ستنشأ الأجيال الجديدة من البشر في عالم مختلف تمامًا عن العالم الذي نشأ فيه آباءهم. فمقارنةً بالأطفال الذين ولدوا في العام 1960، تشير سلسلة من النماذج الجديدة أن الأطفال الذين ولدوا بعد العام 2010 سيواجهون أربعة أضعاف عدد الأحداث المناخية القاسية في حياتهم، وذلك فقط إذا حافظنا على ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، وهي العتبة التي تُقرب نسبة حدوث كل ذلك وبسرعة كبيرة.
هناك تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة يشير إلى أن العالم يسير على نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 2.7 درجة وذلك بحلول نهاية القرن، ووفقًا للنماذج الجديدة، فإن هذه الدرجة الإضافية ستكون كارثية بشكل كبير.
إذا ارتفعت درجة حرارة العالم بمقدار 3 درجات مئوية بحلول عام 2100، يتوقع الباحثون أن الأطفال بمتوسط عمر 6 سنوات سيشهدون ضعف عدد حرائق الغابات والأعاصير، وثلاثة أضعاف فيضانات الأنهار، وأربعة أضعاف فشل المحاصيل الزراعية، وخمسة أضعاف من أحداث الجفاف، و36 ضعف عدد موجات الحر.
يقول مؤلفو الدراسة: «تسلط نتائجنا الضوء على تهديد خطير لسلامة الأجيال الناشئة وتدعو إلى خفض جذري لمستويات الانبعاثات الكربونية لحماية مستقبلهم».
مع استمرار أزمة المناخ، تشير الأدلة المتزايدة إلى أن الظواهر الجوية المتطرفة مثل الأعاصير وحرائق الغابات ستصبح أكثر تواترًا وربما أكثر حدة أيضًا.
تعتبر الدراسة الجديدة هي الأولى من نوعها التي تتنبأ بكيفية تأثر الأجيال الناشئة بهذه الكوارث التي تلوح في الأفق على مدى حياتهم.
ولقياس مدى هذه التوقعات، ابتكر الباحثون نماذج تتضمن بعضًا من مصادر المعلومات منها: البيانات السكانية العالمية، مثل النمو السكاني ومتوسط العمر.
توقعات لستة ظواهر مناخية قاسية، بما في ذلك حرائق الغابات، والأعاصير، وفيضانات الأنهار، وفشل المحاصيل الزراعية، والجفاف، وموجات الحر. وسيناريوهات المناخ المستقبلية التي أعدتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
النتائج أبعد ما تكون عن الكمال، لكنها خطوة مهمة في تحديد الاختلافات في عدم المساواة بين الأجيال.
على سبيل المثال، سيشهد الشخص المولود في عام 1960 حوالي أربع موجات حرارة في حياته، بينما يعاني أطفال اليوم حوالي 18 موجة إذا كان الاحترار محدودًا عند 1.5 درجة، أو 22 إذا ارتفع الاحترار إلى درجتين.
ومع السيناريو الحالي للعالم الذي سيؤدي إلى ارتفاع يتراوح بين 2.6 و3.1 درجة. سيشهد الطفل المولود في عام 2020 حوالي 30 موجة حر في حياته، أي أكثر بسبع مرات من أولئك الذين ولدوا في عام 1960.
وبالنسبة للأطفال الذين يعيشون في أجزاء من جنوب الكرة الأرضية، فإن الأرقام مقلقة. إذ مقارنةً بالأشخاص الذين عاشوا قبل الثورة الصناعية، من المتوقع أن يواجه الطفل المولود في عام 2020 في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في المتوسط، ما يقارب 6 أضعاف عدد الأحداث المناخية القاسية في حياتهم. وفي كل الاحتمالات، يقول مؤلفو الدراسة إن هذا استخفاف بحقهم.
البيانات التي أُدخلت في النماذج لا تشتمل على الكوارث البطيئة الحدوث مثل الفيضانات الساحلية التي تحدث بسبب ارتفاع منسوب البحار، ولا تنظر في احتمال أن تصبح الأحداث المناخية أكثر حدة وتكرارًا. احتُسبت نسبة التعرض المتعددة للكوارث المناخية في عام واحد على أنها واحدة فقط.
الخبر السار هو أنه إذا كان الاحترار يمكن أن يقتصر على 1.5 درجة، فإن خطر الظواهر المناخية القاسية على مستقبل الأطفال يمكن تقليله بشكل كبير كما يعتقد الباحثون.
في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على سبيل المثال، قد تنخفض نسبة التعرض لأحداث الطقس القاسية على مدى الحياة بنسبة كبيرة تصل إلى 40% بين الأجيال الناشئة، ولكن فقط إذا التزمنا بالبنود والتطلعات الأكثر صرامة لاتفاقية باريس للمناخ.
إذا أردنا أن يكون ذلك واقعنا، فنحن بحاجة إلى إحداث تغيير وبسرعة.
تقرير مرفق للنماذج، أصدرته منظمة Save The Children، يدعو الدول الغنية في جميع أنحاء العالم على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة، والاستثمار في طرق تساعد الأطفال على التكيف مع أزمة المناخ والأحداث المناخية المتطرفة في مستقبلهم.
يقول المدير التنفيذي إنجر أشينج: «سنسلم أطفالنا مستقبلًا مميتًا، أزمة المناخ هي في جوهرها أزمة في حقوق الأطفال، نحتاج إلى التخلص من اعتمادنا على الوقود الأحفوري، وإنشاء شبكات أمان مالية ودعم الأشخاص الأكثر تضررًا. يمكننا تغيير هذا الوضع، نحن بحاجة إلى الاستماع إلى الأطفال والبدء في العمل. إذا كان الاحترار يقتصر على 1.5 درجة، فهناك أمل أكبر بكثير في مستقبل مشرق للأطفال الذين لم يولدوا بعد».
اقرأ أيضًا:
يقول العلماء عن تغير المناخ: توقفوا عن استخراج الوقود الأحفوري
ما علاقة الاحتباس الحراري بزيادة مخاطر الحمل لدى النساء؟
ترجمة: أنور عبد العزيز الأديب
تدقيق: طارق طويل