أجبرت جائحة كورونا البالغين والأطفال على البقاء في بيوتهم والعمل على حواسيبهم وهواتفهم الذكية في المنزل، إذ أدى التعليم المدرسي من المنزل إلى استخدام غير متوقع للإنترنت وكذلك ألعاب الفيديو، لذلك عملت كل من شبكة نتفلكس ويوتيوب على خفض جودة البث في أوروبا لمنع التحميل الزائد على الإنترنت، حيث صرحت قناة سي إن إن في العشرين من مارس أن هذه التغيرات جاءت بعد أن طالب مسؤولو الاتحاد الأوروبي من شبكات البث والمستخدمين أيضًا التوقف عن استخدام الفيديوهات عالية الدقة لحماية الإنترنت من الانقطاع.
هذا يجعلنا نتساءل، مع وجود الجميع في المنزل، واستخدام كميات هائلة من البيانات على الإنترنت، هل يؤدي ذلك إلى توقف الإنترنت فجأة؟
لا داعي للقلق، يقول أحد خبراء التكنولوجيا، إن انقطاع الإنترنت أمر ممكن لكن غير مرجح حدوثه، إذ يمكن للهجمات الإلكترونية وقطع الكابلات التي تحمل كميات هائلة من البيانات تحت البحر أن تؤدي إلى قطع الإنترنت أكثر من الاستخدام الحاد له.
يقول بول ليفنسون، أستاذ الاتصالات والدراسات الإعلامية في جامعة فوردهام: «لا يوجد شيء محصن من الانقطاع وحتى الإنترنت نفسه، إذ يقوم الإنترنت بالتكرار والنسخ الاحتياطي في أنظمته، ورغم أن انقطاع تطبيق أو نظام واحد معرض للانهيار، إلا أن انهيار المنظومة كاملة أمر مستبعد حدوثه، نظرًا لأن الكثير ممن يعملون على الإنترنِت في المنزل هم موجودون بالفعل قبل هذه الأزمة».
ويقول كبير مسؤولي شركة أوكلا للتكنولوجيا لوك ديركس: «إن المشكلة الحقيقية ليست البنية التحتية للإنترنت بل الأعداد المتزايدة للمستخدمين الذين يتشاركون شبكة الواي فاي نفسها، مثل أفراد العائلة إذ تقوم شركته بتحليل أنماط حركة الإنترنت».
لذلك توفر شركته برامج من أجل اختبار سرعة الإنترنت للأشخاص الراغبون في معرفة سبب سرعة أو بطء اتصالهم عبر الإنترنت.
اكتشفت شركة أوكلا تباطؤًا ملحوظًا في سرعة الإنترنت في بدايات شهر مارس، في كل من نيويورك وكاليفورنيا على وجه التحديد، حيث انتشر فيروس كورونا بسرعة كبيرة، وطبق نظام الحجر الصحي المنزلي، وشهدت دول أخرى عانت من تفشي الفيروس فيها في وقت مبكر مثل إيطاليا والصين انخفاضًا ملحوظًا بسرعة الإنترنت إلا أن الصين وبسبب الحالات القليلة المعلن عنها كانت في أفضل حال.
شهد مزودو خدمات الإنترنت تحولًا كبيرًا في الطلب على خدماتهم، وفقًا لشركة كلاودفلر، وهي شركة مختصة بأمن الويب، كان أعلى طلب على الإنترنت حوالي السابعة والنصف مساءً، حيث تكون العائلات قد استقرت في روتينها الليلي والذي يتضمن مشاهدة قنوات البث الإلكتروني، لكن الآن سجلت حالات الذروة لاستخدام الإنترنت قرابة الحادية عشر والنصف صباحًا، ويستمر لفترة أطول من المعتاد، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على تغير أنماط الحياة.
ويضيف ديركس: «في وقتنا الحاضر وعلى الرغم من كل ما حدث، فإن خلاصة القول هي أن شبكات الإنترنت هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يصمد أمام تلك الجائحة ولكن هذا ليس بالضرورة أن ينطبق على تطبيقات الإنترنت الفردية ومواقع الويب».
