هل نحن أمام بوابة تربط النموذج القياسي بالفيزياء النظرية؟
طرح الفيزيائيون النظريون فرضية جديدة تهدف إلى ربط عالم الفيزياء المرئية بالقوى الخفية لكوننا: ماذا لو كانت هناك بوابة تسد الفجوة بين النموذج القياسي للمادة المظلمة والطاقة المظلمة؟
والفكرة هي أن سبب كفاحنا لفهم أشياء مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة ليس بسبب عدم وجودها، بل هو بسبب أننا كنا غافلين عن البوابة التي من خلالها تتفاعل الجسيمات العادية وهذه «الجسيمات المظلمة». وهذا شيء يمكن اختباره تجريبيًا.
قد تبدو فكرة البوابات في الكون مجنونة جدًا، ولكن دعونا نكون واضحين لثانية: نحن نتحدث عن بوابات الكم، مقياس دقيق صغير جدًا هنا، وشيء لايمكنك دفع مركبة فضائية من خلاله.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استكشاف هذه الأنواع من البوابات في عالم الفيزيائيين النظريين.
هذا المفهوم موجود لأن هناك فجوة كبيرة في الفيزياء بين ما يمكن أن يشار إليه بـ«الفيزياء المرئية» -وهي الأشياء التي يمكننا قياسها والكشف عنها مباشرة، مثل الكهرومغناطيسية والفوتونات- و«الفيزياء المظلمة» -والتي تتكون من أشياء يمكننا الشعور بأثرها ولكن لا يمكننا فعلًا التفاعل معها-، مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة.
البوابات هي محاولتنا لشرح كيف يتفاعل هذان العالمان المنفصلان -على ما يبدو- لتشكيل الكون الذي نعيش فيه.
ويتوقف الجانب المرئي للفيزياء على سبعة عشر نوعًا مفهرسًا من الجسيمات التي تشكل النموذج القياسي، بما في ذلك الإلكترونات والفوتونات وبوزون هيغز.
ولكن لسوء الحظ، فإن النموذج القياسي لا يمكنه تفسير كل ما نراه مما يحدث في الكون. والأهم من ذلك، أنه لا يمكنه أن يفسر الجاذبية أو معدل توسع الكون.
وقد أدى ذلك إلى اقتراح القوى الافتراضية للمادة المظلمة والطاقة المظلمة -والتي من المتوقع أن تشكل 95 في المئة من الكون-. هناك مشكلة واحدة فقط: ما من أحد يقدر على رؤية أو اكتشاف أي من هذه القوى.
وقد اقتُرِحَ أن تكون هناك جزيئات مظلمة خفية تشكل المادة المظلمة والطاقة المظلمة التي تكون أدواتنا غير قادرة على اكتشافها، وهو شيء تعمل عليه تجارب مثل مصادم الهادرونات الكبير، وذلك عن طريق تحطيم جزيئات منتظمة معًا على أمل إيجاد شيء من هذا القطاع المظلم من الفيزياء في الحطام.
ولكن إلى الآن، فاجأنا عالم الفيزياء المظلمة. وهذا يترك فجوة كبيرة يتطلع الباحثون إلى ملئها لاستكمال فهمنا للكون.
الآن، تم طرح حل محتمل. ووفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون من معهد العلوم الأساسية في كوريا الجنوبية، يمكن سد الفجوة من خلال نوع جديد من البوابة، والمعروفة باسم «بوابة محور الظلام».
البوابات بين العالمين المظلم والمرئي للفيزياء هي بالفعل شيء يدرسه الفيزيائيون النظريون، ولكن حتى الآن، لم يكن هناك سوى نوعان من البوابات المطروحة: بوابات المتجهات وبوابات المحاور.
وتستند هذه البوابات على اثنين من جسيمات القطاع المظلم الافتراضية التي يتوقع الباحثون احتمالية وجودها: المحور والفوتون الداكن.
ويُعتقد أن المحور هو الجسيم الخفيف جدًا الذي تم اقتراحه لحل بعض المشاكل النظرية مع النموذج القياسي. الفوتون المظلم هو مثل نسخة مظلمة من الفوتونات (جزيئات الضوء المرئي).
ولكن بدلًا من التفاعل مع الشحنة الكهرومغناطيسية مثل الفوتونات العادية، فإن الفوتونات المظلمة سترتبط أيضًا بما يسمى الشحنة الداكنة، والتي قد تحملها جسيمات أخرى مظلمة في القطاع.
في الماضي، استُخدمت بوابات المحاور والمتجهات تجريبيًا في محاولة للعثور على دليل على هذين الجسيمين، ولكن يقترح الفريق أن بوابتهم المحورية المظلمة يمكن أن تكون القطعة المفقودة من اللغز.
الفكرة الأساسية خلف البوابة الجديدة هي أن نوعًا من الكوارك الثقيل قد يكون موجودًا في النموذج القياسي الذي يحمل أيضًا شحنة مظلمة -مما يعني أنه يمكن أن يرتبطوا بالفوتونات الداكنة-.
كما يقترح الفريق، من خلال هذا الكوارك الثقيل يمكن أن تتفاعل كل من المحاور والفوتونات والفوتونات المظلمة، كما ترون أدناه:
يقول الباحث الرئيسي (لي هاي سونغ-LEE Hye-Sung): «إن البوابة المحورية المظلمة تقترح أول صلة ذات مغزى بين الفيزيائيتين، وقد تم دراستها بشكل منفصل: فهي تربط النقاط، هذا سوف يسمح بإعادة تفسير البيانات السابقة، وربما تحقيق انطلاقة في أبحاث المحور والفوتون المظلم».
لقد طرح الفريق حتى الآن فكرة البوابة وأوضح كيف يمكن أن تعمل، ولكنهم يقترحون الآن تجارب جديدة يمكن أن تستخدم في الواقع البوابة لاختبار ما إذا كانت المحاور والفوتونات المظلمة موجودة فعلًا مَرّةً، وإلى الأبَد.
إنها فكرة جريئة جدًا، ولن يكون لدينا مؤشر على ما ستبدو عليه إلى أن يتم اختبارها أبعد من ذلك.
ولكن إلى أن نتمكن من العثور على طريقة للكشف عن القطاع المظلم للفيزياء، نحن نرى فقط نصف صورة الكون، لذلك يحتاج العلماء للاستمرار في طرح هذه الأفكار حتى نحصل على نتيجة.
ونحن نتطلع لرؤية ما يتلاءم مع الفكرة التالية.
ترجمة : ساره جمال
تدقيق: سارة عمّار
