تعد عملية تكبير الثدي من أكثر العمليات الجراحية شيوعًا في الولايات المتحدة ومع ذلك إنها ليست بالمسألة السهلة؛ إذ تتطلب هذه الحشوات الصناعية المزروعة صيانة ومتابعة مدى الحياة، وارتبطت بعض أنواعها أيضًا بمجموعة من الآثار الجانبية المنتظمة المثيرة للقلق والمعروفة إجمالا باسم «اعتلال الثدي المزروع».
لحسن الحظ تبدو هذه المتلازمة سهلة الشفاء حسب الدراسات الأولية على الأقل، إذ أظهر بحث جديد تحسنًا كبيرًا ومستدامًا بعد إزالة الحشوات -السيليكونية أو الملحية- في الحالات التي تعاني أكثر 12 عرضًا شيوعًا لاعتلال الثدي المزروع.
ما يزال اعتلال الثدي المزروع حتى اليوم غير معرَّف بوضوح وبالكاد نفهمه، مع أن أول زراعة لهذه الحشوات كانت منذ 60 عامًا تقريبًا. ومن المثير للدهشة أنه في العقود الثلاثة الأولى لظهور تلك الجراحة لم تُجرَ أي تجربة سريرية بشأنها مطلقًا.
في العقود التي تلت ذلك، ربط العلماء هذه الحشوات بخطورة أعلى للإصابة بسرطان نادر للجهاز المناعي والتفاعلات الالتهابية، خاصة النساء اللواتي لديهن تاريخ عائلي لأمراض المناعة الذاتية. وفي الوقت نفسه اشتكت آلاف المريضات بعد الزرع من الإرهاق وتشوش الدماغ ومشاكل أخرى.
أظهرت دراسات سابقة أن إزالة هذه الحشوات قد يُحسن المتلازمة عمومًا، ولكن هذه الدراسة هي الأولى التي تبحث في كيفية تغير بعض الأعراض الخاصة قبل إزالة الحشوات وبعدها. ومع أنها لا تستعرض السبب والتأثير بالتحديد، فهي توفر المزيد من الأدلة على أن إزالة الحشوات المزروعة مرتبطة بطريقة ما بأعراض اعتلال الثدي المزروع.
فحص تحليل الآثار الرجعية 750 مريضة أزيلت حشوات أثدائهن المزروعة بالكامل في غضون عامين بواسطة نفس الجراح.
وفي ضوء مراقبة الأعراض قبل إزالة الحشوات وبعدها، وثّق الباحثون أدلة واضحة على تحسن 11 من الأعراض الشائعة بعد الإزالة في غضون ثلاثين يومًا من إزالة الحشوة، ومن تلك الأعراض: آلام الثدي، وفقدان الشعر، وتهيج الجلد، ومشاكل التنفس، ومشاكل الذاكرة، والأوجاع والآلام.
من المؤكد أن هذا لا يفسر كيف لهذه الأجسام الغريبة أن تثير العديد من أعراض اعتلال الثدي المزروع، ولكن توجد فرضيات تشير إلى أن السيليكون المستخدَم في الزراعة قد يسبب التهابًا شديدًا.
ولا يقتصر الخطر على تمزق هذه الحشوات وتسرب ما بداخلها إلى الجسم وحتى إلى الجهاز اللمفاوي فحسب، بل قد تتداخل أيضًا مع التصوير الشعاعي للثدي، أو تسبب تصلب الثدي، أو تعطل جهاز المناعة.
كتب الباحثون: «أظهرت الدراسة ارتباطًا وثيقًا بين إزالة الحشوة المزروعة وتحسن الأعراض الخاصة لدى مرضى الدراسة». وأضافوا: «ستكشف الأبحاث مستقبلاً عن الظواهر البيولوجية المحتملة لتوصيف الفيزيولوجيا المرضية لاعتلال الثدي المزروع وآلية حدوثه بشكل أفضل».
من المثير للاهتمام مثلًا أن الدراسة وجدت اختلافًا طفيفًا في تخفيف الأعراض بعد إزالة حشوات السيليكون أو حشوات محلول الملح، أي ساعد إزالة أي منهما على تخفيف أعراض اعتلال الثدي المزروع، وربما يرجع سبب ذلك إلى أن أغلفة العديد من حشوات محلول الملح تحتوي أيضًا على السيليكون.
إضافة إلى ذلك، حققت المريضات اللواتي عانين انكماشًا بالكبسولة –ضيق بالصدر يمكن أن يسبب آلام الثدي وآلام العضلات وصعوبة التنفس– أفضل النتائج بعد إزالة الحشوات. وهذا يدعم فكرة أن الجهاز المناعي يتأثر بهذه الحشوات بطريقة ما.
ولكن ما زال هناك الكثير مما لا نعرفه أو لا يمكننا الجزم به، إذ استندت هذه الدراسة إلى أكثر أعراض اعتلال الثدي المزروع شيوعًا فقط، وقد يكون اختيار المريضات المشاركات متحيزًا تجاه اللواتي يعانين مشكلات أكثر خطورة مع حشواتهن.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت المريضات في هذه الدراسة عن ظروفهن المسبقة وشدة أعراضها، وبذلك تُركت البيانات مفتوحة للنقد على أساس تحيز التذكر والذاتية الشخصية.
ومع ذلك تعتبر هذه النتائج نقطة انطلاق رائعة، ويشير الباحثون المؤلفون إلى الحاجة إلى متابعة طويلة الأجل للواتي يقررن التخلص من حشواتهن المزروعة.
ومن الأسباب التي تجعل دراسة حشوات الثدي صعبة ازدياد أنواع الحشوات المختلفة في السوق التي يبدو أن بعضها يسبب مخاطر أكبر من غيرها.
لفترة من الوقت أوقفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) زرع حشوات جل السيليكون التجميلي تمامًا وسمحت بها فقط لمريضات ترميم الثدي الراغبات في المشاركة في الأبحاث. أما اليوم عادت تلك الجراحة مرة أخرى لأغراض تجميلية في الغالب، لكنها مهمة أيضًا لمريضات السرطان والإناث المتحولات جنسيًا.
في العام الماضي بعد أن أجبرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية العديد من الشركات على سحب حشواتها، أوصت المصنعين باستخدام تحذير مطبوع على الغلاف لإعلام المرضى بأن هذه الحشوات ليست لمدى الحياة وأن المضاعفات قد تزداد بمرور الوقت. هذا الاقتراح ليس ملزمًا قانونيًا، ومدى تأثيره ليس واضحًا.
اقرأ أيضًا:
هل هناك علاقة بين عمليات تكبير الثدي و الاصابة بالسرطان ؟
ترجمة: أحمد سعد ماضي
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: رزان حميدة