على الرغم من الضجّة الإعلاميّة المرافقة لهذا الاكتشاف، فإنّ إعطاءَ المرضى المصابين بالخرف دم المتبرّعين الشباب لا يُعتبر بمثابة الضربة القاضية لمرض ألزهايمر، ليس بعدُ على أيّة حال.
خلُصتِ التجربة السريريّة الصغيرة والمثيرة للجدل – التي أُشيد بها كثيرًا – والتي بدأت في عام 2014 إلى أنّ الدمَ المأخوذَ من الشباب لا يُحدِث أيَّ تغييراتٍ في الحالة المعرفيّة للمرضى المصابين بالخرف.
وقد أظهرت سلسلةٌ من التجارب التي أُجريت على الفئران بعضَ الأمل في استخدام دم الشباب كعلاجٍ للخرف وغيره من الأمراض المرتبطة بالعمر.
بدأ كلُّ شيءٍ باستخدام تقنيّةٍ تُدعى «بارابيوسيس-parabiosis» – وهو اتّحاد اثنين من الأعضاء عن طريق الجراحة بطريقةٍ تسمح بمشاركة جهاز الدوران بينهما – ووُصفت لأوّل مرّةٍ في عام 1864.
حيث تمّت خياطة الجلد المأخوذ من اثنين من الفئران الحيّة، بطريقةٍ تسمح لهما بمشاركة جهاز الدوران بينهما.
وعندما أجرى «كليف ماكاي Clive McCay» هذه التجربةَ في جامعة كورنيل باستخدام الفئران الأكبر والأصغر سنًّا، وجد أنّ غضروفَ الفأر الأكبر سنًّا قد أصبح أكثرَ شبابًا ممّا ينبغي عليه أن يكون.
وفي الآونة الأخيرة، اكتشف الباحثون أنّ إعطاءَ الفئران المُسنّة دمًا جديدًا ينطوي على عدّة آثارٍ مفيدةٍ.
فعلى سبيل المثال، أدّت هذه العمليّةُ إلى تجديد الخلايا الجذعيّة لنُقيّ العظم.
وقد اكتُشِف أنّ البروتينَ المتوفّرَ بكثرةٍ في دم الفئران الشابّة والذي يُدعى بعامل النمو التمايُزيّ 11 (GDF11) قادرٌ على استعادة العضلات الهيكليّة وعكس عمليّة تدهور القلب، والأهمّ من ذلك، استعادة الوظيفة المعرفيّة.
وكانت نتيجة إحدى الدراسات التي أُجريت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام أنّ دمَ الحبل السريّ البشريّ يمكنه استعادة الوظيفة المعرفيّة عند الفئران المُسنّة.
وبالعودة إلى التجربة السريريّة التي أُجريت على الإنسان عام 2014، اختبر طبيب الأعصاب بجامعة ستانفورد «توني ويس-كوراي Tony Wyss-Coray» وفريقه باختبار 18 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 54 و 86 عامًا أصيبوا بمرض ألزهايمر بشكلٍ معتدلٍ.
وقد خضع كلٌّ من هؤلاء الأشخاص لعمليّة نقل دم بشكلٍ أسبوعيٍّ ولمدّة أربعة أسابيع.
وكان نقل الدم إمّا وهميًّا أو باستعمال البلازما – وهو الدم الخالي من الكريّات الحمراء – المستخرجة من المتبرّعين الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 30.
بدايةً، بدا العلاجُ آمنًا. وقد أظهر واحدٌ فقط من المرضى ردّ فعلٍ سلبيٍّ محتملٍ على هيئة طفحٍ جلديٍّ، وبعد ذلك انسحب المرضى من الدراسة.
ومع ذلك، وفي حين أنّ المرضى أظهروا ردودَ فعلٍ سلبيّةً ضئيلةً أو معدومةً، لم يُظهرْ أيٌّ منهم تحسُّنًا في الحالة المعرفيّة، ولم يحقّقوا أداءً أفضلَ في الاختبارات التي يُديرها الباحثون.
أظهروا جميعهم تحسُّنًا طفيفًا في جانبٍ واحدٍ فقط وهو إنجاز المهامّ اليوميّة.
وعلى مقياسٍ مؤلّفٍ من 30 نقطةً، فقد أظهروا تحسُّنًا بمعدّل 4.5 نقطة، وذلك في استطلاعٍ استهدف مُقدمي الرعاية حول مقدار المساعدة التي احتاجوها للقيام بمهامّ الطهي والسفر على سبيل المثال.
ولم تُنشرْ نتائج هذه التجربة السريريّة في مجلّةٍ مُقيمة من قبل زملائهم الباحثين بعد، على الرغم من أنّ الباحثين كانوا على وشك عرض نتائجهم في أحد المؤتمرات.
وقد استقطبت هذه الدراسة بعضَ النقد.
وفقًا لعالمة الأعصاب «إيرينا كونبوي Irina Conboy» من جامعة كاليفورنيا، والتي سبق لها القيام بتجارب تقنيّة parabiosis من قبل: «ببساطةٍ، إنّ الأساسَ العلميَّ لهذه التجربة غيرُ موجودٍ».
وتتابع «إيرينا» قائلةً: «لم يتمَّ تكرار الأثر الذي يملكه دم الشباب على الحالة المعرفيّة من قِبل مجموعةٍ مستقلّةٍ، ولم يكنْ هناك اختبارٌ يُستخدَم فيه نموذج الفأر المصاب بمرض ألزهايمر».
قبل أن تُنشرَ نتائج هذه الدراسة، أصبح مجال الأبحاث ذا إشكاليّةٍ. ففي وقتٍ سابقٍ من هذه السنة، قدّمت إحدى الشركات الناشئة أماكنَ لما يُسمّى بـ «التجربة السريريّة» – والتي انتُقِدت بشدّةٍ – والتي يُجرى فيها الدمج مع الدماء الشابّة.
وإنّ شركةَ «ألكهست Alkahest» والتي شارك في تأسيسها ويس-كوراي والمموّلة لهذه التجربة ستستخدم هذه الدراسةَ كنقطة انطلاقٍ للقيام بمزيدٍ من الأبحاث.
وستستخدم الدراسة المقبلة البلازما التي تحتوي على عوامل النمو دون أن تحويَ على عوامل التخثُّر أو أيّ مكوّناتٍ أخرى.
وقد أدلى «ويس-كوراي Wyss-Coray» بتصريحٍ لمجلّة «أخبار الطبيعة Nature news» قائلًا: «تُعتبَر هذه التجربة صغيرةً جدًّا، ويجب ألّا نُبالغَ في تفسير نتائجها».
- ترجمة: زينب النيّال.
- تدقيق: اسماعيل اليازجي.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر الأول
- المصدر الثاني