة.
وأظهرت النتائج التي توصلوا لها أن نحو 16% من البالغين الذين شملتهم العينة قد طوروا عرضًا واحدًا على الأقل من أعراض الأرق خلال فترة ست سنوات. من المعروف أن قلة النوم تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ومشكلات الذاكرة.
نُشرت الدراسة في عدد يوليو من مجلة أبحاث الطب النفسي.
ولقياس العزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة؛ استخدم الباحثون مؤشر العزلة الاجتماعية Steptoe ومقياس الوحدة UCLA. المقياس مكون من 20 عنصرًا، ويعبر الأفراد من خلاله عن مدى شعورهم بالإهمال أو الوحدة وفقًا لأرقام محددة.
أكدت مؤلفة الدراسة الدكتورة باي وو، على ضرورة التمييز بين العزلة الاجتماعية والوحدة، موضحةً أن الوحدة مرتبطة بوجهة نظر الشخص لذاته ومفهومه الشخصي للسعادة.
قالت وو، أستاذة الصحة العالمية في التمريض بجامعة نيويورك: «تمثل الوحدة تناقضًا ملحوظًا بين العلاقات الاجتماعية الفعلية والمرغوبة».
تُشير وو إلى أنه مع تقدم الناس في السن، فإنهم أكثر عرضة لتجربة العزلة الاجتماعية ومشاعر الوحدة.
وتشرح قائلة: «في منتصف العمر، يكون لدينا عمل يقربنا من الأشخاص من حولنا، ونكون لا نزال قادرين على التحرك بسهولة وحرية.
لكن مع تقدمنا في العمر، تبدأ علاقاتنا الاجتماعية في الانكماش؛ قد نبدأ في فقدان الأسرة والأصدقاء والزوج ومع التقدم في السن قد نفقد عملنا أيضًا. قد يكون لدى كبار السن قدرة أقل على الحركة للمشاركة في الأحداث الاجتماعية أو رؤية الأصدقاء لتناول طعام الغداء والعشاء وما إلى ذلك. لذا، فإن كل هذه الأشياء تزيد بالتأكيد من خطر الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية بين كبار السن».
كيف نشعر بوحدة أقل؟
نشرت الدكتورة وو خلال المراحل المبكرة من تفشي فيروس COVID-19 ورقة بحثية حول العزلة الاجتماعية لكبار السن. وعرفوا من خلاله اكتشافات جديدة حول الشيخوخة، لا سيما فيما يتعلق بجودة النوم.
قد يكون البحث الذي أُطلق سنة 2020 ناتجًا عن أزمة عالمية، لكنه سلط الضوء على مشكلة مستمرة تتعلق بالعزلة الاجتماعية التي لا تزال تؤثر في الناس من جميع الأعمار بعد فترة طويلة من انتهاء الوباء. في وقت سابق من هذا العام؛ دق الجراح العام الأمريكي ناقوس الخطر بشأن أضرار العزلة الاجتماعية.
العلاقة بين الوحدة ومشكلات النوم هي قضية معقدة. تشير إحدى النظريات إلى أن البشر لديهم شعور بالضعف عندما يرون أن بيئتهم غير آمنة -وهو شعور شائع بين أولئك الذين يعانون الوحدة. قد يؤدي هذا إلى اليقظة اللاواعية التي تعطل النوم.
المفهوم الأبسط هو أن الوحدة قد تجعل من الصعب على الناس التعامل مع ضغوط الحياة اليومية التي قد تؤدي إلى أعراض الأرق.
قالت وو: «لقد ولدنا لنكون مرتبطين اجتماعيًا وعاطفيًا، إن علاقاتنا تدعم رفاهيتنا».
بالنسبة لكبار السن؛ قد يساعد وجود اتصال مع الآخرين على تجنب الأرق. ويقول الباحثون إن الأنشطة الاجتماعية مثل التطوع، أو الانضمام إلى نادٍ، أو المشاركة في مجموعات الدعم لأولئك الذين يعانون الحزن أو لديهم حالة صحية مزمنة؛ أو التدخلات القائمة على التكنولوجيا، مثل الدردشة المرئية -أو حتى الروبوتات المرافقة- قد تساعد على تجنب الوحدة.
اقرأ أيضًا:
التقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يخفف مشاعر القلق والاكتئاب والوحدة
هل يقع اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي في شعور الشباب بالوحدة؟
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: بدور مارديني