ويقول أيضًا: «إلى جانب مزودي خدمات الإنترنت، هناك المنصات الخدمية أيضًا، لذلك وإن كان مزود خدمة الإنترنت يعمل بشكل جيد، إلا أن شبكات مثل نتفلكس وزوم قد تواجه صعوبة في تحمل العدد المتزايد لمستخدميها، وربما لا يملكون خوادم كافية للتعامل مع هذه الأعداد المتزايدة».
شهدت خدمات الاجتماعات لعقد المؤتمرات عبر الفيديو والتعلم عن بعد وبعض وسائل الترفيه تباطؤًا ملحوظًا ومتقطعًا في البث عبر الإنترنت، إذ توقفت أدوات التداول في السوق المالية عن العمل بشكل متكرر وانخفض سوق الأسهم بسرعة في أوائل مارس، والآن يواجه فيسبوك صعوبة كبيرة في التعامل مع الأعداد الهائلة والمتزايدة لمستخدميه، إذ يعمل الخمس وأربعون ألف موظف للمرة الأولى في عهد الفيسبوك.
منع الاستخدام المفرط للإنترنت
يمكنك مراقبة التباطؤ في الإنترنت وانقطاع الخدمات المختلفة من خلال البحث في موقع داون دكتر (موقع مختص بنشر تقارير حول انقطاع خدمة الإنترنت وتعطلها)، حيث كانت لعبة الفيديو كول أوف ديوتي وخدمة مؤتمرات الفيديو زوم وخدمة توصيل الطعام دورداش تعاني جميعها من مشاكل بشكل مستمر، وهو ما يعكس حقيقة الأحداث الجارية.
تعمل شركات الاتصال بجد لمنع حدوث الانقطاع في الإنترنت، وإن أفضل طريقة لتفادي الانقطاع حسب ما يقول ليفنسون ديركس ليس الاستخدام المحدود للإنترنت، بل التأكد من أن الأنظمة قوية ومتينة، وعمل نسخ احتياطية لها، لذلك تقوم فرق هندسية في جميع أنحاء العالم بتوسيع البنية التحتية لشبكتها الأساسية لتتحمل الحجم المتزايد للمستخدمين.
يقول ديركس: «نحن نشهد تحولًا لا مثيل له في السلوك البشري، ليس باتجاه الإنترنت فقط، وأعتقد أن الإنترنت أصبح جزءًا مهمًا في حياتنا اليومية ويمكنك أن تلاحظ ذلك بنفسك، وإنه لمن المثير أيضًا أن نكون جزءًا منه».
إذا استمرت الجائحة لمدة ثمانية عشر شهرًا أو أكثر وهذا ما يتوقعه بعض الخبراء، فستكون خدمات الإنترنت حاسمة لكل جانب من جوانب حياتنا، في المقابل، يمكن أن ينتج عن هذا السيناريو ما يسمى بالفجوة الرقمية في أمريكا، وهو مصطلح يستخدم لوصف حقيقة أن العديد من الأمريكيين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى خدمة الإنترنت عالي السرعة.
وفقًا لمركز بيو للأبحاث، بالنسبة لهؤلاء المواطنين المغلوب على أمرهم، سيكون من الصعب لهم متابعة تعليمهم وعملهم وأساسيات الحياة الأخرى، وهذا ينطبق على الأمريكيين الذين يتقاضون أقل من ثلاثون ألف دولار أمريكي سنويًا، إذ أن حوالي ثلثهم لا يملكون هواتف ذكية، وما يقارب نصفهم لا يتمتعون بخدمات إنترنت سريعة نسبيًا، أو حتى حاسوب مكتبي عادي.
اقرأ أيضًا:
كيف يمكن تسخير الأجهزة الذكية في مواجهة جائحة كورونا؟
ترجمة: بلال الابراهيم
تدقيق: سلمى توفيق
مراجعة: صهيب الأغبري