يمتد وميض ساطع أزرق من قمم عواصف رعدية ضخمة نحو الفضاء مقدمًا عرضًا سماويًّا رائعًا لروّاد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية, وقد بدأ العلماء الآن بالبحث بشكل موسّع فيما يتعلق بهذه اللقطات المثيرة للإعجاب.
في عام 2015, التقط أحد روّاد فضاء وكالة الفضاء الأوربية والذي يُدعى أندرياس موغنسن (Andreas Mogensen) شريط فيديو لومضاتٍ زرقاء غريبة تتراقص فوق الغيوم أثناء مرور المحطة فوق خليج البنغال.
تُدعى هذه الظاهرة (النافورات الزرقاء-(Blue Jets, وهي نوع من «حدث مضيء وقتي» ناتج عن النشاط أعلى وأسفل العواصف الرعدية الضخمة على الأرض.
وذكر بيان صادر عن وكالة ناسا أنّ أحد الصور التى التقطها موغنسن تُظهر أنّ نافورة زرقاء متذبذبة قد امتدّت لمسافة 25 ميلًأ (40 كم) فوق سطح البحر.
وباستخدام هذه المشاهدات، درس باحثون من المعهد الوطني للفضاء في الدنمارك هذه الظواهر المراوغة لمعرفة المزيد عن كيفية تشكّل العواصف وتطورها بمرور الوقت.
كما أظهر الباحثون أن 245 ومضة زرقاء متذبذبة لوحظت خلال 160 ثانية من لقطات الفيديو، أي ما يعادل 90 ومضة زرقاء في الدقيقة، وفقًا لما ذكره الباحثون في دراسة جديدة تصف النتائج.
وكشفت الدراسة أيضا أدلة على (العفاريت الحمراء-(Red Sprites وهي تفريغ كهربائي ضخم يحدث أعالي العواصف الرعدية، والتي تتوهج في الغلاف الجوي العلوي متبوعة بومضات برق ضخمة تضرب سطح الأرض، والتي تكون صعبة الالتقاط كونها تدوم لأجزاء من الألف من الثانية.
في الواقع، لم تتوفر أدلة بصرية على هذه النافورات الزرقاء (TLE) حتى عام 1989، إذ أنّ بعض المشاهدات الأولية من هذه الظواهر كانت العفاريت الحمراء والتي تم تصويرها من قبل الكاميرات على متن مكوك الفضاء، ومن خلال الصور التي التُقطت بواسطة وكالة ناسا وبعثة جامعة ألاسكا المحمولة جوا.
غير أنّ روّاد الفضاء الذين كانوا على متن المحطة الفضائية تمكنوا مؤخرا من تصوير شتّى أنواع البرق الطبيعي بواسطة الكاميرا، بما في ذلك عفاريت حمراء تنتميان لعاصفتين مختلفتين في غضون 3 دقائق من بعضها البعض، أولا فوق الغرب الأوسط الأمريكي وفي وقت لاحق بالقرب من ساحل السلفادور، هذه العفاريت الحمراء، التي رُصدت في أغسطس 2015، امتدت حوالي 60 ميلا (100 كم) فوق الأرض، وفقًا للبيان.
وتساعد مشاهدات الظواهر الجوية الغريبة مثل العفاريت الحمراء والنافورات الزرقاء على تحسين فهم الباحثين للعواصف الرعدية والبرق، مما قد يؤدي إلى نماذج أفضل للتكهن بالطقس والعواصف.
علاوة على ذلك، يهدف الباحثون إلى معرفة المزيد عن سبب تكوين العواصف لنافورات زرقاء مختلفة في ظروف مختلفة.
وقال تيملانغ (Tim Lang)، عالم الغلاف الجوى في مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا، في بيان «لقد كانت دراسات النافورات الزرقاء إلى حد ما مشاهدة محظوظة، وأصبحنا أفضل في العثورعليها، لكن في أغلب الأحيان بالاعتماد على التحليل».
وستُتاح الفرصة قريبًا للباحثين بالتقاط مشاهدات أفضل للعواصف من الفضاء باستخدام جهاز استشعار تصوير البرق التابع لوكالة ناسا، والذي تم تركيبه على المختبر المداري المأهول في فبراير 2017، وكذلك مراقب التفاعلات الجوية والفضائية، والذي من المقرر إطلاقه إلى المحطة الفضائية في وقت لاحق من هذا العام، حيث ستسمح هذه المعدات للباحثين بتحليل العواصف من الأسفل والأعلى، ودراسة تأثير العواصف الرعدية على الغلاف الجوي للأرض عن كثب.
- ترجمة :مصطفى المالكي
- تدقيق: سهى يازجي
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر الأول
- المصدر الثاني