نعلم جميعًا التأثيرات الصحية الجسدية المضرة للتدخين. تشير دراسة جديدة إلى وجود تأثيرات على الصحة العقلية والعاطفية أيضًا، إذ عُثر على صلة بين تدخين السجائر و الاكتئاب. أشار مؤلف الدراسة هاجاي ليفين Prof. Hagai Levine من الجامعة العبرية في القُدس، وفريقه إلى بعض الأبحاث التي ذكرت أن التدخين من العوامل المؤهبة لحدوث الاكتئاب، إذ يزداد خطر إصابة المدخنين بالاكتئاب بمقدار الضعف مقارنةً بغير المدخنين، ولم يتضح سبب ذلك تمامًا. يعتقد بعض الباحثين أن التدخين يؤدي إلى الاكتئاب، وليس العكس.
وجدت دراسات أخرى أن الأشخاص الذين لم يدخنوا على الإطلاق، تكون نوعية حياتهم الصحية جيدة، وخطر تعرضهم للقلق والاكتئاب أقل مقارنةً بالمدخنين. قرر ليفين وفريقه دراسة الارتباط بين نوعية الحياة الصحية وبين التدخين لدى الطلاب الصربيين، إذ إن نحو 25% من مواطني صربيا وغيرها من بلدان أوروبا الشرقية من المدخنين، ونحو ثلث الطلاب في صربيا من المدخنين أيضًا.
تضمنت الدراسة الجديدة معلومات أُخذت من جامعتين مختلفتين، هما جامعة بلغراد (90 ألف طالب) وجامعة بريشتينا (8000 طالب)، سجل الباحثون منهم 2138 طالبًا. خضع الطلاب لفحوصات طبية منتظمة بين شهري أبريل ويونيو سنة 2009 في جامعة بلغراد، وبين أبريل ويونيو 2015 في جامعة بريشتينا.
قدم المشاركون معلومات مختلفة حول خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية، مثل العمر والوضع الاجتماعي ومكان الولادة وتعليم الوالدين، إضافةً إلى المعلومات المتعلقة بحالتهم الصحية، ومعلومات عن عاداتهم ونمط حياتهم مثل التدخين وشرب الكحول وممارسة الرياضة وعادات الأكل. ومن بين هؤلاء، اختار الباحثون من يدخنون سيجارة واحدة يوميًا على الأقل أو دخنوا 100 سيجارة في حياتهم.
لتقييم نوعية الحياة الصحية للطلاب، طلب منهم الباحثون ملء استبيان يضم 36 سؤالًا حول 8 مجالات صحية، وكانت المحاور الرئيسية كما يلي:
- الوظائف الجسدية.
- كفاءة الأداء البدني.
- الألم الجسدي.
- الصحة العامة.
- الحيوية.
- الحياة الاجتماعية.
- كفاءة الوظائف العاطفية.
- الصحة العقلية.
بناءً على إجابة كل سؤال يحصل المشارك على درجات معينة، وتتراوح الدرجة النهائية بين 0 و100، وتعكس النتائج الحالة الصحية والبدنية للمشاركين.
إضافةً إلى ذلك، استخدم الفريق مقياس بيك للاكتئاب Beck Depression Inventory لتقييم أعراض الاكتئاب عند الطلاب. يتكون المقياس من 21 بندًا، لكل منه درجة من 0 إلى 3، ونتائجه النهائية كما يلي:
- 0-13: لا يوجد اكتئاب أو حالة طبيعية.
- 4-19: اكتئاب خفيف.
- 20-28: اكتئاب معتدل.
- 29-63: اكتئاب حاد أو شديد.
خلصت الدراسة إلى أن التبغ يؤثر سلبًا على الصحة العقلية للإنسان، إذ وجدت أن ارتفاع نتيجة مقياس بيك كان مرتبطًا بالتدخين، إضافةً إلى ذلك كان الطلاب المدخنون أكثر عرضةً بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف لحدوث الاكتئاب السريري مقارنةً بغير المدخنين.
في جامعة بريشتينا، عاني 14% من المدخنين الاكتئاب، في حين عاني 4 % فقط الاكتئاب من غير المدخنين، أما في جامعة بلغراد، بلغت نسبة من يعانون الاكتئاب 19% بين المدخنين و11 % بين غير المدخنين.
يعاني المدخنون أعراض الاكتئاب وسوء الصحة العقلية باستمرار، وينعكس ذلك على الحيوية والوظائف الاجتماعية. تسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة إلى المزيد من الأبحاث، لدراسة العلاقة بين التدخين والصحة العقلية ونوعية الحياة، إضافةً إلى طرق الوقاية والتشخيص والعلاج.
حذّر ليفين من خطورة التدخين وتأثيره على الصحة العقلية، حتى إن لم يُسبب الاكتئاب، وحث السياسيين على السعي نحو الحد من هذا الخطر الكبير، وطالب بضرورة منع التدخين في الحرم الجامعي حفاظًا على صحة الطلاب.
اقرأ أيضًا:
لماذا الاكتئاب معركة طويلة الأمد؟
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: محمد نجيب العباسي
مراجعة: أكرم محيي الدين
