تقترح دراسة جديدة مفاجئة أنّ الرجال الذين يدخنون الماريجوانا قد تكون كمية الحيوانات المنوية لديهم أعلى من أولئك الذين لم يدخنوا المخدر من قبل. وقال الباحثون إن الاكتشافات ليست مقتصرة على الأبحاث السابقة والتي اقترحت أنّ الماريجوانا لها تأثير ضار على وظيفة الخصية عند الرجال.
على الرغم من ذلك، لا تعني الدراسة المنشورة في جريدة Human reproduction في عددها السادس أنّه يجب على الرجال البدء في تدخين الماريجوانا لكي يُحسّنوا من كمية الحيوانات المنوية لديهم. الاكتشافات بعيدة عن الحتمية، والمزيد من الأبحاث مطلوب لمعرفة ما إذا كان تدخين الماريجوانا قد يؤثّر بشكل إيجابي على إنتاج الحيوانات المنوية عند مستويات معينة.
لكن الدراسة تسلّط الضوء على قلة معرفة الباحثين بمدى تأثير الماريجوانا على الصحة الإنجابية. وقد صرّح مؤلّف الدراسة المشهور الدكتور جورج كافارّو، وهو بروفيسور مساعد في التغدية وعلم الأوبئة بمدرسة هارفارد تشان للصحة العامة في بوسطن، قائلًا: «إننا نعلم أقلّ بكثير مما نعتقد أننا نعلمُه».
الماريجوانا والحيوان المنوي.
اقترحت دراسات سابقة أنّ تدخين الماريجوانا قد يقلّل عدد الحيوانات المنوية عند الرجل، وخاصة عند المدخنين الثقيلين. فمثلاً في عام 2015، وجد باحثون من الدنمارك أنّ لدى الرجال الذين يدخنون الماريجوانا أكثر من مرّة أسبوعيًا عدد حيوانات منوية أقلّ بحوالي 30% من أولئك الذين لم يدخّنوها، أو الذين يدخنونها بمعدّل أقل. على الرغم من ذلك، فإنّ تأثير استخدام الماريجوانا المعتدل على كمّية الحيوانات المنوية غير واضحٍ بعد.
في هذه الدراسة الجديدة، حلّل الباحثون معلوماتٍ من 662 رجلًا قُيّموا مع أزواجهم من ناحية العقم من سنة 2000 إلى سنة 2017 في مركز الخصوبة في المستشفى العام في ماساشوسيتس. أجاب الرجال عن أسئلة استبيان عن تدخينهم للماريجوانا أو استخدامهم عقاقير أخرى، وقدّموا أيضًا عينات من الحيوانات المنوية وعينات من دم.
بشكلٍ عام، أقرّ أكثر من نصف الرجال (55%) بتدخينهم الماريجوانا في فترة من فترات حياتهم، و11% قالوا إنهم حاليًا يدخنونها. وجدت الأبحاث أنّ تركيز الحيوانات المنوية لدى الرجال الذين دخّنوا المَاريجوانا سابقا كان عاليًا بمعدّل 63 مليون حيوان منوي لكل مل ليتر من السائل المنوي. مقارنة مع الذين لم يدخنوا الماريجوانا من قبل والذين كان عدد الحيوانات المنوية لديهم 45 مليونًا لكل مل ليتر من السائل المنوي.
قُدّمت النتائج بعدما أخذ الباحثون بعين الاعتبار العوامل الخارجية التي قد تؤثّر على تركيز الحيوانات المنوية مثل العمر وتدخين السجائر واستهلاك الكحول. والأكثر غرابة، أنّ 5% فقط من مدخّني الماريجوانا كانت لديهم حيوانات منوية أقلّ من الطبيعي (أقلّ من 15 مليون حيوان منوي لكل مل ليتر من السائل المنوي). كما أنّ 12% من الرجال الذين لم يدخّنوا المَاريجوانا من قبل كان لديهم عدد حيوانات منوية أقلّ من الطبيعي.
من بين الرجال الذين دخّنوا المَاريجوانا سابقًا، كانت لدى أولئك الذين كانوا يدخنونها بمعدّل أكبر نسبة تستوستيرون أعلى بالمقارنة مع الذين كانوا يدخنونها بشكل أقل. ما يدعو للدهشة، أنّ كلّ سنةٍ إضافية مرّت منذ آخر مرّة دخن فيها رجل الماريجوانا كانت مرتبطة بزيادة بسيطة في أعداد الحيوانات المنوية. صرّحت قائدة الدراسة فيبي ناسان بمدرسة هارفارد تشان للصحة العامة: «كانت اكتشافاتنا عكس ما توقعناه في بداية الدراسة».
