هل يدوم الألماس حقًّا إلى الأبد؟

نظريًّا، يدوم الألماس إلى الأبد، أما كيميائيًّا فهذا غير صحيح. الغرافيت شكل من أشكال الكربون الأكثر استقرارًا، لذا قد يتحول الألماس في النهاية إلى غرافيت ، لكن هذا ليس كل شيء.

كلمة «الألماس» بالإنكليزية (diamond) مشتقة من الكلمة اليونانية (adamas) التي تعني «لا يُقهر». اكتُشِف أول مرة في القرن الرابع قبل الميلاد، ويعود تاريخ تشكل بعض قطع الألماس الأكثر قيمة في العالم إلى ملايين السنين. وقد لجأ البشر إلى الغدر حتى يمتلكوه.

كل هذه الدماء والمجد من أجل صخرة لامعة، ليست فعلًا «لا تُقهر»!

هذا صحيح، لا يدوم الألماس إلى الأبد. بل قد يتحول إلى شيء عادي لكنه رائع، وهو الغرافيت. أجل، الغرافيت الذي تجدونه في قلم الرصاص.

من ناحية أخرى، قد يحترق الألماس بكل بساطة، ويتحول إلى ثاني أكسيد الكربون.

إذن، لماذا قد يتحول الألماس إلى غرافيت أو يحترق؟ وإلى متى يدوم حقًّا؟

سيبقى الألماس في خاتم زواجك على حاله، أما الألماس المُستخدم لقص المعادن فسيتآكل مع الزمن.

الألماس متآصل للكربون

يبقى الكربون كربونًا عندما يكون وحده، وهو عنصر لا فلزي، عدده الذري 6.

لكنه عندما يرتبط بذرات كربون أخرى، يشكل بنى لا تحصى، كل بنية لها خصائص معينة. تسمى هذه البنى المختلفة المتآصلات.

المتآصلات تخص العناصر اللافلزية مثل الكربون والسيليكون والفوسفور، الذي يملك 6 متآصلات.

لدى الكربون عدد كبير من المتآصلات، بسبب تكافؤه. إذ لديه أربعة إلكترونات متاحة للمشاركة مع عناصر أخرى لتشكيل مركبات. يعطيها هذا التكافؤ مرونةً فريدة لتتشكل في بنى مختلفة، عند ارتباطها بذرات كربون أخرى.

يتخذ الألماس بنيةً ثمانية الأوجه، حيث ترتبط كل ذرة كربون بأربع ذرات كربون أخرى في بنية هرم ثلاثي الأوجه.

غرافيت، ألماس، فوليرين، غرافين. لاحظ كيف تبدو الروابط الكربونية مثل هرم ثلاثي الأوجه

تُشكل بعض متآصلات الكربون الأخرى صفائح -غرافيت وغرافين- وكرات -فوليرين- وحتى بعض البنى النانوية الغريبة.

أكثر متآصلات الكربون استقرارًا هو الغرافيت، لا الألماس

مع أن بنية الألماس رباعية الأوجه تجعلها أقسى مادة معروفة، فهي ليست أكثر الأشكال الكربونية استقرارًا، بل الغرافيت.

الألماس بنية كربون شبه مستقرة. في الكيمياء، يعني مصطلح «شبه مستقر» أن البنية مستقرة إلى حد ما تحت ظروف محددة، لكن توجد حالة أكثر استقرارًا.

يمكن تشبيه ذلك بمثال شائع: كرة تتدحرج إلى أسفل واد، المكان الأكثر استقرارًا للكرة هو أسفل الوادي، مثل الوادي العميق في الصورة.

لنتخيل الآن أن الكرة وقعت في بئر أصغر، الوادي الأصغر الذي تقبع فيه الكرة في الصورة.

الكرة مستقرة في البئر الأصغر، لكن البئر عال مقارنةً بأسفل الوادي، فهذه ليست أكثر حالاتها استقرارًا. لكنها ستبقى مكانها إلى أن تُحرك وتخرج من البئر إلى أسفل الوادي.

تمثيل لاستقرار المواد الكيميائية

فالألماس مثل تلك الكرة في البئر، أما الغرافيت فهو الكرة في أسفل الوادي.

باستعمال المصطلحات الكيميائية، يُقال إن الألماس مستقر حركيًّا لأنه عالق في البئر، لكنه غير مستقر ثيرموديناميكيًّا، لوجود الغرافيت الأكثر استقرارًا الذي قد يتحول إليه إذا توفرت الظروف المناسبة.

لماذا لا يتحول الألماس إلى غرافيت؟

لماذا لم يتحول كل الألماس على الكرة الأرضية إلى الغرافيت الأكثر استقرارًا؟ لذلك سببان.

أولًا، الألماس مستقر في حالته الموجودة على الأرض. إضافةً إلى أن الغرافيت على الأرض أكثر استقرارًا من الألماس بقليل من الإلكترون فولت. فالفرق بين استقرار الألماس والغرافيت ضئيل جدًّا.

ثانيًا، الطاقة المطلوبة لتحويل الألماس إلى غرافيت كبيرة.

بعبارة أخرى، الطاقة المطلوبة لإخراج الألماس من البئر إلى أسفل الوادي، حيث ستتحول إلى غرافيت، كبيرة جدًّا.

حاول الكيميائيون والجيولوجيون في الماضي أن يحولوا الألماس إلى غرافيت. وجدوا أنه عند ضغط الألماس بواسطة إندينتر -أداة مدببة تُستخدم لنكز الألماس- يتحول سطح الألماس الملامس إلى غرافيت.

إذا كنت لا تحب سحق الألماس، فقد وجد العلماء أيضًا أن الضغط المنخفض ودرجات الحرارة العالية جدًا -من 1500 إلى 1900 درجة مئوية- يفيان بالغرض. ويمكن تسريع العملية بإضافة الحديد إلى المزيج، ما يُسمى الغَرْفَتَة.

ومع ذلك، لا تُطبق ضغطًا عاليًا على الألماس إذا كنت تريد تحويله إلى غرافيت. فالألماس أكثر استقرارًا من الغرافيت تحت ضغط عال، وهي الظروف التي يتشكل تحتها الألماس في وشاح الأرض، وحتى على بعض الكويكبات. لكن في ظروف محددة، قد يتحول الألماس إلى غرافيت حتى تحت ضغط عال.

إلى متى يدوم الألماس؟

بناءً على ما سبق، على الأرجح يدوم الألماس في خاتم خطبتك أو تاج ملكة إنجلترا إلى الأبد.

لكن إذا كنت تستخدم الألماس أداةً لقص الأشياء أو طحنها، خاصةً تلك المصنوعة من الحديد، عليك أن تعيد النظر في ذلك.

قد يسخن جزء الألماس الملامس للحديد -أو أي شيء آخر يقصّه الألماس- إلى درجة كافية ليتحول إلى غرافيت. حتى لو تحولت قطع صغيرة فقط من الألماس إلى غرافيت في كل مرة تقص بها شيئًا ما، سيتحول الألماس في نهاية المطاف كليًّا إلى غرافيت.

يمكنك ببساطة حرق الألماس بتركيز ضوء الشمس عليه بواسطة عدسة مكبرة. وهو ما فعله العالمان جيسبي أفيراني وشيبيريانو تارجوني من فلورنسا سنة 1694. ليشاهدا اختفاء الحجر أمام أعينهم.