هل يمكن أن تحدث كارثة تشيرنوبل مجددًا؟ إليك المفاعلات النووية التي تثير قلق العلماء. تعلَّم العالم دروسًا عديدة من كارثة تشيرنوبل؛ مفاعل طاقة نووي عاد إلى الظهور بين مجاميع الناس بعد المسلسل الذي عرضته شبكة إتش بي أو (HBO) الأمريكية، والذي يوثق الكارثة. ما زال الغموض يكتنف عوامل عديدة للكارثة، لكننا نعلم بشكل محتوم عدة أشياء؛ انفتحت نواة مفاعل نووي قرب بيربيت -مدينة اعتُبرَت سابقًا جزءًا من الاتحاد السوفيتي- مرسلةً أعمدةً من المواد الإشعاعية نحو الجو.
لقي ثلاثون شخصًا مصرعهم بعد ثلاثة أشهر من الحادثة نتيجةً للأمراض الخطيرة التي يسببها النشاط الإشعاعي. يقدرالعلماء، حاليًا، تأثر عشرات أو مئات الآلاف من البشر بشكل بالغ جراء هذه الكارثة.
عُدل المفاعل الذي حدثت فيه الكارثة -وهو مفاعل من طراز “RBMK” أو المفاعل ذو القناة عالية الطاقة- في جميع الأماكن في روسيا لإصلاح العيوب التصميمية القاتلة، كقضبان التحكم المغلفة بالجرافيت واليورانيوم ذو التخصيب المنخفض. صُممَت المميزات الأساسية للمفاعل لغرض خفض التكاليف.
هَدَف التعديل، وفق المسلسل الذي عُرض على (HBO)، لمنع حدوث كارثة تشيرنوبل مجددًا، إلا أنه يسهل قول هذا ويصعب تنفيذه.
حددت (الجمعية النووية العالمية – The World Nuclear Association) عشرة مفاعلات من طراز “RBMK” ما زالت تعمل في روسيا (فُكك مفاعل منها منذ فترة وجيزة في سان بطرسبرغ في روسيا). تُعد روسيا الدولة الوحيدة في العالم التي ما زالت تعمل فيها هذه المفاعلات، والتي صُممت وبُنيت في عهد الاتحاد السوفيتي.
تقع أربع مفاعلات “RBMK” في مدينة كرسك وهي مدينة في غرب روسيا، وثلاثة مفاعلات في سان بطرسبرغ المدينة التي يقطنها خمسة ملايين إنسان، وثلاثة أيضًا في سمولنسك وهي مدينة تبعد مسافة خمس ساعات عن موسكو. أحد المفاعلات في سمولنسك موجود ليعمل حتى عام 2050، تنتهي صلاحية بقية المفاعلات بين عامي 2021 و2031.
على الرغم من أن المفاعلات شهدت تغييرات في قضبان التحكم واليورانيوم المشغل لها، فما يزال تصميمها يثير القلق بين بعض العلماء النوويين. وقال (إدوين ليمان – Edwin Lyman) المدير بالنيابة لمشروع السلامة النووية في اتحاد العلماء المعنيين: «توجد أوجه في تصميم المفاعلات لا يمكن إصلاحها مهما فعل المسؤولون الروس. لن أقول أن بإمكانهم رفع مستوى أمان المفاعلات لتصل إلى مستوى مفاعلات المياه الخفيفة ذات الطراز الغربي».
يستخدم مفاعل “RBMK”، على عكس مفاعل المياه الخفيفة، كتل الجرافيت لإبطاء النيوترونات التي تساعد في توليد الكهرباء، ما يؤدي إلى ما يُعرف بـِ «معامل الفراغ الإيجابي»، والذي يجعل من المفاعل غير مستقر عند مستوى طاقة منخفض».
كان من المفترض أن تعمل مفاعلات روسيا من طراز “RBMK” لمدة ثلاثين عامًا، إلا أن المسؤولين الحكوميين اختاروا تمديد فترة عملها. في عام 2015 جاءت نصف طاقة روسيا النووية من مفاعلات ذات صلاحية ممددة.
قالت الجمعية النووية العالمية أن بعض المفاعلات القديمة في كرسك وسان بطرسبرغ والتي بُنيَت في سبعينيات القرن الماضي تشكل مصدر قلق للغرب. تُصر روسيا أن تحسيناتها للمفاعلات تتوافق تمامًا مع معايير السلامة العالمية.
تستخدم روسيا الطاقة النووية لتلبية 19% من احتياجاتها الكهربائية وتتطلع لتوسيع برنامجها النووي ليوفر 80% من الطاقة الكهربائية للبلاد بحلول نهاية القرن الحالي. تُشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن تصدير الخدمات والسلع النووية يُعد أحد أهم النشاطات الاقتصادية لروسيا.
اقرأ أيضًا:
الحقيقة والخرافة في مسلسل تشيرنوبل
من الذي سيمنع تشيرنوبل التالي؟
ترجمة: مازن سفّان
تدقيق: آية فحماوي
