تم العثور على خصائص بلورات الزمكان الغامضة في مكان لن تتوقع أن تبحث فيه، وهو مركب كيميائي موجود في الأسمدة وفي ألعاب الكريستال التي يمكن أن تشتريها للأطفال.
هذا المركب هو الفوسفات أحادي الأمونيوم (MAP)، ويقوم الفيزيائيون من جامعة ييل الذين اكتشفوا هذا المركب بالبحث أكثر الآن، لأن هذا الاكتشاف يثير تساؤلات حول كيفية تشكل بلورات الزمكان في المقام الأول.
تكون الذرات مرتبةً في البلورات العادية ضمن بنية شبكية ثابتة، مثل الشبكة الذرية للماس أو بلورة الكوارتز. هذه الشبكات المتكررة يمكن أن تختلف في التكوين، لكنها لا تتحرك كثيرًا، فهي تكرر مكانيًا فقط وليس زمانيًا.
لكن بلورات الزمكان مختلفة.
ظهرت النظرية لأول مرة في عام 2012، ثم اكتُشفت البلورات في عام 2016، إذ تمتلك بعض الخصائص الغريبة جدًا.
تبدو كبلورات عادية بالعين المجردة. لكن في الواقع ذراتها تتذبذب، تدور في البداية باتجاه واحد، ثم تنعكس عندما تتعرض لنبضة كهرومغناطيسية تقلب اتجاه دورانها.
وحتى عندما تكون النبضات غير منتظمة، فإن الذبذبات (التي يسميها الباحثون التوقيت البلوري أو المؤقت الزمني) تكون ثابتةً على تردد معين منتظم للغاية.
ولأن هذه البلورات كانت شيئًا جديدًا، لم يتم ملاحظة وجود بلورات زمكانية منفصلة (DTCs) في كثير من الأحيان، بل لوحظت فقط مرةً واحدةً في البلورات الصلبة عندما صنع علماء الفيزياء في جامعة هارفارد بلورةً زمكانيةً من ماس نتروجيني.
أظهرت التجربة الأولى في جامعة ميريلاند في عام 2016 سلوك البلورات الزمكانية على شكل خط من ذرات الإتيربيوم.
إن البلورة الجديدة التي صنعت في جامعة ييل، ورغم أنها مستوحاة من هذه التجارب، فهي تختلف عن البلورتين في الاكتشافين السابقين.
وقال الفيزيائي سين باريت وهو كاتب صحفي مهم: «قررنا محاولة البحث عن آثار البلورات الزمكانية المنفصلة بأنفسنا، طور أحد طلابي بلورات فوسفات أحادي الأمونيوم لتجربة مختلفة تمامًا، وبذلك حصلنا على واحدة في مختبرنا».
بلورات الفوسفات أحادي الأمونيوم سهلة التشكيل بشكل كبير، وطرق التشكيل والأدوات متاحة بسهولة على شبكة الإنترنت. وهي ليست نادرةً بل موجودةً في كل مكان.
كان يُعتقد سابقًا أن صفات بلورات الزمكان لا يمكن أن توجد إلا في بيئة أكثر اضطرابًا.
ومع ذلك، بعد إخضاع بلورات الفوسفات أحادية الأمونيوم إلى رنين مغناطيسي نووي، عثر الفريق على صفات واضحة لبلورة الزمكان داخل بلورة عادية ذات تموضع ذرات منتظم.
وقال باريت: «يشير العمل الحالي إلى أنه يمكننا نظريًا العثور على مميزات البلورات الزمكانية المنفصلة من خلال البحث في ألعاب الكريستال المتحركة الخاصة بالأطفال».
بلورات الزمكان لديها إمكانيات استخدام كبيرة في التطبيقات العملية. يمكن استخدامها لتطوير تقنية الساعة الذرية الحالية (وهي ساعات معقدة تحافظ على الوقت بالشكل الأكثر دقة الذي يمكننا تحقيقه).
يمكنهم أيضًا تحسين تقنية الجيروسكوبات (أداة تحديد الاتجاه التي تستخدم في الملاحة)، وتقنيات الأنظمة التي تعتمد على الساعات الذرية مثل نظام تحديد المواقع العالمي GPS، ويمكن أن تساعد في تجارب التشابك الكمومي. حتى وكالة الدفاع الأمريكية لمشاريع البحث المتقدمة تشارك بالتمويل للبحث عن بلورات الزمكان، بالرغم من أنها لا تفصح عن سبب ذلك.
إن احتمالية نشأتها في بلورة تبدو طبيعيةً ومنتشرةً بكثرة أمر مثير.
لكن العمل يقدم أيضًا لغزًا آخر. إذا كان يمكن أن تنشأ بلورات زمكانية في إطار ترتيبات مكانية في بلورات عادية، فيتوجب على الفيزيائيين معرفة كيفية حدوث ذلك ولماذا لا يُظهِر عدد أكبر من البلورات العادية مميزات البلورات الزمكانية.
وقال باريت: «من السابق لأوانه معرفة نتيجة النظرية الحالية للبلورات الزمكانية المنفصلة، لكن العلماء سيعملون على هذا الأمر لعدة سنوات قادمة على الأقل».
- ترجمة: حبيب بدران
- تدقيق: أحلام مرشد
- تحرير: زيد أبو الرب