في تجربة كَمّية، لاحظ العلماء أن الفوتونات تقضي قدرًا من «الزمن السالب» في سحابة من ذرات الروبيديوم، من المحتمل أن يكون ذلك ناتجًا من حقيقة أن الفوتونات تتحرك أسرع عندما تتعرض للتحفيز مقارنةً ببقائها في حالتها الأساسية.
في الواقع، لا تغير هذه النتائج جذريًا تصوراتنا عن الوقت، لكنها دليل جديد على أن هناك الكثير والكثير لنتعلمه ونعرفه عن عالم الكم.
إذا طلبنا من علماء الفيزياء الكمية وصف العالم دون الذري بكلمة واحدة، فإن أكثر ما تسمعه هو كلمة «غريب».
مع أن ميكانيكا الكم تدعم وجودنا ذاته وتحكمه، فإن القواعد التي تحكم هذا العالم بالغ الصغر، تتعارض إلى حد ما مع تجربتنا التقليدية للفيزياء في عالمنا المادي بالمقياس العادي الملموس.
مثلًا، فإن الفوتون يتصرف بوصفه جسيمًا وموجة في الوقت ذاته، ويمكن لجسيمين أن يتشابكا كميًا وينشأ بينهما ما يُسمى «التأثير الشبحي»، وتتمتع الجسيمات بخصائص مشابهة للانتقال اللحظي بفضل الأنفاق الكمية «التفسير الوحيد لكون الشمس تمدنا بالضوء والحرارة على الأرض» .
باختصار، فإن العالم من حولنا غريب بالفعل. حاليًا، يعزز علماء جامعة تورنتو معرفتنا بهذه الغرائب بإضافة أشياء أخرى محيرة إلى قائمتنا الطويلة، منها «الزمن السالب».
في حين أن الكائن الفضولي داخل كل منا يحلم بآلة تمكننا من السفر عبر الزمن، فإن هذه النسخة من «الزمن السالب الكمي» أعقد قليلًا.
في ورقة بحثية جديدة، يشرح العلماء تجربتهم الكمومية التي تضمنت إطلاق الفوتونات في سحابة من ذرات الروبيديوم شديدة البرودة، تمر الذرات بما يُسمى «التأخير الزمني»، أو «تأخير المجموعة».
تُظهر التجربة مفاجأتين:
أولًا: مع أن الفوتونات قد مرت خلال السحابة دون حدوث أي تداخل، ظلت الذرات تتعرض للإثارة.
ثانيًا: كانت الفوتونات تنفصل عن الذرات بسرعة أكبر من المتوقع «حتى إنها كانت تنفصل قبل أن تعود ذرات الروبيديوم إلى حالتها الأساسية»، وبذلك ظهر تأثير خروج الفوتونات من السحابة حتى قبل دخولها إليها.
كتب الباحثون: «تمثل التجربة منعطفًا مهمًا، فهي أول قياس للوقت الذي تقضيه الذرات في الحالة المثارة بسبب الفوتونات التي لا تمتصها في النهاية، تتطلب هذه النتائج الغربية معالجة نظرية كمية بالكامل، فضلًا عن المزيد من التجارب التي تغير «العمق الضوئي» و«عرض النطاق» و«شكل النبضة» لتوضيح أكبر للسجل التاريخي الغريب للفوتونات المنقولة كميًا».
في ورقة بحثية أخرى، يشرح المؤلفون ما افترضوا أنه يفسر هذه النتائج الزمنية الغريبة.
الفوتونات أجسام كَمّية ضبابية، ما يعني أن امتصاص الفوتونات وإعادتها إلى وضعها الطبيعي داخل سحابة الروبيديوم يتخذ صورة احتمالات مبعثرة على حد وصف النطاق الاحتمالي الكمي، ما يعني أن الفوتونات قد تخرج من السحابة قبل أن تتوقف إثارة الذرات، ومن هنا يأتي الزمن السالب.
يقول جوزايا سينكلير، المؤلف المشارك في الدراسة الجديدة: «قد يبدو الزمن السالب تناقضًا، لكن ما يعنيه هو أنه إذا أنشأت ساعة كميّة لاحتساب الوقت الذي تقضيه الذرات في الحالة المثارة، فإن عقرب الساعة، في ظل ظروف معينة، سيتحرك للخلف بدلًا من الأمام».
ولأن هذه الفوتونات لا تحمل معلومات، فإن هذه النتيجة لا تتعارض مع القيود المفروضة على سرعة الضوء، التي فرضتها نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين.
لا تتطلب هذه النتائج إعادة تصور جذرية لما يُعد «الزمن»، لكنها تعزز فكرة أن العالم الكمومي غريب حقًا، وتضاف إلى قائمة الغرابة في عالم الكم.
اقرأ أيضًا:
دراسة جديدة تعتقد أن الزمن وهم تسببت به فيزياء الكم!
ترجمة: هشام جبور
تدقيق: جلال المصري