إذا كنتِ تتابعين مراحل تطور حملك، فإن أكثر ما ترغبين بمعرفته هو مراحل نمو صغيرك وتطور جسمه كل أسبوع، مثل معرفة أنه شكَّل آذانًا صغيرة لطيفة أو أنه بدأ بإغماض عينيه. يساعدك هذا على التواصل مع الصغير المرتقب الذي تنتظرين الترحيب بقدومه إلى هذا العالم على أحر من الجمر. ستلاحظين غالبًا مع تقدم الحمل وجود عادات متكررة لصغيرك، فقد يبدو لك أنه ينشط كثيرًا في المساء عند استلقائك على الأريكة أو أنك تستيقظين كل صباح على ركلاته الصغيرة وارتعاشاته، وهنا قد يدور في خاطرك هذا السؤال، هل ينام الجنين حينًا ويستيقظ حينًا أخرى؟ وهل يعي ما يحدث أثناء وجوده في الرحم؟
لذا نقدم لك هذا البحث عزيزتي القارئة للإجابة عن تساؤلاتك.
هل تنام الأجنة حقًا في الرحم؟
في الواقع أجل، يُمضي الجنين 95% من الوقت بين الأسبوعين 38-40 نائمًا في الرحم. توصل الباحثون إلى هذه النتيجة بمراقبة حركة عيني الجنين السريعة، لكن هذه الحركة لا تُلاحظ إلا بعد الشهر السابع من الحمل لذلك لا يُعرف سوى القليل عن نوم الجنين في أسابيعه الأولى.
توضح الدراسات عن النوم مروره بأربع مراحل: الأولى والثانية للنوم الخفيف، والثالثة والرابعة للنوم العميق، وتُضاف إلى ما سبق مرحلة حركة العينين السريعة أثناء النوم التي تبدأ بعد 90 دقيقة من دورة النوم تقريبًا.
تتميز هذه المرحلة بتسارع التنفس وارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب وحركة العينين السريعة، وتبدو موجات الدماغ الكهربائية فيها مشابهةً لما هي عليه عند الاستيقاظ، وهي المرحلة التي نحلم فيها والتي تحلم فيها الأجنة أيضًا.
ما هي مواضيع أحلام الأجنة؟ هذا ما لا يمكننا معرفته، لكن يعتقد البعض أنها متعلقةً بالطعام مستندين في اعتقادهم إلى شهية الحامل الكبيرة للطعام.
إلام توصل البحث؟
استُخدِمت العديد من الطرق لدراسة سلوك الجنين أثناء النوم، ففي دراسة أُجريت عام 2010 رصد الباحثون معدل ضربات القلب، ووضحت النتائج وجود أنماط منتظمة له في الاستيقاظ والنوم.
وفي دراسة أخرى عام 2008 استخدم الباحثون تخطيط كهربائية قلب الجنين لمقارنة النتائج بين الأجنة في الأرحام وحديثي الولادة، وتمكنوا من رصد أربع حالات هي النوم الهادئ والنوم النشط والاستيقاظ الهادئ والاستيقاظ النشط استنادًا إلى حركة العينين ومعدل ضربات القلب وطبيعة الحركة، ووجدوا تشابهًا في نماذج النوم بينهما.
لكن الجدير بالذكر هو أن حديثي الولادة الذين أمضوا وقتًا أطول في النوم في أرحامهم أظهروا عادات نوم أكثر نضجًا؛ أي أنهم ناموا لفترات أقل من التي استغرقوها في النوم قبل الولادة. بمعنى آخر، لا تتوقعي أن يكون صغيرك نوّامًا فقط لكونه لا يوقظك طوال الليل خلال فترة حملك، مع ذلك سيبقى الوليد ميالًا للنوم معظم الأوقات مع الاستيقاظ كل فترة لتناول الطعام.
وجه الباحثون انتباههم عام 2009 إلى دراسة أجنة الخراف لفهم عادات النوم الباكرة في حياة الجنين؛ لصعوبة دراستها على الأجنة البشرية، ووجدوا عند فحص نشاط الدماغ أنماطًا من دورات النوم غير الناضجة.
لا يتمحور النوم فقط حول الراحة والأحلام، ففي دراسة موثوقة أُجريت عام 2018 على الخدج وجد الباحثون أن الحركات التي يقومون بها خلال مرحلة الحركة السريعة للعينين أثناء النوم تساعدهم في التعرف على محيطهم وتحفيز تطور الدماغ.
تدور معظم الأبحاث حول تأثيرات قلة النوم، وخلاصة ما وجدته هذه الأبحاث هو أهمية النوم لتطور الدماغ وصحة الجسم عمومًا.
فهم التطور الجنيني:
يبدأ تشكل دماغ الجنين باكرًا في الأسبوع الأول من الحمل، ويزداد حجمه (بالإضافة لحجم أعضاء هامة أخرى) دون أن يتمايز جيدًا، لكن مع مرور الوقت يزداد حجمه وتمايزه أكثر فأكثر.
تبدأ البراعم الذوقية تطورها في الثلث الأول من الحمل لتتحسس النكهات والروائح المحمولة في السائل الأمنيوسي الناتجة عن غذاء الأم.
تبدأ حركات الجنين في الأسبوع العشرين تقريبًا قبل أن تتمكن الحامل من الشعور بها بفترة طويلة، فهو يتحرك 50 مرة بالساعة تقريبًا، ولا تشير هذه الحركات إلى استيقاظه بالضرورة لأنها تحدث أثناء نومه أيضًا.
تتشكل بنية الأذن الوسطى في الثلث الثاني من الحمل في الأسبوعين 25-26، إذ يبدي الجنين حركات توحي بتعرفه على صوت أمه.
ختامًا، يُنجز الصغير الكثير في الأوقات التي يقضيها نومًا في الرحم، فهو يطور أحاسيسه وإدراكه لمحيطه حتى في أوقات غفوته مُحضِّرًا نفسه لبداية حياته المرتقبة.
اقرأ أيضًا:
التطور الجنيني – مراحل تطور الجنين خلال الحمل
ترجمة: رضوان مرعي
تدقيق: غزل الكردي