يبلغ عدد الجراثيم التي يتمّ تبادلها في القبلة الواحدة حوالي 80 مليون جرثومة، بينما يبلغ تعداد الجراثيم الموجودة في هاتفك المحمول ما بين 10 إلى 200 مليون وسطيًّا.
كيف يمكننا إذًا مكافحة جميع تلك الجراثيم؟ وهل يقتل الصابون 99.9٪ من الجراثيم حقًّا؟ وما هي الآليّة التي ينظّف وفقها الصّابون؟
بدايةً، علينا أن نعرف أنَّ الميكروبات عبارة عن جسيمات مجهريّة أو كائنات حيّة لها القدرة على جعلنا مرضى، وتشمل هذه الجسيمات الفيروسات والبكتيريا.
كما أنّ غالبيّة المواد اللّزجة التي نغسلها عن أيدينا، إن كانت أوساخًا أو جراثيم، فهي تلتصق بها بفضل الزّيوت الموجودة على الجلد، ولذلك فإنّ استعمال مذيباتٍ كالكحول أو الكيروسين سيزيل الزّيوت مع الجراثيم والأوساخ المرتبطة بها.
و مع أنّ الصّوابين المستعملة في المشافي تعتبر قويّة وفعّالة، إلا أنّ المنظّفات التي يدخل الكحول أو الكيروسين في تركيبها تُعدّ سامّة بدرجات متفاوتة، وهذا ما لا يجعلها موادّ مثاليّة في التّنظيف المنزليّ.
تخيّل معي أنّ رائحتك كرائحة الكيروسين يوميًّا..فمن حسن حظّنا إذًا توفّر الصّابون!
وبدلًا من إذابة الزّيوت، تعمل جزيئات الصّابون بطريقة ميكانيكيّة كي تنضمّ الزّيوت والجراثيم التي ترتبط بها إلى جزيئات الماء ممّا يسهّل مهمّة إزالتها.
إنّ الجزيء الواحد من الجزيئات المكوّنة للصّابون يبدو كسلسلة طويلة مؤلّفة من ذرات الكربون والهيدروجين مع نهاية واحدة محبّة للماء، بينما نجد على الطّرف الآخر نهاية كارهة للماء ترتبط بها الزّيوت والشّحوم.
وعند غسل اليدين، تستولي النّهاية الكارهة للماء على الزّيوت وما يرتبط بها من جراثيم، أمّا النّهاية المُحبّة للماء فهي تدفع الزّيت كي ينضمّ للماء ويُغسلَ بعيدًا.
ولكي تنجح النّهايات الكارهة للماء في الإفلات من النّهاية المحبّة له، ستشقّ النّهايات الكارهة طريقها ما بين جزيئات الماء على أيّ سطح كان.
ومع إجبار جزيئات الماء على الانفصال بعيدًا، يعمل الصّابون بشكلٍ فعّال على تقليل التوتّر السّطحيّ للماء، ويمكنك أن تختبر ذلك إذا ملأت كأسًا من المياه حتى نهايته، عندها سيمدّد التوتّر السّطحيّ الماءَ على سطح الزّجاج دون أن ينسكب خارج الكأس إلّا إذا سقطت قطرة من الصّابون على سطح الماء أو لامَسته مثلًا بإصبعك الحاوي على رغوة صابونيّة، حينها سينسكب الماء خارجه.
هل ما يعرض في الإعلانات صحيح فعلًا؟
هل يقتل الصابون حقًا 99.9٪ من الجراثيم؟ قد تبدو مزاعم الشّركات المصنّعة والتي تدّعي قدرة الصّابون على إزالتها بنسبة أقلّ من 100% كمحاولة للهرب من الثغرات القانونيّة ( فإذا لم نعترف مثلًا بقدرة هذا الصّابون على قتل الجراثيم بشكّل تامّ، عندها لن يتمكّن أحد من مقاضاتنا).
غيرَ أنّ هذه النّسبة المنقوصة عن 100% قد جاءت وفقًا لنتائج المختبر التي أثبتت فعاليّة الصّابون في قتل 99.9% من الجراثيم، حيث توضع البكتيريا عادة على سطح نظيف، ويُمسَح هذا السّطح بواسطة الصّابون المصنّع وبعدها يتمّ رصد ما تبقّى عليه من البكتيريا وتسجّل جانبًا.
ومن الواضح أنّ الشّروط السّابقة التي استخدمت في المختبر بعيدة كلّ البعد عن فوضى الحياة اليوميّة، ولاسيّما أنّها تعتمد على آليّة الغسل الكامل والشّامل، فادّعاء الشّركات المصنّعة للصّابون بقدرة هذا الأخير على إزالة 99.9% من الجراثيم يشير فقط إلى الأنواع الشّائعة منها أو بعض الجراثيم الفرعيّة الأخرى.
و في دراسة أجريت حول موضوع غسل اليدين لدى طلاب الصّفّ الثامن في كلّ من هاملتون وأونتاريو، لاحظ الباحثون أنّ غسل اليدين النّموذجيّ يزيل 40-60% من هذه الجراثيم، وينبغي التّأكيد على أنّ غسل اليدين لا يقتل الجراثيم بل يزيلها بعيدًا.
لننظر إذًا إلى السّيناريو الأفضل وفيه يقتل الصّابون 99.9% من الجراثيم في كلّ مرة تغسل يديك به.
قد تبدو النّسبة المتبقيّة لك ضئيلة إلا أنّ 0.1% لاتزال تشكّل الكثير.
وسننتقل الآن إلى سيناريو جديد، سننظر فيه إلى هواتفنا المحمولة المتّسخة لنقدّر عدد الجراثيم الموجود فيها، معتمدين في ذلك على عدد المرّات التي نظّفنا بها هاتفنا، أو المكان الذي نضعه به حينما لا نقوم باستعماله، إضافة لعدد المرّات التي نغسل فيها يدينا وما نمضيه من وقت بين الأطفال أو المرضى.
ووفقًا لإجابة مبنيّة على تجربة مسبقة، فقد قدّرَ حوالي 2.516.640 جرثومًا في الهاتف المحمول، أي ما يعادل 503 مقاعد خاصّة بالمراحيض.
وحتى لو قمت بغسل يديك أو هاتفك مستعملًا الصّابون الذي يقضي على الجراثيم بنسبة 99.9%، سيبقى هنالك ما يقارب 2500 جرثوم على قيد الحياة، وهو عدد يفوق تعداد الجراثيم التي يمكن أن تتواجد في طبق الماء الخاصّ بالكلاب، وهذه الأعداد ستدفعنا دومًا كي ننهض ونبدأ عمليّات التّنظيف والتّطهير من جديد.
- ترجمة: إلهام حج علي
- تدقيق: ميس كرّوم
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر