وجود الغلوبيولينات البردية في الدم (Cryoglobulinemia) هو مرض سببه وجود بروتين يدعى الغلوبيولين البردي (Cryoglobulin) في الدم. الغلوبيولينات البردية هي بروتينات توجد في مجرى الدم وتتكتل مجتمعة في درجات الحرارة الباردة؛ تجعل هذه الكتل بلازما الدم كثيفة جدًا ما يعيق التدفق الطبيعي للدم ووصوله إلى الأنسجة والأعضاء.
يُعد وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم أكثر شيوعًا عند البالغين فوق 50 سنة، يمر البعض بأعراض مستمرة، بينما تعاود الأعراض ظهورها عند البعض بشكل هجمات. إذ تلعب درجة الحرارة الباردة دورًا في وجود الغلوبيولينات البردية في الدم، فالأعراض تشرع بالظهور خلال الأشهر الباردة وتقل في الصيف.
ما الذي يسبب وجود الغلوبيولينات البردية في الدم ؟
يسبب وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم تكتلات لبروتينات غير طبيعية في مجرى الدم تعيق تدفق الدم وحتى تمنعه. قد تسبب هذه العوائق تلفًا في كل من الأنسجة، والمفاصل، والأعصاب، والأعضاء. تختلف أسباب المرض من شخص لآخر. وتتضمن بعض الأسباب الأكثر شيوعًا ما يلي:
- وجود الغلوبيولينات البردية بكثرة في الدم.
- سرطانات دم معينة.
- الإصابة بأحد أمراض النسيج الضام.
- الإصابة بعدوى إنتانية، غالبًا التهاب الكبد C
قد يشتكي الشخص المصاب بوجود الغلوبيولينات البردية في الدم من وجود أعراض وقد لا يشتكي من أي عرض. لا يعاني الأشخاص الذين لديهم عدد قليل من الغلوبيولينات البردية في دمهم من أعراض تُذكر.
قد يكتشف البعض أن لديهم عددًا كبيرًا من الغلوبيولينات البردية في دمهم بعد فحص الدم لغرض حالة مرضية أخرى غير مرتبطة بالمشكلة.
قد تشمل الأعراض ما يلي:
- ألمًا في المفاصل
- إعياء
- تنميلًا
- ضعفًا
- طفحًا مع وجود بقع حمراء أو كدمات بنفسجية.
أعراض أخرى أقل شيوعًا:
- تلف الكلى
- تضخم الطحال أو الكبد
- تورم، تحديدًا حول الكاحلين والقدمين.
- تغير في لون اليدين في البرد
- فقدان وزن الجسم
- تقرحات جلدية وغرغرينا (تموت نسيجي)
- تنميل أو خدر
- ضغط دم مرتفع
كما تختلف الأعراض من شخص لآخر، كذلك تفعل عدد مرات معاودة ظهور المرض التي تحدث للشخص خلال السنة.
تشخيص وجود الغلوبيولينات البردية في الدم:
يجري الطبيب لتشخيص المرض فحوصات دم معينة للكشف عن الغلوبيولينات البردية. يستطيع الطبيب تحديد ما يلي عبر فحوصات الدم:
- وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم من عدمه.
- أنواع الغلوبيولينات البردية الموجودة في الدم.
توجد أربعة أنواع رئيسية لوجود الغلوبيولينات البردية في الدم:
- النوع الأول: ويقصد به وجود الغلوبيولينات البرديّة البسيط في الدم؛ وهو نتيجة وجود بروتين واحد في الدم.
- النوعان الثاني والثالث: ويقصد بهما وجود الغلوبيولينات البردية المختلط في الدم؛ ويعني ذلك احتواءه على بروتينات أخرى مثل العامل الروماتويدي (rheumatoid factor)؛ والعامل الروماتويدي هو بروتين يُنتج بواسطة جهاز المناعة لكنه يهاجم الأنسجة السليمة في الجسم. ويرتبط العامل الروماتويدي غالبًا بالأمراض ذاتية المناعة والتهاب الكبد C. يشكل النوعان الثاني والثالث من وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم أغلب الحالات.
- وجود الغلوبيولينات البردية الأولي في الدم: لا يرتبط بأي مرض أو سبب مستبطن.