ولكن الدراسة يمكن أن تُفسَّر بأكثر من طريقة. قد يكون للتدخين القليل أو المعتدل من الماريجوانا تأثير مفيد على إنتاج الحيوانات المنوية، ولكن تدخينها الكثير قد يعكس هذا التأثير. أو ربما يكون الرجال أصحاب المستويات الأعلى من التستوستيرون مُعرّضين أكثر للارتباط بعادات خطيرة كاستخدام المخدرات.
وقد فسّر الباحثون العلاقة بين الماريجوانا وعدد الحيوانات المنوية بأنّ لدى الرجال ذوي نسبة التستوستيرون الأعلى ضمن المستويات العادية أعداد حيوانات منوية أكثر ويكونون أكثر عرضةً لتدخين الحشيش، حسب ناسان.
الأمر ليس محسومًا بعد
من المعروف أنّ الاستعمال المعتدل إلى الثقيل من التبغ أو الكحول مرتبط بانخفاض أعداد الحيوانات المنوية، ولكنّ احتمالية امتلاك الماريجوانا لنفس التأثير أمرٌ غير مؤكد، كما قالت الدكتورة سارة فيج، عالمة المسالك البولية في عيادة كليفيلاند غير المشاركة في الدراسة. قالت فيج إنها تحيّي محلّلي الدراسة لبحثهم في هذا الموضوع، إذ إنه يحتاج المزيد من البحث. لكن هذه الدراسة الجديدة لا تعطي جوابًا قاطعًا.
قالت فيج لـ Live Science: «بشكلٍ عام، الأمر ليس محسومًا بعد عن إمكانية تأثير الماريجوانا على خصوبة الرجل». وأشارت أيضًا إلى أنّ كُلًّا من مستهلكي المَاريجوانا وغيرهم في الدراسة كانت لديهم أعداد حيوانات منوية طبيعية. لذلك، فإنّ الدراسة لا تضع أي خُلاصة عن احتمالية ما إذا كان استهلاك الماريجوانا مرتبطًا بخصوبة أفضل.
بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الرجال إلى ثلاثة أشهر لكي يدخلوا في دائرة تكوين الحيوانات المنوية الكاملة لإنتاج حيوان منوي ناضج. هذا يعني أن استهلاك الماريجوانا لسنين سابقة لا يؤثر بالضرورة على حالة الخصوبة الحالية عند الرجل على الإطلاق، حسب فيج.
مع ذلك، وجدت الدراسة أنّ الرجال الذين قالوا إنهم استهلكوا الماريجوانا قبل عام على الأقل كانت لديهم أعداد حيوانات منوية أعلى من أولئك الذين تعاطوها مؤخّرًا. تساءلت فيج عما إذا كان هناك شيئًا ما يتماشى مع تعاطي الَماريجوانا يرتبط بإنتاج أفضل للحيوانات المنوية.
أشار الباحثون كذلك إلى أنّ دراستهم أُجريت على الرجال الذين زاروا عيادة للخصوبة، وبالتالي، فإنّ النتائج قد لا تنطبق بالضرورة على عموم السكان. إضافة إلى ذلك، أفاد الرجال في الدراسة بأنهم يتعاطون الماريجوانا، ومن المحتمل أنّ بعض المشاركين لم يكونوا صادقين بشأن استهلاكهم لها، وذلك بسبب الوصمة الاجتماعية أو الوضع غير القانوني للمخدر في ماساتشوستس حين جمعت البيانات.
اقرأ أيضًا:
- عشر حقائق اكتشفها العلماء عن الآثار الصحية للماريجوانا
- دواء لعلاج الصرع مشتق من الماريجوانا في طريقه للأسواق
- إصابة متعاطي الماريجوانا بمتلازمة غامضة تقلق الباحثين
- نبات القنب (الماريجوانا)، هل هو مضر بالقلب؟
- أيهما أشد خطرًا، الكحول أم الماريجوانا؟
- هل تصبح الماريجوانا علاجًا للزهامير؟
ترجمة: مصطفى نور
تدقيق: محمد وائل القسنطيني