إن تقدم الوقت الدائم قد يكون مصدرًا للقلق، فمن منا لم يتمنّ أحيانًا القدرة على إيقاف الزمن في لحظة سعيدة أو حتى منع فراق الأحبة.
من وقت إلى آخر يعرض كتاب خيال علمي أو فيلم أو برنامج تلفزيوني شخصية تستطيع القيام بما نحلم به جميعنا: إيقاف الزمن. لكن هل هذا ممكن؟ إجابة السؤال تتطلب الغوص إلى أبعد حدود الفيزياء، والفلسفة والإدراك البشري.
أولًا، يجب تحديد الزمن.
قال شون كارول عالم في الفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، في مقابلة مع لايف ساينس: «الزمن بالنسبة إلى عالِم فيزياء ليس بهذا الغموض، إنه مجرد إشارة إلى أجزاء مختلفة من الكون، أو إلى حدوث شيء ما».
وأضاف: «إن العديد من المعادلات الفيزيائية لا تفرق كثيرًا بين الماضي والحاضر والمستقبل».
إذ يظهر الزمن في مكان واحد هو «النظرية النسبية» لآينشتاين.
وفقًا لنظرية آينشتاين، يقاس الوقت عبر الساعات؛ لأن أجزاء الساعة يجب أن تتحرك خلال الفضاء، إذ يتشابك الزمن مع الفضاء مكونًا مفهومًا أكبر يعرف بالزمكان الذي يدعم الكون.
أظهرت النسبية أنّ الزمن قد يصبح متزعزعًا اعتمادًا على سرعة تحرك المراقب نسبةً إلى تحرك آخر.
مثال ذلك، إذا أرسلت شخصًا معه ساعة على سفينة فضائية تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء، سوف يبدو أن الوقت يتقدم أبطأ من الوقت بالنسبة إلى صديق ثابت على الأرض، أو سقوط رائد فضاء إلى ثقب أسود يمكن لجاذبيته الهائلة أن تشوه الزمن، وإظهاره يتباطأ بالنسبة لمراقب بعيد، ولكن هذه ليست طريقة لإيقاف الزمن.
قال كارول: «قد تختلف الساعتان في النسبية، لكنهما ستسجلان مرور الوقت المعتاد داخل الإطار المرجعي الخاص بكل منهما».
إذا كنت تقترب من ثقب أسود لن تشعر بشيء مختلف، يقول كارول: «سوف تنظر على ساعة يدك، وسوف تتحرك ثانيةً كل ثانية».
بالنسبة إليه، التحدث عن إيقاف الزمن منطقي قليلًا، نحن نعرف أنّ سيارة تتحرك لأنّه في لحظات مختلفة من الزمن هي في موقع مختلف في الفضاء.
إذ يشير كارول إلى أن: «التحرك هو التغير بالنسبة للزمن، إذن الزمن بحد ذاته لا يتحرك».
بمعنى أخر، إذا توقف الزمن ستتوقف جميع التحركات أيضًا، في حين أنّ الخيال العلمي أحيانًا يعرض شخصيات رئيسية تستطيع إيقاف الزمن إيقافًا مؤقتًا، مثل هذه المواقف تطرح الكثير من التساؤلات.
تساءل كارول: «هل يمكنك إيقاف الهواء عن الحركة؟ لأنّه إذا كنت تفعل هذا فأنت عالق ضمن الهواء».
وأضاف: «إن الشخص الذي يوقف الزمن غالبًا لن يقدر على رؤية شيء؛ لأنّ أشعة الضوء لن تصل إلى عينه».
وحتى الآن لا يوجد سيناريو ثابت يتوقف فيه الزمن.
إن الزمن أكثر من مجرد شيء يُقرأ على مدار ساعة، إنّه إحساس نشعر به في عقولنا وأجسامنا، إضافة إلى الإيقاع الطبيعي للعالم، ولكن في تلك الحالات، يمكن أن يصبح الزمن شيئًا خاضعًا لرغباتنا الشخصية.
قال كريج كالندر، الفيلسوف المتخصص في الوقت في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، في مقابلة مع لايف ساينس: «التفكير بالانطباع الشخصي للزمن يصبح أكثر إثارة للاهتمام».
ووصف الوهم النفسي المعروف باسم التزامن: «إذ يضع الشخص ساعة على حافة رؤيته ومن ثمّ يحدق في شيء آخر للحظة. بالنظر إلى الساعة والتركيز على عقرب الساعة الثاني سيجعله يتوقف. ويؤكد أنّ العقرب الآخر يقف للحظات قليلة.
تحدث الخدعة نتيجة لحركات عين صغيرة تسمى الحركة السكادية، إذ تتحرك مقلتا عينيك بسرعة ذهابًا وإيابًا بصورة دائمة لتستوعب محيطها، ولتمنعك من رؤية الضباب العشوائي، إذ يعدم دماغك ما يراه في اللحظة ذاتها، ويخلق انطباعًا بمجال رؤية متصل.
يصبح السؤال: ما العلاقة بين مفهومنا الشخصي للزمن والزمن الذي يتحدث عنه الفيزيائيون؟
كتب كالندر عدة كُتب تحاول استكشاف الرابط بين الاثنين، وحتى الآن لا يوجد اتفاق في الرأي على إجابة نهائية.
فيما يتعلق بتدفق الوقت، يفضل كالندر ذلك الوصف: «حيث لا يوجد شيء يتدفق، ولكن قصتك هي التي تتدفق».
أما بخصوص إمكانية إيقاف الزمن ، أجاب كالندر: «إذا فكرنا في حسنا بالزمن، فأقصى ما يمكننا فعله هو ما يعرف بوهم الساعة المتوقفة أو الكرونوستاسيس chronostasis».
اقرأ أيضًا:
محاكاة للسفر عبر الزمن تظهر عدم وجود أثر الفراشة كموميًا
ترجمة: يمان عجاج
تدقيق: تسبيح علي