يقود وجود النوعين الثاني والثالث من وجود الغلوبيولينات البردية في الدم مصاحبًا لالتهاب الكبد C بعض الباحثين إلى الاعتقاد أنه لا يوجد ما يُسمى بوجود الغلوبيولينات البردية الأولي في الدم.
- وجود الغلوبيولينات البردية الثانوي في الدم: ويشير إلى وجود علاقة بين المرض ومرض آخر مسبب له.
يساهم تحديد نوع الغلوبيولينات البردية الموجودة في مساعدة الطبيب على اختيار الطريقة المثلى لعلاج المرض. ويساعد أيضًا التعرف على نوع المرض في تحديد الحالة أو المرض المسبب لوجود الغلوبيولينات البردية في الدم.
قد يصف الطبيب الكورتيكوسترويدات أو أدوية كابحة للمناعة لعلاج وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم . يُعالج الطبيب وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم طبقًا للنوع، وشدة الضرر، وأجزاء الجسم المصابة، والمرض المسبب.
قد يناقش الطبيب الخيارات المتاحة مع المريض قبل الشروع بالعلاج. في الحالات الطفيفة التي لا تظهر فيها أعراض، قد لا يحتاج الطبيب إلى العلاج مطلقًا. بدلًا عن ذلك، يوصي المرضى بتجنب الطقس البارد أو ببساطة مراقبة حالتهم وطلب العودة منهم في حال شعروا بأي عرض جديد.
في الحالات المتوسطة والشديدة، يوجد عدد من خيارات العلاج المتاحة. وتشمل التالي:
- الكورتيكوستيرويدات أو أدوية كبح المناعة الأخرى، والتي تساعد في إيقاف جهاز المناعة عن مهاجمة الخلايا السليمة.
- استخراج البلازما Plasmapheresis، إذ ترشح تكتلات الغلوبيولينات البردية وتساعد في منع سد الشرايين وتلف الأعضاء.
- أدوية حيوية (بيولوجية) جديدة، مثل الريتوكسيماب rituximab؛ وهو جسم مضاد صناعي يمنع البروتين من تشكيل تكتلات.
في حال وجود الغلوبيولينات البردية الثانوي في الدم، فالعلاج يشمل المرض المسبب. وحين يعالج السبب تتحسن أعراض وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم أيضًا.
في حال حدد الطبيب أن سبب وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم هو التهاب الكبد C يركز العلاج على إعطاء مضادات فيروسات ويحول المريض على الأغلب لاختصاصي كبد.
أظهر بيغنتيرفيرون ألفا Pegylated interferon alfa مع جمع السوفوسبوفير والريبافيرين نجاحًا في علاج وجود الغلوبيولينات البرديّة في الدّم ومضاعفاته المصاحبة لالتهاب الكبد C.
مآل المرض:
يختلف المآل لمرضى وجود الغلوبيولينات البردية في الدم بناءً على شدة الأعراض، ومدى التلف المحدث، والأسباب التي قادت إليه. لا تحتاج الحالة إلى علاج في الحالات الخفيفة.
في الحالات المتوسطة والشديدة، يساعد العلاج في تقليل عدد مرات معاودة ظهور المرض ويقلل من وطأة الأعراض. في حال ترك المرض دون علاج، تؤدي الحالات الشديدة إلى تلف دائم يطال الأعضاء والأعصاب والأنسجة.
من المهم كذلك التنبه بشأن الآثار الجانبية المحتملة لبعض العلاجات، مثل مضادات الفيروسات، يتعين على المرضى مناقشة ذلك مع الطبيب.
تتطلب الأمراض المسببة لوجود الغلوبيولينات البردية في الدم مثل التهاب الكبد C وسرطانات الدم وغيرها من المسببات علاجًا خاصًا بها ويختلف مآل كل منها حسب الشخص.
اقرأ أيضًا:
حليب الإبل له تأثير على الالتهاب المرتبط بمرض السكري من النوع الثاني
فقر الدم الانحلالي بالمناعة الذاتية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ما هي العدلات ووظيفتها وعلى ماذا يدل ارتفاعها ؟
فرفرية نقص الصفيحات المناعية (Immune Thrombocytopenic Purpura (ITP
ترجمة: لُبيد الأغبري
تدقيق: علي قاسم
مراجعة: تسنيم المنجد